التمييز واستقلال الولايات عن الدولة الأمريكية
يبدو أن الغضب الأسود الأمريكي بدأ يتحرك باتجاهات شتى ، خاصة بعد أن تبين بأن الذي قتل خمسة رجال شرطة أمريكيين في دالاس ، هو رجل أسود بداية العشرينات من عمره ، اعتلى برجا وبدأ بإطلاق النار على قوى الأمن التي كانت تحيط بمتظاهرين سود ، خرجوا احتجاجا على تمييز الشرطة ضدهم ، وعلى مقتل اثنين من مواطنيهم .
شبكة بي بي سي البريطانية ، نشرت قبل أيام : أن عدد السود الذين قتلتهم الشرطة خلال عام يبلغ 500 شخص ، وهو أمر يؤكد بأن الولايات المتجدة ذاهبة نحو عدم الإستقرار الإجتماعي في مختلف ولاياتها .
هناك مشكلة تاريخية في أمريكا تدعى " التمييز " ولكن الولايات المتحدة - كدولة - تمكنت من الإحاطة بها في النصوص فقط بعيدا عن الممارسة ، حيث قامت بتضمين مبادئ العدالة الإجتماعية في دستورها وقوانينها المتقدمة الناصعة ، ولكن القضية ليست قضية قوانين .. إنها قضية انطباعات مسبقة ، وأحكام قديمة ضد العرق الأسود ، وضد الأعراق غير البيضاء ، وتمييز بات يكون " غريزيا " لدى البيض ضد مواطنيهم من ذوي البشرة المختلفة .
وسجلت دراسة أمريكية حديثة تمييزا خطيرا ضد العرق الأسود بالذات ، سأحاول هنا اختصاره قدر الإمكان :
85 % من الموقوفين في الولايات المتحدة هم من السود ومن أمريكا الجنوبية .
توقيف 200 ألف رجل وفتاة من السود بدون أي تهم في العام 2013 ، حيث قالت إحدى المحاكم عن تلك الإعتقالات : إن التهم التي وجهت لهؤلاء غير منطقية وأنه تم " تفصيلها " بحسب القضايا .
في العام 2014 ، قتل حوالي 1000 رجل وامرأة من السود على أيدي الشرطة .
الأسبوع الماضي قتل رجلان أسودان ، فجر مقتلهما احتجاجات شملت أكثر من ولاية .
ولأنه لا يمكن الزيادة عبر مقالة قصيرة على المعلومات التي توردها التقارير الإخبارية المتعددة التي لا بد أن القراء الأعزاء يتابعونها يوميا ، فإني أكتفي بالقول : إن الولايات المتحدة بحاجة إلى سلام اجتماعي ، وما لم يتم تدارك التمييز العنصري والديني وغيره ، فإن البلاد برمتها مقبلة على كارثة .
الناشطون الإنفصاليون البيض في تكساس الذين خرجوا قبل أيام مطالبين بالحكم الذاتي للولاية عقب تصويت البريطانيين على الخروج من الإتحاد الأوروبي ، ما كانوا ولن يكونوا أول ولا آخر ناشطين انفصاليين في عموم الولايات الأمريكية ، وإذا كان هذا الأمر مضحكا وغير معقول بالمطلق عند كثيرين ، نظرا لحجم أمريكا وقوتها وصعوبة تحقيق رؤية انفصال تحدث فيها ، فإن على جميع الأمريكيين الذين نرجو أن يظلوا متماسكين ، ومتحدين ، استذكار الإتحاد السوفيتي ، إذ لم يكن يخطر على بال الجن الأزرق ، أن تتفكك هذه الدولة العظمى ، وتصبح الآن من دول العالم الثالث ، باستثناء الصناعات العسكرية ، ولكنا هنا نتحدث عن الإقتصاد الذي هو أساس الإستقرار والرفاء بشكل عام .
سنظل نشاهد ونسمع احتكاكات بين الشرطة الأمريكية وبين السود وذوي الأعراق الأخرى ، ولكن الإقدام على قتل الشرطة قنصا وتحضير متفجرات للثأر منها ، يظل حدثا مهما وتطورا خطيرا يجب على أمريكا أن تفكر فيه جديا ، لأن الجولة القادمة من الصراع ربما لن تقتصر على صدام بين السود والشرطة ، بل ربما تتعداه إلى حرب عرقية شاملة ، فكل بيت في أمريكا فيه عدة قطع سلاح ، والسلاح متوفر في المتاجر ، وحينها لن يكون العلاج قطع زيارة رئيس الولايات المتحدة عن أوروبا أو غيرها فقط ، بل ربما قطع طرق رئيسية بقوة السلاح في عموم الولايات الأمريكية ، وهذا أمر لا يرغب فيه أحد بالتأكيد ، لأن انهيار الولايات المتحدة يعني انهيار العالم بأسره .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews