الأردن: تآكل في حراك الأسعار… الأمن «ناعم» ويحتوي المعترضين خلف الستارة
جي بي سي نيوز:- ترفع الحكومة الأردنية مجدداً سعر المحروقات وفقًا لبرنامجها الشهري المعلن ودون أدنى حساب سياسي في الوقت الذي يتوعد فيه المعترضون على ارتفاع الأسعار مجدداً وفي مدينة السلط وعبر بيان لهم بالتجمع مجدداً في ساحة محددة الاثنين. يحاول النشطاء اصحاب الصوت المرتفع في مدينة السلط تحديداً التنويع في خيارات الاعتراض ما بين خطابات وتجمعات واعتصامات وفي بعض الأحيان مسيرات دون الإلتزام باي يوم محدد من ايام الاسبوع.
وفي الاسبوعين الماضيين إنحسرت موجة الاعتراض في مدينة الكرك جنوبي البلاد وتوارت عن الأنظار تلك الهتافات التي تطلق عبارات جارحة وقوية وتم إطلاق سراح إثنيين من أصحاب الهتافات المرتفعة بعد التعهد بوقف إختراق الخطوط الحمراء. الاتصالات تجري مع اقارب المعتقلين وعشائرهم والترتيبات تتم بصمت منعاً لأي إحراج مع بقاء القضايا المقامة مفتوحة في حال العودة لمحاولة ثقب السقف في الشارع.
يساهم التكتيك الذي تدار عبره آلية الاعتقالات في ضبط التصريحات والخطابات التي تخرق الخط الأحمر كلما حصل الامر لكنها لا تظهر امام الرأي العام اعتقالات خشنة او إنتقامية في الوقت نفسه. وخفت كثيراً حدة الاعتراض على ارتفاع الأسعار في الكرك وبقيت تحافظ على نفسها في السلط وعمان العاصمة وبكل قواها السياسية والشعبية لا تزال غير معنية بالأمر وبدا واضحاً ان المؤسسات الأمنية تعالج بمهنية وهدوء تام الاختراقات التي تحصل للخط الأحمر.
ومن المرجح ان معاقل الكثافة الخاصة بالتيار الإسلامي في عمان ومدينة مثل الزرقاء لا تبدو مهتمة بتنشيط التجمع على أساس الأسعار والضرائب ليس فقط بسبب ادراك عدم فعالية الاعتراض هنا مسبقاً ولكن ايضا بسبب عدم الثقة بمناخ محركي التظاهرات والخوف مما هو اعمق وابعد من المسألة الاقتصادية ببعدها التسعيري.
التكتيك الامني في التعاطي مع اي مخالفات للقانون او دعوات للتحريض خلال اعتصامات وفعاليات الاعتراض على الأسعار ناعم الملمس تماماً ويخلو من الاستعراض كما كان يحصل في الماضي ويتفاعل خلف الستارة ويعالج المشكلات بذكاء وبدون صدام وبعيداً تماماً عن تمكين بعض النشطاء من تحقيق مصالح الاجندات السياسية أو الحزبية أو حتى الشخصية في بعض الأحيان.
ونجح التكتيك في الاحتواء في مواقع عدة حيث صمت موقوفون ومعتقلون كبار افرج عنهم ولم يظهروا مجدداً وحيث صدرت اعتذارات عشائرية تتبرأ من بعض الخطابات وحيث تراجع بعض النشطاء وبينهم نائب سابق تماما وبصورة مباشرة عن مضمون خطاب متشدد .
في كل الأحوال لا يوجد مبرر «أمني» أصلاً للصدام مع الحراك الشعبي المناهض للخطة الاقتصادية لحكومة الرئيس هاني الملقي خصوصا في نسختها «المعدلة» الأخيرة حيث نشاط ملموس وواضح لنائب الرئيس جمال الصرايره في الجانب الاجتماعي تحديداً. لكن المؤسسة الأمنية تتولى إدارة التعامل الإحترافي مع ما يحصل في الشارع وما يرتفع من خطابات وهتافات وتوفر مظلة تحمي الحكومة في أكثر من موقع حيوي في الوقت الذي لا تقدم فيه الحكومة المزيد من الشروحات وتواصل عملية رفع الأسعار سواء على صعيد المحروقات أو غيرها ودون اي خطط للإحتواء وعلى اساس ان الرئيس الملقي وعد الأردنيين بتلمس آثار النمو الاقتصادي الصيف المقبل وطلب منهم التحمل والصبر إلى ذلك الوقت.
الأهم ان الحكومة تصر على ان سياساتها الضريبة المتخذة والمقررة في إطار منهجية إقتصادية لن تؤدي إلى أي انخفاض في الواردات على الخزينة جراء الإنكماش الاقتصادي والتجاري وارتفاع نسبة التضخم حيث اعلنت وزارة المالية انها لن تتراجع عن ضرائب السيارات رغم كل ما يقال حول تراجع إيرادات الخزينة من ضرائب السيارات وانهيار عملية شراء وتسجيل سيارات جديدة خصوصاً من نوع الهايبرد. وفي الأثناء تصدر وتزيد تلك التقييمات والتقارير التي تتحدث عن إنكشاف قطاعات تجارية بأكملها جراء ارتفاع كلف الانتاج وأسعار البيع خصوصاً القطاع التجاري المعني بتجارة المواد الغذائية حيث مخاطر الانكماش التي حذر منها علناً نقيب التجار خليل الحاج توفيق.
وكذلك في القطاع الزراعي حيث ضريبة بنسبة 10 % على مدخلات الانتاج الزراعي ستؤدي لإخراج القطاع من السوق حسب الخبراء الزراعيين مع تأثيرات ملموسة في إطار القطاع السياحي لا يمكن إنكارها وأخرى لم تظهر بعد وان كانت ستظهر قريباً في قطاع الاتصالات. بسام بدارين - القدس العربي
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews