الصراع في لبنان تحول من الجبهة السورية الى حرب مستقلة
سارعوا أمس في مدينة بعلبك اللبنانية القريبة من الحدود السورية الى إنكار أن يكون أحد ما من أبناء ذلك المكان مشاركا في اغتيال حسان اللقيس. فقد صرح المفتي حسن صلح الذي ندد بالاغتيال واتهم بتنفيذه “مُدبري الحرب الأهلية” بأنه “لا توجد هنا منظمات ارهاب”.
لكنه حدثت قبل شهرين فقط في المدينة صدامات عنيفة بين رجال حزب الله ومواطنين سنيين احتجوا على الحواجز التي تستعملها المنظمة عند مدخل المدينة. وبسبب الصدامات افتتحت منظمة تسمى “أحرار السنة في بعلبك” تحملت المسؤولية أمس عن الاغتيال، حساب تويتر حذرت فيه حزب الله من انتقامها. ودعت المنظمة بعد ذلك “الى تطهير لبنان من حزب الله” – مُثنية على العملية التفجيرية التي وجهت على السفارة الايرانية في بيروت. إن من يتابع المنظمات الكثيرة التي تعمل في لبنان يعرف هذه المنظمة التي بدأ “ظهورها” المعلن في وقت قريب من الأحداث في بعلبك.
لا نستطيع أن نعلم هل المنظمة هي التي اغتالت اللقيس حقا. وفي مقابل ذلك لا ينبغي أن نسارع الى توجيع إصبع الاتهام الى اسرائيل لأن تدخل حزب الله في سوريا أثار عليه طائفة من المعارضين والخصوم في داخل لبنان. ويعمل عدد منهم كالشيخ السلفي أحمد الأسير بصورة فردية ولا يمثلون حركات سياسية. ويقوم آخرون بمعارك ضواحي وأحياء كسكان باب التبانة السنيين الذين يحاربون حي جبل محسن الشيعي في مدينة طرابلس. وتعمل الى جانب السكان السنيين منظمات تابعة للقاعدة جعلت هدفها المس بحزب الله الذي يحارب أناسها في سوريا.
إن هذه الصدامات جعلت لبنان ساحة معارك ثانوية لسوريا، وهي تُعرض حزب الله لتحدٍ لم يعرفه في الماضي. فليس فقط أن منظمات لبنانية واجنبية تنجح في أن تبني لنفسها جيوبا مسلحة لا ينجح هو في السيطرة عليها، بل تتمتع تلك المنظمات ايضا بأجهزة استخبارات تُمكنها من تنفيذ عمليات نوعية تحت أنفه.
تحمل حزب الله في الاسابيع الاخيرة بين 200 قتيل الى 500 قتيل في سوريا، وأُصيب بعض مستودعات طوارئه هناك بقصف نُسب الى اسرائيل. وتنتظر المنظمة كالأسد قمة جنيف الثانية في كانون الثاني آملة احراز وقف اطلاق نار يُمكنها من اعادة أكثر قواتها من سوريا كي تستطيع أن تعيد بناء قوتها في لبنان وعلاج أعدائها في الداخل.
إن الاتفاق الذري بين طهران والقوى العظمى، واحتمال أن تشارك ايران في قمة جنيف وتؤثر في نتائجها، هو في مصلحة حزب الله لأن ايران بمكانتها الجديدة تعزز احتمال بقاء الاسد في الحكم في الفترة الانتقالية على الأقل. ويُسهم في ذلك ايضا تغيير تركيا لتوجهها وهي التي أعلنت أنها تتفق مع طهران على الحل في سوريا، والسياسة الامريكية الجديدة التي لا تسارع الى تدخل عسكري في سوريا.
يتبين من ذلك أن حزب الله يستطيع أن يتوقع أنه اذا استمرت المعارك في سوريا فان البنية السياسية فيها ستضمن وجود المحور الايراني السوري ومكانته هو نفسه. وفي الوقت نفسه اذا أُحرز وقف اطلاق نار في سوريا فان الصراعات في داخل لبنان قد تصبح لها حياتها الخاصة لأن الحساب الداخلي مع حزب الله قد تطور ليصبح صراعا طائفيا وسياسيا. إن هذا الصراع الذي كان يجري قبل الحرب في سوريا في قنوات سياسية جرى عليه تحول خطير بسبب التسلح الكثيف لمنظمات سنية في لبنان ومجيء مئات آلاف اللاجئين السوريين السنيين الى الدولة، ونشاط ناس القاعدة الظاهر. وقد تتحول هذه التوترات الى صراعات أكثر عنفا تهدد سلام لبنان.
( هآرتس 6/12/2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews