قريبا تدمير الموصل واستكمال هدم حلب .. وماذا بعد ؟
بث موقع جي بي سي نيوز قبل أيام شريط فيديو عن نازحي الموصل الذين وجدوا أنفسهم في صحراء العراق ، حيث لا ماء ولا طعام ولا دواء .
ظهر في الفيديو عشرات العائلات السنية النازحة ، وقد تم إلقاؤهم في مناطق قاحلة دون أن يقدم لهم شيء باستثناء ما استطاعت بعض المنظمات تقديمه تحت رقابة صارمة ، حيث لا يأكلون إلا كل يومين أو ثلاثة أيام ، بينما يموت ضعفاؤهم وأطفالهم يوميا ، وينتشر بين ظهرانيهم الكوليرا والجرب والأدواء المستعصية بفعل الإهمال .
والذي يقطع نياط القلب على هؤلاء ، هو أنهم قاموا بحفر قبورهم بأيديهم واتخذوا منها مساكن لهم تقيهم حر الصيف ومطر الشتاء والبرد والقر ، وكل ذلك أمام سمع وبصر الحكومة التي تقول إنها حكومة لكل العراقيين .
ومن ضمن ما لم يجرؤ المتحدث بالفيديو الكشف عنه ، وقد كشف عنه آخرون في أشرطة أخرى ، أن المتواجدين في الصحراء من هؤلاء جلهم من النساء والأطفال وكبار السن ، أما النازحون من فوق الأحد عشر عاما فإنهم إما مفقودون أو مقتولون على أيدي الميليشيات الإيرانية التي تتخذ من التطهير الطائفي منهجا لاحبا لها لا يقبل الشك ولا التأويل ، بينما تزخر محطات التلفزة الحكومية العراقية بمزاعم عن تشكيل لجان تحقيق لمعرفة مصير آلاف الشبان والرجال السنة الذين تم اختطافهم وقتلهم ثأرا .
عما قليل ، نرى مذابح في حلب شبيهة بالمذابح السالفة أو ربما أشد واقسى ، وذلك بعد أن انتهت المهلة و" البث المباشر " الذي خصصته روسيا كممرات آمنة لمن يرغب بمغادرة المدينة قبل اقتحامها.
حلب والموصل ، مدينتان سنيتان تذبحان على رؤوس الأشهاد وبمباركة الغرب والشرق والعالم بدعوى محاربة تنظيم داعش الإرهابي ، مع أن هذا التنظيم اتخذ من الأهالي دروعا بشرية لحماية مقاتليه من القصف الجوي ، فأين يذهب أهل الموصل وأين يلجأ أهل حلب :
أمامهما خياران لا ثالث لهما :
إما أن يقتلوا داخل المدينة ، أو أن يقتلوا خارجها نزوحا واعتقالا وتعذيبا
عما قليل ستهدم الموصل بطائرات الغرب ، وتمحى حلب عن وجه الأرض بطائرات الشرق ، وعما قليل سنشاهد آلاف الضحايا ومئات آلاف النازحين من المدينتين .. هذا هو حال سنة العراق وسوريا وهم جزء من أمة تعدادها مليار ونصف المليار مسلم باتوا غثاء كغثاء السيل .
ولكن: هل هذه هي الهزيمة والنهاية ؟ .
إن نقطة الضوء في نهاية النفق ، هي أن هذه الأمة الكسيرة الذليلة التي تداعت عليها الأمم كما تداعت الأكلة على قصعتها ، تعيش حالة مخاض تاريخية لا بد منها ، وحالها هي كحال المضبوع الذي لن يصحو إلا إذا ضرب رأسه بباب المغارة .
إنه التاريخ ، وسبق وسيطر الفاطميون الشيعة " علويون إسماعيليون " على الوطن العربي بالتواطؤ مع حلفائهم من أعداء الخلافة العباسية وقتذاك ، ولكنهم في النهاية ذابوا كما ذاب الملح في الماء ، وأرجع صلاح الدين المذهب السني لسابق عهده ، وأيا كان أمر إيران وحلفائها اليوم فإن مصير مخططهم إلى زوال وتحشدهم وتحزبهم إلى انفضاض : ( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ) .
لم تستسلم الثورة السورية ، ولن تفعل ، ولم تفز إيران بالعراق والمنطقة كما تحب ، ولن يحدث ذلك ، أما الجراحات والردم والهدم فإن الأيام دول ، والحرب سجال ، " وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ " صدق الله العظيم .
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews