لماذا يحقد هادي العامري على الفلوجة ؟
تهديدات العميل الإيراني هادي العامري باقتحام الفلوجة ، والتي أطلقها الخميس عبر مؤتمر صحفي عقده في ديالى ، المحافظة العراقية التي يجري تشييعها وطرد أي سني منها هذه الأثناء ، وتكراره نفس التهديد في الأيام السالفة ، لم تكن تنبع من رأس هذا الخبيث المجرم ، ولكن جاءت بأوامر من أسياده في الحرس الثوري نقلا إلى نوري المالكي ، ومنه إلى هذا السفاح ، قائد ميليشيا بدر التي ارتكبت مئات المجازر في العراق ضد أهل السنة ، منذ الإحتلال الأمريكي في العام 2003 لغاية الآن .
سبق للعامري الذي قاتل مع إيران ضد بلده في الحرب العراقية الإيرانية طوال ثماني سنوات ، أن وصف الفلوجة بأنها " رأس الأفعى " والخبث الإيراني في التحريض على الفلوجة بالذات ، يأتي في سياق تذكير الأمريكيين بخسائرهم في هذه المدينة التي تعتبر رمزا لمقاومة الإحتلال والنفوذ الإيراني في العراق عموما ، إذ إن حجم الحقد الذي يكنه الأمريكيون على هذه المدينة ( الفلوجة أول مدينة في التاريخ يعقد معها الجيش الأمريكي صلحا مكتوبا ) دفع بهذا الأمعة إلى التحريض عليها لتليين موقفهم - الأمريكان - من إشراك الحشد الشعبي والميليشيات الإيرانية ذات الأسماء العربية من مثل : العصائب ، بدر ، حزب الله ، إلخ .. في معركتها ومعارك ما تبقى من المدن السنية ، لكون الأمريكيين - في الظاهر - يرفضون إشراك هؤلاء في أي معركة تحسبا لفشل قد يواجهونه في حرب تنظيم داعش الإرهابي الذي يتخذ من أهل الفلوجة رهائن ، ويعولون على الصحوات والعشائر السنية وعلى الجيش العراقي الرسمي ، فجاء هذا التحريض رسالة إيرانية ، تحريضية أولا ، وسياسية ثانيا : أنهم لن يقبلوا بأن تعيد واشنطن عقارب الساعة إلى الخلف ، وتشرك السنة في أي إصلاحات تجري في الحكم ، حتى لو اختفت حكومة العبادي وعمت الفوضى ، فلا حكومة تكنوقراط من دون موافقة الأحزاب" الإيرانية " على أسمائها ، ولا إصلاحات البتة في ملف القضاء أو مكافحة الفساد أو معاقبة من ثبت نهبهم للمليارات من خزائن العراق ، ولعل وقوع أربعة قتلى وعشرات الإصابات في صفوف المتظاهرين العراقيين في المنطقة الخضراء الجمعة ، هو قرار إيراني في الأصل ، لإفشال العبادي " المحكوم " إيرانيا ، و" المدعوم " أمريكيا ، هذا أولا ، وثانيا لمنع أي تطاول على السيادة الأيرانية في العراق ، وعلى احتلال هذا البلد بميليشيات لا قبل للحكومة والجيش العراقي بها .
وإذا كان قاسم سليماني خاطب الصدر متوعدا : " أبعد كلابك وإلا سلطت كلابي عليك " كما سربت عنه وسائل الإعلام ، إن صحت ، وهرولة الصدر فزعا إلى المطار ومن ثم إلى إيران على متن طائرة إيرانية ، يكشف أن الفقراء العراقيين باتوا بضاعة للأسياد والمعممين ، ليظل هؤلاء المساكين وقودا لتنازع الصلاحيات والحرب الضروس على السلطة والصلاحيات والنفوذ تحت جبة خامنئي .
العامري استفز بي رغبة الحديث عن الفلوجة للمرة الثانية وبشكل مباشر ( كنت أرغب هذا الأسبوع الحديث عن الغوطة وما يجري فيها من اقتتال داخلي بين الفصائل " وعبر مؤتمر صحفي ، معلنا اقتراب الهجوم على الفلوجة ، مطالبا أهلها بالرحيل منها فورا لأنه " لن يرحم " .. هذا التهديد ليس سوى نباح في مراح ، إذا أخذنا في الإعتبار أن خمسين ألف مسلح من الحشد والميليشيات لم يتمكنوا من الدخول إلى تكريت بقيادة قاسم سليماني إلا بعد أن تدخل الأمريكيون بالقصف الجوي ، مما يؤكد بأن احتلال الميليشيات للفلوجة سيكون صعبا إلا إذا ابتلع الأمريكان الطعم الإيراني ، ووافقوا على إسناد هذه الميليشيات الطائفية الإجرامية بالقصف الجوي ، هذا إذا اقتنعوا بالأولويات التي تسوقها إيران ، وبأن الفلوجة أهم من الموصل في هذه المرحلة ، وحينها قد تختفي عناصر داعش وتخلي المدينة ، ليتحولوا كما يقول عنهم الأمريكيون " سمكة في الصحراء " : وهذا ما فعلوه في الرمادي والمدن التي خسرها هؤلاء الإرهابيون المتخلفون الذي شوهوا صورة الإسلام الحنيف في العالم .
لقد استنزفت الفلوجة قوات بدر بمئات القتلى الذين فقدتهم هذه المنظمة الإرهابية في عامرية الفلوجة والكرمة وغيرهما برغم الحصار الذي تعيشه المدينة ، ولأجل ذلك فإن حجم الحقد الذي يكنه العامري والحرس الثوري للمدينة يفوق حقدهما على قرية العوجا نفسها ، ومن هنا يتضح لماذا يعيش العامري والإيرانيون هاجس هذه المدينة السنية التي تدعى " مدينة المساجد " والتي يراد - إيرانيا - هدمها عن بكرة أبيها .
ويكفي أن نعلم بأن العامري هذا تلقى اتصالا هاتفيا السبت من كاظم العيساوي ، قائد ميليشيات الصدر يطمئنه بان الصدر سيحل " سرايا السلام " - ميليشياته - إذا اعتدى أي فرد فيها على أي من مقرات منظمة بدر أو منتسبيها ،لأن " الفلوجة وتحريرها " هي أولى الأولويات ، أي أن الرجلين تصافيا بأمر إيراني ، أما الشيعة الأربعة الذين قتلتهم ميليشيات بدر خلال اقتحام المنطقة الخضراء وعشرات المصابين الآخرين من فقراء مدينة الصدر فلا بواكي لهم وليذهبوا إلى الجحيم .
هادي العامري ، وأمثاله من قادة الإجرام ومرتكبي المجازر وحارقي الرجال أحياء ومغتصبي النساء السنيات العفيفات ومهجري السكان ومشيعي الأطفال ليس في النهاية سوى حذاء إيراني ، سرعان ما سيبلى ، لتأتي بعده أحذية أخرى لا تعد ولا تحصى ، في بلد بات مستعمرة إيرانية خالصة ، يحكمه معممون بايعوا الولي الفقيه في طهران على السمع والطاعة حتى لو كان الثمن أن يكون العراق ، كما هو عليه الآن : الأشد خطرا والأكثر فسادا في العالم .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews