خفايا التحقيقات في هجوم إسطنبول.. تخبط في تحديد هوية المُنفذ وفشل في اعتقاله
جي بي سي نيوز :- ما زالت السلطات التركية تعيش حالة من التخبط والفشل في كشف خفايا الهجوم الدامي الذي استهدف أحد النوادي الليلة على ساحل البوسفور بإسطنبول ليلة رأس السنة وأودى بحياة 39 شخصاً وأصاب العشرات، وسط انتقادات متصاعدة من وسائل الإعلام التركية للجهات الأمنية المتهمة بالفشل في منع الهجوم وكشف خفاياه حتى الآن.
وبينما ظهر إلى العلن تخبط السلطات في محاولتها تحديد هوية المنفذ الذي ما زال طليقاً، فشلت جميع أجهزة الأمن والاستخبارات في تحديد مكانه وسط خشية متصاعدة من إمكانية لجوء المهاجم إلى تنفيذ عملية جديدة أو محاولة الفرار إلى سوريا.
مساء الأحد، نشرت بعض وسائل الإعلام التركية صورة قالت إنها للمشتبه فيه بأنه منفذ الهجوم، لكن وبعد أن غصت بها مواقع التواصل الاجتماعي اضطرت الجهات الأمنية إلى إصدار بيان رسمي تنفي فيه أن تكون الصورة للمهاجم معتبرة أن هذه «الإشاعات» تؤثر على سير التحقيقات حيث تبين أن الصورة تعود لأحد رجال الأعمال من كازاخستان حيث توجه إلى مديرية أمن اسطنبول ونشر صورة من هناك للتأكيد على براءته من الحادثة.
ونفى «مصطفى سردار» محامي «إبراهيم إي»، أي صلة لموكله بالهجوم، متعهدا بتقديم شكوى بحق «الأشخاص والمواقع الإخبارية التي أساءت إلى موكله بشكل غير مسؤول»، موضحاً أن موكله «يعمل في تجارة الأحذية بكازاخستان، وأن الصور المتداولة لموكله التقطت في مطار أتاتورك الدولي باسطنبول، قبل ثلاث أو أربع سنوات».
لكن وفي تفسير آخر للجريمة، وكون الصورة التي انتشرت صادرة عن كاميرات الأمن الخاصة بالمطار واستخراجها لا يتم إلا من خلال الجهات الأمنية الرسمية، رجحت مصادر متعددة أن الأمر متعلق بتخبط الجهات الأمنية التي على ما يبدو شكت بمسؤوليته عن الهجوم وعممت صورته قبل أن يُسلم نفسه للأمن وتتأكد الجهات المعنية من عدم وجود علاقة له بالهجوم.
وما يعزز هذا التفسير أن وسائل إعلام تركية لفتت إلى أن التحقيقات تتركز حول احتمال وجود علاقة بين منفذ هجوم الملهى الأخير وبين المجموعة التي نفذت الهجوم على مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول العام الماضي والتي ضمت انتحاريين من «أوزباكستان وداغستان وقرغيستان»، حيث تنصب التكهنات بأن المنفذ هو من إحدى هذه الدول وفي هذا الإطار شكت الجهات الأمنية برجل الأعمال الكازاخستاني، في مؤشر على حجم ضعف المعلومات التي تمتلكها الأجهزة الأمنية عن المنفذ.
وعلى الرغم من أن مدينة اسطنبول تتمتع بتغطية كبيرة جداً من كاميرات المراقبة الأمنية، إلا أن مكان وتوقيت تنفيذ الهجوم منع التقاط صور دقيقة للمنفذ لا سيما في ظل انعدام الإضاءة بالمكان. والاثنين وزعت الجهات الأمنية بشكل رسمي صوراً قالت إنها أوضح صور توصلت إليها للمنفذ حيث بدت سوداء وبعيدة ولا تظهر فيها معالم المهاجم بشكل واضح.
وبينما تواصل الجهات المعنية فحص جميع الكاميرات التي يمكن أن تكون قد التقطت صوراً للمهاجم، قالت مصادر أمنية إنه تم التأكد من سيارة التاكسي التي استقلها المهاجم إلى مكان العملية وخط سيره ومكان انطلاقه من إحدى ضواحي اسطنبول التي لم يتم الإعلان عنها.
وفي حملة مداهمات واسعة تقوم بها وحدات مكافحة الإرهاب في اسطنبول ضد عناوين أشخاص يشتبه بعلاقتهم بتنظيم الدولة، تم اعتقال 8 أشخاص قالت وكالة الأناضول إنهم على صلة بالهجوم على الملهى الليلي، بينما تتلقى الشرطة التركية على مدار الساعة اتصالات حول الاشتباه بأشخاص يرجح أن من بينهم منفذ الهجوم ونفذت القوات الخاصة التركية عشرات حملات التفتيش بناءاً على هذه الإنذارات في إسطنبول ومحافظات تركية أخرى.
وبناءاً على مقاطع فيديو للمهاجم تم بثها الأحد والاثنين يظهر فيها وهو يطلق النار على أفراد الأمن في البوابة الخارجية وبعض المرتادين في البوابة الداخلية للملهى، يقول العديد من مسئولي الأمن والاستخبارات السابقين إن المشاهد تُظهر بشكل واضح أن المهاجم زار المكان قبل ذلك عدة مرات وبات على علم كامل بأدق تفاصيل المكان وهو ما مكنه من قتل هذا العدد والهرب.
ويجزم المختصون أن المهاجم متمرس بشكل كبير جداً على استخدام السلاح الآلي ومحترف لدرجة كبيرة بحيث وصل إلى درجة متقدمة من الدقة والسرعة في إطلاق النار والأهم من ذلك قدرته على تبديل مخازن رشاشه الآلي 6 مرات على الأقل بسرعة فائقة، ما يزيد من احتمال أن يكون المهاجم دخل الأراضي التركية من مناطق سيطرة تنظيم الدولة في سوريا بعد أن تلقى تدريباً مكثفاً هناك.
وفي تطور غير مسبوق، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجوم وذلك لأول مرة حيث اعتاد التنظيم عدم الإعلان عن هجماته في تركيا تحديداً، على الرغم من أن السلطات التركية اتهمته سابقاً بتنفيذ سلسلة من الهجمات الدامية في البلاد.
وقال التنظيم في بيان تناقلته مواقع جهادية إن «جنديا من جنود الخلافة الأبطال» هاجم «أحد أشهر الملاهي الليلية» في إسطنبول بالقنابل والسلاح الرشاش، معتبراً أنه ضمن «سلسلة العمليات المباركة التي تخوضها دولة الإسلام ضد تركيا»، ورد على «دماء المسلمين التي تسفك بقصف طائراتها ومدافعها»، واصفاً تركيا بـ»خادمة الصليب» و»حامية الصليب».
بيان التنظيم النادر فتح الباب أيضاً أمام تساؤلات أخرى، وذلك عندما أشار إلى أن المهاجم استخدم القنابل إلى جانب إطلاق النار وهي معلومة ربما تجيب على الكثير من التساؤلات المتعلقة بكيفية تمكن المهاجم من قتل كل هذا العدد من الأشخاص بإطلاق النار فقط، لا سيما وأن السلطات لم تشر إلى إطلاق قنابل ولم يتحدث شهود العيان عن أصوات انفجارات في المكان وذكرت وسائل إعلام تركية أن المهاجم أطلق ما بين 120 و180 رصاصة خلال هجومه الذي استمر قرابة الـ7 دقائق.
وبالتزامن مع هذا كله، ما زال السؤال الأبرز في وسائل الإعلام التركية هو «كيف تمكن منفذ الهجوم من الهرب؟»، حيث لم يصدر أي تفسير رسمي سوى تصريح وزير الداخلية سليمان صويلو الذي قال إن «المهاجم دخل النادي وأطلق النار على رواده، ثم حاول الخروج بعد ارتدائه ملابس مختلفة». في حين نسف رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم رواية أن منفذ الهجوم كان يرتدي ملابس «بابا نويل» مؤكداً أن التحقيقات أثبتت عدم دقة هذه الرواية.
وحاول وزير الداخلية تبرير التقصير الأمني العام بالقول إن «قوات الأمن اتخذت التدابير اللازمة في كافة أنحاء تركيا، خاصة إسطنبول وأنقرة بناء على بلاغات وردت من استخبارات خارجية ومن أجهزة الأمن التركية»، مضيفاً: «الكثير من العمليات الأمنية نُفذت قبل رأس السنة على وجه الخصوص».
وكشف الكاتب التركي المقرب من الحكومة «عبد القادر سيلفي» في مقال له في صحيفة «حرييت»، الاثنين، أن «تركيا تلقت تحذيرا من أجهزة الاستخبارات الأمريكية في 30 كانون الأول/ديسمبر حول هجوم إرهابي في أنقرة أو اسطنبول ليلة رأس السنة»، لافتاً إلى أن «التحذير لم يحدد مكان الهجوم».
ووقع الهجوم على الرغم من نشر السلطات التركية 17 ألف شرطي ليلة رأس السنة واتخاذها تدابير مشددة لمنع أي عمليات تفجير كما منعت دخول الشاحنات الكبيرة العديد من مناطق الاحتفالات خشية حصول عمليات دهس كما حصل في برلين وفرنسا سابقاً، لكن الهجوم جاء بطريقة مختلفة هذه المرة عبر إطلاق النار وليس التفجير."القدس العربي"
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews