إصلاحات عميقة في بورصة المعادن في لندن

تخزين الألمنيوم في حاجة إلى حنكة ودهاء. وتستطيع شركة أمازون استخراج كتاب طلبَه أحد الزبائن من مستودعاتها خلال ساعتين. أما مستودع الألمنيوم، فيمكن أن يستغرق نحو سنتين ليُخرج لك بعض السبائك التي تريد سحبها.

ربما يكون السبب هو أن جميع السبائك تبدو متشابهة. أو ربما يجد بعض مالكي المستودعات أن الطوابير مجزية – لاحظ أن الذين يريدون شراء هذا المعدن الخفيف - عليهم أن يدفعوا إيجار تخزينه أثناء فترة الانتظار.

على ما يبدو، فإن بورصة المعادن في لندن تفضل التفسير الأخير. لذلك تعتزم وضع حدود لتخزين المعدن، وتتخذ صلاحيات تأديبية جديدة.

هذا الأمر لم يأت قبل أوانه. منذ سنوات ونحن نسمع الجدل يتصاعد حول موضوع المستودعات، وهو نتيجة "غرامة التأجيل" في الألمنيوم، حين تتجاوز الأسعارُ الآجلة الأسعارَ الفورية.

كان المستثمرون يراجحونه بين السعرين، حيث يشترون كميات كبيرة بأسعار فائدة رخيصة. دخلت بنوك مثل جيه بي مورجان وجولدمان ساكس في عمليات المستودعات، إلى جانب شركات السلع، مثل ترافيجورا وجلينكور.

معظم الألمنيوم الموجود في المستودعات، والذي يجري تداوله في بورصة لندن يُباع ويُشترى دون تحريك سبيكة واحدة. يتم الآن تسوية نحو أربعة ملايين طن سنوياً من خلال البيع الفعلي للمعدن، ولكن المشتري لا يعلم ما إذا كان المعدن الذي يشتريه موجوداً في مستودع ليس فيه أي طابور، أم أنه مُخَزَّن في مستودع فيه طابور يصل إلى نهاية الشارع. بعض مالكي المستودعات المتأخرين يعرضون، خدمة لأنفسهم، حوافز للبائعين لإيداع المعدن في مستودعاتهم.

ارتفاع الرسوم التي تتقاضاها المستودعات يعني أن معدن بورصة لندن المسَلَّم فعلياً يكلف الآن 12 في المائة زيادة على سعر العقد. هذا أمر مسيء للشفافية. ومن الممكن أن يكون قد رفع الأسعار في التداولات الضخمة التي تجري خارج البورصات الرسمية.

بورصة المعادن في لندن، في ظل رئيسها الجديد جاري جونز، تستحق الثناء على الكشف عن هذه التعاملات المريبة. هناك منطق في خطة البورصة بإكراه المستودعات التي توجد عليها فترة انتظار تزيد على 50 يوماً أن تخفف من مخزونها. لكن هذا الإجراء بطيء فوق الحد في نتائجه، وينبغي أن تلقي الأجهزة التنظيمية نظرة أعمق على الرجال الذين يتحكمون بسرعة في الرافعات الشوكية.

شركة راندجولد المتينة

الاستخراج الناجح للذهب عملية في غاية السهولة، على النحو الذي يرويه مارك بريستو، الرئيس التنفيذي لشركة راندجولد للموارد. كل ما عليك أن تفعله هو التعويض عن أسعار الذهب الرخيصة، أن تستخرج المزيد منه بتكلفة أقل. بهذه الطريقة، تستطيع أن تبعث السعادة في السوق بزيادة 110 في المائة من الأرباح السنوية لتصل إلى 126 مليون جنيه.

تبذل شركات التعدين الأصغر قصارى جهدها لاقتفاء مثال شركة راندجولد. هوت أسعار أسهمها بقوة، حتى في الوقت الذي تقلبت فيه أسعار الذهب استجابة للعلامات المتباينة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخصوص التسهيل الكمي. لكن سهم شركة راندجولد تراجع عن سعر المعدن بهامش أقل.

قفزت أسهم هذه الشركة المدرجة في مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بنسبة 6 في المائة. يقول بريستو إن أرقام الربع الثالي كانت منسجمة مع توقعات الأرباح التي أعلنتها الشركة، ولكن المساهمين لم يصدّقونه إلا حين أخرج لهم المال. أكبر مكسب للشركة كان عبارة عن تحسن العوائد في مجمعها الرئيسي للتعدين في مالي، من 3.7 إلى 4.9 جرام للطن. وتراجعت التكلفة النقدية للإنتاج بنسبة 23 في المائة.

العلاوة التي تمتعت بها أسهم الشركة دالة على مهارتها في إدارة صعوبات التشغيل في البلدان الإفريقية، التي تعاني الفوضى، بالتالي فإن المخاطر عالية للغاية.

يستطيع بريستو أن يتفادى الرصاصات ويبعد الأفاعي. لكن إلى أي مدى يستطيع أن يقاوم إغراء بيت مريح للتقاعد في ويرثينج؟ هناك ما يبعث على الراحة بالنسبة لعمره، فهو لا يزال فقط في الرابعة والخمسين من العمر.

«رايت موف» سعر خاطئ

الموقع هو الأهم. في هذه الحالة يمكن رفع سعر العقارات فوق اللازم. نرى على موقع العقارات لشركة رايت موف سوق العقارات السكنية التي تعتمد عليها. صدر بيان عن التداولات، كان يكثر من التغني وأطنب في مديح زيادة 30 في المائة في عدد مشاهدة صفحات الموقع وقفزة بنسبة 80 في المائة، في الاستفسارات الناتجة عن إعلانات عن الشقق السكنية.

شركات المواقع الاجتماعية الناشئة تستخدم مؤشرات ومقاييس رخوة من أجل الحصول على الأموال. الأرقام المتينة التي أوردتها "رايت موف" كانت وسطاً بين ذلك، خصوصاً الارتفاع بنسبة 2 في المائة في عدد العقارات التي أُعلِن عنها على الموقع.

أسهم الشركة، التي ارتفعت بنسبة 570 في المائة منذ تعويمها في 2006، يجري تداولها على مضاعف آجل بـ 30 مرة. هذا كثير بالنسبة لشركة لا تتمتع بفتح تكنولوجي مهم.

علينا أن نعترف بأن "رايت موف" تتمتع بوضع سوقي تحسَد عليه باعتبارها الموقع الإلكتروني المهيمن للعقارات في بريطانيا. لكن الضغوط التنافسية لا بد منها حين يكون لدى الشركة هامش ربحي كامن بنحو 70 في المائة، وفقاً لمؤسسة ستاندارد آند بورز S&P Capital IQ. يعتزم وكالاء العقارات إطلاق موقعهم الخاص بهم، ما يؤدي إلى التخلص من الوسيط الراغب في تحصيل العمولة "أليس في هذا ما يدعو إلى المفارقة؟".

الموقع المستقل "زوبلا" الذي يأتي في المرتبة الثانية، يفكر في إدراج نفسه في البورصة، وبالتالي فإن حصوله على التمويل يعتبر نذيراً بحرب لاجتذاب العيون، تكون ساحتها هي الإعلانات التلفزيونية.

ينبغي أن يبحث المساهمون عن قيمة أفضل في أماكن أخرى، كما يفعل مشترو المساكن الاقتصادية، بعد مشاهدة إعلان عن شقة تتألف من ثلاث غرف نوم تم "تحديثها"، بإضافة أضواء خافتة وطلاء فارو آند بول، بألوان ذات خلفية تاريخية عريقة.

( فايننشال تايمز 15/11/2013 )