سقوط طائرة أم إسقاط مصر؟
أثارت واقعة اختفاء طائرة #مصر_للطيران، التى كانت في رحلة من باريس الى القاهرة جدلًا واسعًا في شأن السبب الحقيقي وراءها، فتعددت الفرضيات: هل هو عطل فني أم قيام الطيار أو الطاقم بإجراء متعمد لإسقاطها، ام عمل إرهابي، او عمل مقصود لشل حركة الطائرة بمعنى التشويش الإلكتروني عليها من الخارج او إسقاطها بصاروخ؟
ومع تتبع تحليلات الخبراء وأبرز المواقف التى واكبت تطورات الواقعة المأسوية تتقدم فرضيّتَي الإرهاب وشل حركة الطائرة على ماعداها. فالرئيس الفرنسي فرنسوا #هولاند، لم يستبعد فرضية الإرهاب، بينما مدّد البرلمان الفرنسي حالة الطوارئ المفروضة في البلاد للمرة الثالثة، وحتى نهاية تموز لضمان أمن كأس الأمم الأوروبية 2016 وبطولة فرنسا للدراجات الهوائية. كما سبق للمخابرات الداخلية الفرنسية ان حذرت، من أن فرنسا صارت "هدفًا صريحًا" لتنظيم #داعش، وأن التحذير تنبّأ بوقوع هجمات من "نوعية جديدة".
كذلك رجح وزير الطيران المصري شريف فتحي، "احتمال العمل الإرهابي". كذلك فعل مدير جهاز الأمن الفيديرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف. وفي هذا الاطار قال الخبير الإيطالي في مجال الطيران أنطونيو بوردوني، إن المعطيات المتوافرة عن حالة الطقس الممتازة وقت اختفاء الطائرة، وحالة الطائرة العامة، إلى خبرة الطيار مع غياب أي دليل على طلب استغاثة أو ظهور أي مؤشر غير طبيعي سيدفع في اتجاه ترجيح كفة "الاعتداء الإرهابي"، وأشار إلى أن غياب هذه العوامل يؤدي إلى طريق واحد وهو التدخّل البشري.
وفرضية العمل الإرهابي امر جدّي جدًّا، ذلك ان سبق لفرنسا أن تلقت ضربات قاسية من تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) في الأشهر الأخيرة. أما مصر فلا تزال تتعرّض منذ إطاحة الرئيس الاخواني السابق محمد مرسي لشتى انواع الاعتداءات الإرهابية.
وفي حال ثبث العمل الإرهابي عبر وضع عبوة او تدخل بشري على متن الطائرة وهي في مطار القاهرة، فإن هذا سيكون كارثة بكل المقاييس بالنسبة لمصر، لأنه قد يتسبّب في انهيار الثقة تماما في مطاراتها، خصوصا بعد تحطم طائرة الركاب الروسية في #سيناء في تشرين الاول من العام الماضي وخطف طائرة الى قبرص. كذلك سيتعرض قطاع السياحة المصرية أيضا لانتكاسة جديدة بعدما شهد تراجعًا في الإيرادات بنحو 1.3 مليار دولار هذا العام، وهو ما سيترك تداعيات خطيرة للغاية على اقتصاد البلاد المتداعي أصلا.
اما في حال ثبت أن المسؤول عن الحادث شخص على دراية بحركة البضائع والأمتعة داخل مطار شارل ديغول الفرنسي، وهو أكثر المطارات ازدحاما في أوروبا ومراقب بأكثر من تسعة آلاف كاميرا من الداخل فإن ذلك يعني اهتزاز ثقة المسافرين في الطيران العالمي بأكمله.
اما اذا كان إسقاط الطائرة بشل حركتها بالتشويش على اجهزتها الالكترونية، وباطلاق صاروخ عليها، وهما امران اصعب بكثير من أن يقوم بتنفيذهما تنظيم محدود الطاقات مثل "داعش" او امثاله، فان الانظار عندها ستتّجه الى ما هو اخطر، اي الى اجهزة استخبارات دولية، وعندها يمكن طرح السؤال عمّن يريد لمصر أن تقف على قدمين ثابتتين؟
وفي هذا السياق يشير خبير الإرهاب الدولي العقيد المصري حاتم صابر الى أن صفقات السلاح التي وقعتها مصر وفرنسا خلال الفترة الماضية لا تروق لبعض الدول، معربا عن اعتقاده بأن ثمة جهات تحاول تدمير العلاقات بين الجانبين. وذكر بأن العلاقات بين مصر وفرنسا في أقوى حالاتها بعد ثورة 30 يونيو، وتاليا فان استهداف الطائرة محاولة التأثير على العلاقات.
وكان الرئيس الفرنسي، احد ابرز الزعماء الذين حرصوا على حضور افتتاح قناة السويس الجديدة، في رسالة واضحة على دعمه وتأييده للقيادة المصرية. وتجسد هذا الدعم والتأييد في التناغم المصري الفرنسي في كثير من الملفات والمشاهد، منها حرص هولاند على زيارة مصر الشهر الماضي، في ثاني زيارة له منذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقاليد السلطة، كما أن هناك تناغمًا بين البلدين في كثير من القضايا، ومنها القضية الفلسطينية، وتجسد ذلك في المبادرة التي أطلقها الرئيس المصري قبل ايام للسلام بين فلسطين وإسرائيل، وهي المبادرة التي قال خبراء أنها جاءت بالتنسيق مع فرنسا، صاحبة إحدى المبادرات أيضا لإحياء عملية السلام. واليوم بالتزامن مع اقتراب دخول حاملة المروحيات "جمال عبد الناصر" - التي كانت تعرف باسم "ميسترال" وانتقلت ملكيتها من فرنسا إلى مصر بموافقة روسية - إلى المياه الإقليمية المصرية، وفي ظل مواصلة تطوير علاقات التعاون العسكري بين البلدين، جاء حادث سقوط الطائرة المصرية المتّجهة من باريس الى #القاهرة وعلى متنها ركاب مصريون وفرنسيون، فهل جاء هذا السقوط نتيجة عمل مخطط له يستهدف النيل من العلاقة مع الحليف الفرنسي؟
وقبل هذا الحادث، كانت حادثة مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، والتي استهدفت التأثير على العلاقة المصرية مع الحليف الإيطالي، حيث تعد إيطاليا هي الشريك التجاري الأوروبي الأول لمصر والثاني على مستوى العالم، وخامس دولة في مجال الاستثمار، كما أن التبادل التجاري بين البلدين يقترب من 6 مليارات دولار. وتكتمل الصورة، عند الإشارة إلى حادث إسقاط الطائرة الروسية في شرم الشيخ بعمل إرهابي، والذي استهدف العلاقة مع الحليف الروسي، حيث شهدت العلاقة بين #مصر وروسيا تطورا كبيرا مع وصول السيسي إلى السلطة، وتنوعت بين تعاون عسكري واقتصادي، وتنسيق سياسي.
وهو ما يثير الريبة في أن هناك من يريد العبث بالعلاقات الخارجية لمصر التي تعيش اسوأ انكشاف استراتيجي لأمنها القومي، فهي مطوقة شرقًا بالإرهاب في سيناء وشرقًا بفوضى السلاح في ليبيا، وجنوبًا بانفصال جنوب السودان وأزمة مياه النيل مع أثيوبيا، وأخيرا وليس آخرا أزمة اليمن عند المدخل الجنوبي للبحر الاحمر.
ومع ذلك ظلّت مصر حتى الآن عصية على الفوضى المدمرة والصراعات والحروب الطائفية، كما حدث في العراق ثم سوريا واليمن، وليبيا، ولكنهم فشلوا في مصر، فهل من يبحث عن وسيلة أخرى يمكن من خلالها ضرب المحاولات الخجولة لاعادة الاستقرار الى بلاد النيل؟
(المصدر: النهار 2016-05-21)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews