مأساة آرسين فينغر… نهاية رجل حكيم!
كنت متردداً في الشهور الأخيرة بحسم موقفي اتجاه مدرب أرسنال آرسين فينغر، فربما لكثيرين من القراء لم يعرفوا المدرب الفرنسي سوى انه عجوز له ماض جيد لكن حاضر مريع، لا مكان له في عالم كرة القدم الحالية، وربما هذه هي قناعة الآلاف من عشاق النادي اللندني، خصوصاً ان 82 % من أنصار النادي الانكليزي اقترعوا على ان الوقت حان للرحيل، وان الفريق بحاجة الى مدرب جديد.
الفكرة لا تتعلق بثماني سنوات عجاف، ولا باستمرار بيع النجوم، بل بالمستقبل وبمؤشرات التغيير التي قد تقود الجماهير الى التفاؤل… هل نحكم على فينغر من السنوات الثماني الاولى من الـ16 التي أمضاها مدرباً لارسنال، ام على السنوات الثماني الاخيرة؟
مشكلة فينغر انه في لحظة من اللحظات كان الأبرز في العالم، كان أسلوب لعب فريقه من الاكثر اثارة في العالم، كان النجوم الذين يجلبهم مغمورين الى ان يمثلوا الفريق فيصبحوا سوبر ستارز، كانت نظرته ثاقبة، وكان أسلوبه ثورياً وغير مسبوق في عالم اللعبة… لكن الأهم لعشاق ارسنال ان السنوات الثماني الاولى شهدت الفوز بثلاث بطولات دوري و4 كؤوس انكلترا مع موسم لا ينسى انهاه الفريق من دون أي هزيمة، لكن ماذا حصل الآن؟ هل كانت الجماهير ستصبر على فينغر لو أن الثماني السنوات الاولى هي التي كانت مخيبة؟
آرسين اعتقد ان عالم كرة القدم لا يتطور، مثلما اعتقد ان رؤيته الثاقبة للنجوم الواعدين لا تراهم سوى عينيه، لكن منذ 2005، آخر لقب لارسنال، تطورت اللعبة بشكل هائل، وبات الجميع يزاحم فينغر بأفكاره وسياساته وقدرته على اصطياد المواهب في حين ظل هو يراوح مكانه.
لا أحد يدري من يدير النادي، لكن لو كان فينغر غير راض على أسلوب ادارة النادي لما صبر كل هذا الوقت، والغريب ان الامر يبدو كأن فينغر يحمي ظهر ادارة النادي ورئيسه ستان كرونيكي ويتحمل كل الضغوطات من دون مقابل مرئي وملموس، فلا أحد من مجلس الادارة يخرج في أحلك الاوقات ليحمي ظهر فينغر.
خيبة بعد خيبة في كل المسابقات، خصوصاً ان الأمور تسوء موسماً بعد موسم، فخروج الفريق امام بلاكبيرن في كأس انكلترا، هو الاول للفريق تحت ادارة فينغر ان يخرج امام فريق لا يلعب في الدرجة الممتازة، مثلما الخسارة امام فريق درجة رابعة في كأس المحترفين هي سابقة، والتخلف في ملعبه بثلاثة أهداف في دوري الابطال أيضاً لم تكن لتحدث قبل سنوات، ومخطئ من بات يراهن على ان الحصول على المركز الرابع مضمون وبمثابة لقب رائع مثلما يعتقد فينغر.
المشكلة لم تكن بالتخلي عن النجوم وبيعهم، رغم ان رحيل فان بيرسي وسونغ وفابريغاس ونصري وكليشي لم تفد الفريق بل أذته، ولا المشكلة بصرف الاموال على نجوم جدد، لان ارسنال فعل ذلك، لكن بنوعية اللاعبين الجدد، فعندما كانت المطالبات بايجاد قلب مدافع قوي، جلب فينغر سكيلاشي، ومن بعده اعتمد على دجورو، واليوم يعتمد على الثقيل والبطيء ميرتيساكر، الذي هو احدى خيبات الفريق ونقاط ضعفه، فاللاعب الالماني اقنع فينغر بقدراته مثلما أقنعه اندريه سانتوس والشماخ ورامزي وأرشافين رغم اخفاقهم، فأبقاهم جزءاً من الفريق، مثلما اقتنع بان الحارس الشاب جيزني قادراً على مواجهة الكبار.
اذاً هي قناعة ذاتية من فينغر بقدرات اللاعبين، وهذا ما تغير عن السابق، ففي حين دفع فينغر 12 مليون جنيه لضم جيرفينيو ومن بعده 11 مليوناً لضم جيرو و10 ملايين لضم ميرتيساكر و11 مليوناً لبودولسكي، صرف نيوكاسل 15 مليوناً على 5 لاعبين واعدين، بينهم سيزوكو ومبيا وديبوشي وغفران، وجميعهم من عقر دار فينغر، فرنسا، التي من المفترض ان تكون علاقاته وقدرته على اصطياد مواهب تلك البلاد هي الافضل من بين مدربي الاندية الانكليزية… عشرات الملايين صرفها فينغر على مواهب عادية، في حين حصل سوانزي على هدافه ميشو بمليونين فقط، فيما حصل تشلسي على ديمبا با بسبعة ملايين من نيوكاسل الذي حصل على با مجاناً، وأيضاً حصل تشلسي على مدافعه الصلب كاهيل بسبعة ملايين.
لم أحسم أمري بعد، لانني أتمنى بقاء فينغر لكن مع تغيير جذري في سياساته وأهدافه وطموحاته، لانه اذا كان الهدف جني المال لدفع ديون بناء الاستاد الجديد، فان غالبية هذا المال سيتبخر بمجرد الفشل في التأهل الى التشامبيونز ليغ، واذا حصل هذا الفشل مرة فسيتكرر الاخفاق، لان من يتعود على المشاركة في دوري الابطال ستصعب زحزحته.
لا أرى سوى مأساة في أرسنال، ولا أشعر سوى بقرب نهاية رجل حكيم… لكنه فقد أعصابه وسيطرته مثلما شاهدنا في آخر مؤتمراته الصحفية. ( الامارات سبورت )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews