نتنياهو يحاول ان يغير اتجاهه للتوصل الى اتفاق سياسي
من الواضح للجميع ان الفكرة المعوجة التي ترى ان التفاوض في واشنطن سينتهي بصورة ايجابية، ستلقى البرود من قبل العالم والسخرية من أنصار الوضع الراهن. أما الوضع الراهن فيمثله بصورة صادقة نفتالي بينيت الذي يقول ان فكرة الدولة الفلسطينية غير قائمة. ويجب ان تُقال الحقيقة، وهي ان التاريخ القريب عمل في مصلحة رافضي كل اتفاق، ولهذا فانه حتى الشك هو في نظرهم صورة في هيكل. بيد انه من الصعب التنبؤ في السياسة لكن يجب علينا ان نحلل جميع المركبات المختلفة التي قد تؤثر في التنبؤ.
في سنة 1988 زرت رومانيا ضيفا للرئيس نيكولا تشاوتشيسكو، وحينما عدت من هناك لم يكن عندي أدنى شك في الاستقرار الشامل للحكم هناك. وبعد سنة دُعيت مع آخرين الى الراديو والتلفاز لأُبين اسباب سقوطه، وهي اسباب لم ألحظها عندما كنت في بوخارست. ولذلك يوجد موضع لانفتاح فكري ايضا بما يتعلق بسيناريوهات تختلف عما هو مقبول. ويكمن سيناريو مختلف في النظر الى رئيس الوزراء والخيارات المطروحة أمامه.
إن بنيامين نتنياهو على مفترق طرق. فاستمرار الاعتماد على الكثرة الصامتة من منتسبي الليكود وممثليهم في الكنيست سيجلب له من جهة الهدوء داخل حزبه، لكن هذا الشيء سيبعده من جهة اخرى رويدا رويدا نحو التطرف الذي لا يتساوق مع تصريح بار ايلان ومبادرة جون كيري، وليس واضحا لي ما هو رأيه الحقيقي.
يمكن ان نفترض ان نتنياهو يلاحظ ان الشعب يريد اتفاقا يقود هو اليه. وفي كل مرة يقترب من تغيير يجعله منبوذا في نظر موشيه فايغلين وداني دنون تصبح زعامته أكثر قوة وأكثر قبولا.
يعلم رئيس الوزراء الذي يرى ان التهديد الايراني تهديد وجودي، أنه لا أمل لتثبيطه من دون دعم امريكي واوروبي عام وتثبيط عداوة الصين وروسيا. ويعلم نتنياهو انه اذا اقترب من مخطط اتفاق فسيتظاهر عشرات الآلاف عليه، لكن مئات الآلاف سيقفون الى جانبه لأنهم يعتقدون انه ينبغي اخراج اسرائيل من عزلتها السياسية. ويعلم نتنياهو ان بينيت واوري ارييل لا يريدان اتفاقا، لكنهما ايضا لا يريدانه هو نفسه. ويعلم رئيس الوزراء انه اذا أظهر اتجاها سياسيا واضحا فسيمضي معه عدد من قادة الليكود. فلا يتوقع ان يُعرض أحد منهم مستقبله للخطر مع رئيس وزراء يتجاوز المادتين.
يصل نتنياهو الى استنفاد طريقه بصفته قائدا وزعيما. وهو ينسب الى نفسه انجازات اقتصادية وبنيوية وقد يراهن الآن على الأفق السياسي ويؤيد تسيبي ليفني، حتى لو كان ثمن ذلك التخلي عن اليمين المتطرف. إن لنتنياهو توجها أمنيا منظما ولا خوف حتى عند اليمينيين من ان يقترب من اتفاق من دون ترتيبات أمنية مناسبة. لكن من المشروع (والمتفائل) ان نفترض أن يتجه شخص مثله يزور واشنطن واوروبا ويأتي منهما، الى باب فلاديمير بوتين وان يكون مستعدا للتنازل عن مصلحة اسرائيلية لتخفيف غضب الصين، وأن يُحدث تحولا في سياسته وتوجهه ويتجه الى استفتاء الشعب، الذي سيمنحه تأييدا مهما في الاتجاه الذي رسمه.
إن تغييرا سياسيا في اسرائيل لن يُبطل الكراهية الاسلامية لليهودية، لكنه سيضعف شيئا ما قبضتها الدولية لأنها كانت طول السنين الماضية كلها تسقي الشجرة الكبيرة التي تمنحها تسويغا عالميا، ألا وهو الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.
ازاء السيناريوهات التي تدفن كل امكانات اتفاق يوجد مكان لتصور مختلف ايضا. لقد غير الزعماء تصوراتهم لأنهم لاحظوا المصلحة الحقيقية لشعوبهم وتراثهم التاريخي. إن الاتجاه الذي رسمته مبني في الحقيقة على أشواق قلب لكن لا يجوز لنا في التقدير العام أن نفقد الأمل.
( المصدر : هآرتس العبرية - 6/8/2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews