انقلاب تركيا الفاشل وإعدام سجناء العراق " السُّنة "

انقلاب تركيا

أبرز ما سيسجله التاريخ في محاولة الإنقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا هو أن الشعب التركي كان هو العامل الأساس في إفشالها .

ولو قارنا بين أردوغان والأسد فسنخرج بالحقيقة المؤلمة التي تقول : إن الأسد استعان بالدبابات ضد شعبه ، بينما استعان أردوغان بشعبه ضد الدبابات .

ومما كان لافتا في ردود الفعل حيال الإنقلاب ، أن ما صدر عن السفارة الأمريكية في أنقرة بداية الإنقلاب وضع أكثر من علامة استفهام حول الموقف الأمريكي الحقيقي ، إذ أصدرت السفارة بيانا قالت فيه : إن هناك انتفاضة شعبية ضد الحكومة التركية ، وهو بيان سيكون له ما له وعليه ما عليه في كل قراءة قادمة لما جرى ، ولكن ما أن استقرت الأمور لصالح الحكومة ولصالح أردوغان حتى أعلنت الولايات المتحدة أنها مع الشرعية في هذا البلد .

وفي ذات السياق ، فإن المتهم بالتخطيط وبتنفيذ الإنقلاب بواسطة أنصاره في المؤسسة العسكرية هو فتح الله غولن .

وفتح الله غولن ،هذا ، لمن لا يعرف ، يقيم في الولايات المتحدة منذ سنوات، وتقول واشنطن : إنها تريد أدلة على تورطه في محاولة الإنقلاب قبل تسليمه لأنقرة .

ولأن واقعة الإنقلاب الفاشل كانت محط متابعة جميع شعوب المنطقة والعالم ، ولأنني لن أزيد شيئا عما نقل وينقل وسينقل ، فإنني أكتفي بتغريدة يتداولها ناشطون أتراك وعرب ، وهذه التغريدة تقول : صحفي سأل رئيس بوليفيا موراليس " ما هو البلد الوحيد الذي لا يمكن وقوع انقلاب فيه ، فأجاب : أمريكا ، لأنه لا توجد سفارة أمريكية هناك ".

إعدام آلاف العراقيين " السنة " في السجون العراقية

علق السياسي العراقي نزار السامرائي الأربعاء على توقيع الرئيس العراقي فؤاد معصوم على مرسوم بإعدام عشرات العراقيين من بين خمسة آلاف صدرت ضدهم أحكام إعدام بتهم الإرهاب بدون محامين وبدون شهود ، علق في تغريدة له على تويتر بقوله : " بعد قضائه فترة استجمام في بريطانيا تم خلالها إجراء عملية تقويم البصر لتعديل الحول الوحشي إلى حول أليف عاد فؤاد معصوم وصادق على إعدام ابرياء " .

من جهته : قال المعارض السوري المعروف بسام جعارة : إن شاء الله يأتي اليوم الذي يوقع فيه على إعدام فؤاد معصوم " .

ولقد شهدت مواقع التواصل الإجتماعي آلاف التعليقات والتغريدات التي تستنكر هذا الفعل ، وسط صمت عربي رسمي وإعلامي .

وعلق أحدهم قائلا : الحكومة العراقية ، وللتغطية على خسائرها وانتقاما من أهل السنة ، قررت إرضاء الشارع الشيعي بتنفيذ أحكام إعدام بحق المئات من شباب السنة في السجون العراقية الذين اعتقلوا لمجرد أنهم سنة ، حيث سيتم الإعدام دفعة في إثر دفعة .. وهنا علق سياسي عراقي : "إنهم أسود أمام الأبرياء العزل ، ولكنهم "نعاج " في ساحات المعارك مع تنظيم داعش الإرهابي" ولا يقاتلون إلا بغطاء جوي أمريكي شامل كما قال .

وهدد زعيم ميليشيا أبو الفضل العباس أوس الخفاجي الحكومة بأن ميليشياته ستنفذ مرسوم الإعدامات إذا لم تبادر في تنفيذه ، وأعلن أنه يرابط مع ميليشياته قبالة سجن الناصرية جنوب العراق ، حيث يحتجز المئات من شباب السنة المحكومين بالإعدام بتهم لم تثبت على أي منهم بمحاكمة عادلة .

إن الإنتقام لجرائم تنظيم داعش الإرهابي لا يكون بإعدام المئات في السجون ، وإن هذه الأحكام ، وما يجري في العراق عموما يؤكد بأن الحرب التي تشنها إيران على أهل السنة لا تبقي ولا تذر ، ولقد آن لأهل السنة أن يستوعبوا هذه الحقيقة ، بعد أن تكالبت الدنيا بأسرها على أوطانهم بذريعة تنظيم إرهابي مجرم كان أداة دموية للقوى الكبرى من أجل تنفيذ مخططات تقسيم المنطقة وتفتيت أوطانها وتشريد أجيالها .

إن الرد على جرائم داعش بجرائم مشابهة يضع الحكومة العراقية في نفس خانة تصنيف التنظيم الإرهابي، بل أشد وأكثر تطرفا ، لأنها تعتبر نفسها " حكومة شرعية " ولها سفارات وممثلون في الأمم المتحدة والعواصم العالمية ، إذ لا يوجد في التاريخ حكومة تفعل ما يفعله العبادي وما يفعله فؤاد معصوم ، وما تغريدة السامرائي ببعيدة عن التصنيف الحقيقي لواقع الرجل المسمى " رئيسا " بينما يتلقى الأوامر من ملالي طهران ووكلائهم في بغداد .

لقد قامت الدنيا ولم تقعد عندما أعدمت السعودية عدة اشخاص ثبت تورطهم بالإرهاب " العملي " في المملكة ، وها نحن نشهد صمتا عالميا مريبا أمام إعدام مئات الشبان السنة الذين لم يحظوا بمحاكمات عادلة .

لقد حددت الحكومة العراقية عدد المحكومين بالإعدام من الشباب السنة بما يقرب من خمسة آلاف شخص ، وبالتأكيد سيعدم جميع هؤلاء ، وسيوقع فؤاد معصوم على قتلهم بالتقسيط ، أما العرب ، والعالم ،حيال هذه المجزرة ، فليس سوى عتمة الجحور ، وصمت القبور .

د. فطين البداد 

fateen@jbcgroup.tv