سيف الإسلام القذافي ليس الأول ولن يكون الأخير
بدأت مؤخرا جلسات محاكمة سيف الإسلام القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، و٣٨ من رموز النظام السابق من بينهم عبد الله السنوسي رئيس المخابرات ووزير الخارجية عبد العاطي العبيدي ومدير جهاز الأمن الخارجي أبو زيد دوردة..
والقضايا المتهم بها هؤلاء تشمل 4 آلاف صفحة اتهام و٤٠ ألف وثيقة وألف صفحة قرار، ومن بين هذه التهم : ارتكاب أعمال التقتيل الجزافي، النهب والتخريب وارتكاب أفعال غاياتها إثارة الحرب الأهلية في البلاد، تفتيت الوحدة الوطنية وتكوين عصابات مسلحة والاشتراك في القتل العمد وجلب وترويج المخدرات .
وكان سيف الإسلام قد رفض أن يتم نقله من سجنه في الزنتان إلى العاصمة طرابلس من أجل المحاكمة، وذلك بحسب مصادر، لأنه يخشى أن يتعرض للقتل أو الخطف من جماعات مجهولة انتقامآً منه على خلفية ما جرى خلال ثورة الشعب الليبي ضد نظام والده القذافي التي دعمها حلف الناتو في فبراير/ شباط ٢٠١١.
الصورة التي ظهر بها سيف الإسلام في وسائل الاعلام مؤخراً وهو في زي السجن الأزرق خلف القضبان في قفص الاتهام ومن حوله الحرس، ليست الصورة الأولى خلال العشر سنوات المنصرمة التي شهدنا خلالها محاكمات لرموز عربية سياسية وقيادية، بدءاً من محاكمة صدام حسين ورموز نظامه إلى حسني مبارك ونجليه وأعوانه وأخيراً سيف الإسلام القذافي ورموز النظام الليبي السابق..
ومع الاختلاف في خلفية المشهد إلا أن النتيجة واحدة وهي محاسبة رموز عربية سياسية دكتاتورية مستبدة فاسدة كنا نخشى حتى النظر إليها، فإذ بنا نراها في قفص الاتهام مُدانة بتهم تتعلق بالقتل والتخريب والمساس بالأمن الوطني والوحدة الوطنية .
ولعلَّ المسار النفسي لهذه الشخصيات واحد : فجميعها بقيت لآخر لحظة قبل إلقاء القبض عليها تتبجح وتخطب في مؤيديها بثقة معلنةً انتصارها وتتحرك بحرية مطلقة في تحدٍ لأعدائها..
من منا لا يذكر محمد سعيد الصحاف وزير الاعلام العراقي السابق الذي أدار الحرب الاعلامية خلال الغزو الأميركي للعراق عام ٢٠٠٣، وهو يصف القوات الأميركية بـ " العلوج " ويعلن عن تقدم القوات العراقية قبل لحظاتٍ قليلة فقط من سقوط بغداد.
أما المستبد القذافي ، الأب الذي ظهر خلال ثورة الشعب الليبي في أكثر من مناسبة واصفا من تجرأ على الخروج ضده بالحشرات ، مستهزئا بهم وبثورتهم وهو صاحب الجملة الشهيرة " من أنتم" ! فيخسر هذا الغوغائي الشهير معركته ويعتقل وهو على قيد الحياة ، في مجرور للصرف الصحي كما أشيع على أيدي أفراد من جيش التحرير الوطني ويُقتل بقسوة ، لتكون تلك اللحظات التاريخية نهاية فترة حكم امتدت لـ ٤٢ عاماً هي الأطول في تاريخ ليبيا كما أنها أطول فترة حكم غير ملكي.
وسيف الإسلام القذافي الذي شاهده العالم في الساعات الأخيرة قبل سقوط والده وفي أثناء ضرب حلف الناتو لليبيا، في شوارع طرابلس ملتحياً رافعاً اشارة النصر.. هو ذاته الذي تحدى الشعب الليبي في لقاءاته الاعلامية المتكررة مؤشرا بأصابعه إلى وجوههم أمام الكاميرا محذراً إياهم من خطئهم الفادح بتحديه وتجاوز حدودهم واصفاً الثوّار بالخونة والعملاء ، كونه اعتاد السمع والطاعة من الجميع ، ولم يلبث أن اعتُقل هو الآخر في الزنتان في جنوب ليبيا ليُقدَّم راهنا للمحاكمة بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
لعلَّ هذه النهاية لحكمٍ استبدادي سابق تكون عبرةً لكل من يصول ويجول ويتجبّر ويعتقد نفسه أنه باقٍ وخالد ، وأنه لا يشبه الآخرين..
إن إرادة الشعب الرافض للجور هي التي ستنتصر مهما طال الزمان ، وعندها لن ينفع الرجاء ، فالمصير الحتمي لهؤلاء المستبدين : إما الموت على أيدي الأحرار ، أو المحاكم الوطنية والدولية.
د .فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews