حلب.. اللون لون الدم.. والريح ريح المسك !
الجرائم التي ترتكب في حلب ، ترتكب أيضا في عموم سوريا وعموم العراق وعموم اليمن ، ولكن أضواء حلب ، بحكم التركيز الإعلامي اختطفت المشهد الدامي ، حيث يقتل المئات يوميا في محاكاة حقيقية لجروزني التي قلنا أكثر من مرة إن ترجمتها في حلب وغيرها بلغ عند الروس شأوه ومداه .
بينما يذبح بالتدريج 400 ألف إنسان في حلب أمام بصر وسمع العام ، تذبح في الجهة الأخرى ، في الشرقاط والخالدية والعشرات غيرهما مدن وقرى ونواح عراقية سنية باتت أثرا بعد عين ، وعما قليل ستذبح الموصل بشماعة تنظيم داعش الإرهابي .
في سوريا الفاعل روسي ، وإيراني ، وفي العراق الفاعل أمريكي وإيراني ، يقابلهما دب روسي هائج يفاخر بالقوة والأسلحة المحرمة ، ومن هنا فقد فاض المشهد السوري في مجرى دماء بشرية يندى لها كل جبين سوى جبين من يريقها .
ما يجري في حلب ليس صراع إرادات بين واشنطن وموسكو كما يصوره البعض ، بل هو تنفيذ للتفاهمات السرية إياها .
بإمكان الولايات المتحدة وقف قصف حلب ، بكلمة واحدة ، فلقد انسحبت البارجات الروسية والمستشارون الروس والقوات الخاصة الروسية ذات عين حمراء أظهرتها واشنطن في يوم ما ، أفضت إلى تشليح نظام الأسد أسلحته الكيماوية ، بغض النظر هل كان تشليحا " على الآخر " أم " نص كم " .. وحينها رأينا كيف خمدت روسيا ولم نسمع لها ولا لإيران صوتا ، أما وقد استحالت العين الحمراء الأمريكية إلى عين بيضاء بدون بصر ولا بصيرة ، وعن سابق قصد وتعمد ، ونظرا للأهداف الثنائية المتفق عليها فقد استأسدت روسيا والنظام وإيران وميليشياتها لعلم هؤلاء جميعا أن أميركا لن تحارب في سوريا ، ولن تخوض قتالا لاجل أحد حتى لو كان هذا الأحد شعبا أعزل يذبح ، ليس لأنها لا تريد ، ولكن لأنها موافقة وتشعر بالرضا مما يجري .
إن مأساة حلب لن تتوقف بسهولة وستستمر لبعض الوقت ، ما دام تراشق الإتهامات " الفارغة " يدور مع ناعورة التصريحات المتجاذبة ، تلك التي نصبت على نهر من الدماء ، يجري بغزارة : اللون لون الدم ، والريح ريح المسك ، وإن كره الكارهون .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews