يديعوت : الأسد يجب أن يرحل
منذ خمس سنوات تختار إسرائيل إلا تأخذ جانبا في ما يجري في سوريا. هناك مبررات لهذه السياسة، ولكن حان الوقت لاعادة النظر فيها. فعلى خلفية استمرار القتل بلا تمييز والذي يقوم به الاسد وحلفاؤه، علم أن رجال الحاكم السوري عادوا حتى إلى استخدام السلاح الكيميائي الفتاك (سارين)، فيما أن الاسرة الدولية تتجاهل هذا الخرق الفظ لتعهداته في 2013 بنزع السلاح الكيميائي.
في هذا الوقت يجب اتخاذ موقف والوقوف ضد الاسد ونظامه. وأولا وقبل كل شيء بسبب الجانب الاخلاقي. فالاستخدام المتكرر للسلاح الكيميائي يذكرنا بواجبنا لان نستوعب بان الاسد هو قاتل مجرم تسبب بمصيبة انسانية رهيبة: قرابة 400 الف قتيل (معظمهم على ايدي جيشه)، نحو مليوني جريح و 11 مليون لاجيء. كبني بشر، ولا سيما كيهود، محظور علينا الوقوف جانبا.
فضلا عن المبرر الاخلاقي، في الاعتبار الاستراتيجي ايضا يعد رحيل نظام الاسد مصلحة إسرائيلية. فالمحور الراديكالي الذي يقاد من طهران ويمر عبر الاسد إلى حزب الله يشكل التهديد الاكثر ملموسية على أمننا. هناك من سيقول ان التهديد الذي يحدق من داعش لا يقل خطورة، وعليه فيجب التصدي لذلك اولا. لا ينبغي الاستخفاف بالمسألة، إلا ان معالجة محور طهران ـ بغداد ـ دمشق ـ بيروت يجب أن يتلقى أولوية استراتيجية. وذلك للسبب البسيط في أن الاسرة الدولية تجندت لمواجهة ظاهرة الدولة الإسلامية، بل وتنجح في صد تقدمها.
فضلا عن ذلك، فان نهاية نظام الاسد ستضعف، باحتمالة عالية، جاذبية داعش ـ للاغلبية السنية في سوريا سيكون بديل سني معتدل. وبالمقابل، حيال المحور الإيراني تبقى إسرائيل وحدها تقريبا وليس لها من تعتمد عليه غير نفسها. وعليه فان عليها أن تعمل باولوية مطلقة حيال تعزز محور طهران، الاسد ونصرالله. إيران وحلفاؤها اخطر على إسرائيل عشرة اضعاف من داعش.
على إسرائيل أن تبلور استراتيجية تتشكل من عدة مستويات. شرط أساس هو خلق حلف اقليمي، حتى وان لم يكن معلنا، مع جهات في العالم السني، وعلى رأسها السعودية، دول الخليج، تركيا، الاردن ومصر. وذلك بالشراكة مع الولايات المتحدة بل وربما تفاهمات هادئة مع روسيا، التي خلافا لإيران لا ترى في الاسد عنصرا ضروريا في تسوية مستقبلية في سوريا. للدول السنية في الشرق الاوسط يوجد تطابق للمصالح مع إسرائيل في مواجهة المحور الراديكالي.
وهاكم سبع نقاط تشكل استراتيجية شاملة لاضعاف المحور الراديكالي واسقاط الاسد:
أولا، ينبغي تشجيع خطوة سياسية ضد جرائم نظام الاسد والمساعدة في تقديمه إلى المحاكمة على دوره في القتل الجماعي وفي استخدام السلاح الكيميائي. بوسع إسرائيل أن تساهم في الكشف عن معظم معطيات القتل الجماعي بشكل عام والكيميائي بشكل خاص.
ثانيا، يجب الدخول في حوار مع الولايات المتحدة عن الحاجة للمس بالذخائر الهامة للاسد، كالايفاء بوعد اوباما المس بالنظام الذي استخدم مواد القتال الكيميائية، ولفرض عدم استخدامها كمعيار دولي لا هوادة فيه.
ثالثا، من المهم أن تثبت إسرائيل بان لها هي ايضا خطوطا حمراء ومبادىء اخلاقية، وان تفكر هي ايضا باعمال عسكرية محدودة، مثل تدمير المروحيات التي تلقي بالبراميل المتفجرة على المواطنين. اعمال غايتها نقل رسالة قيمية وانقاذ حياة الانسان. عملية عسكرية كهذه يمكن تنفيذها دون الدخول في معركة جوية واسعة.
رابعا، يمكن الصدام مع تهديد داعش في جنوب هضبة الجولان، في شكل منظمة شهداء اليرموك. هكذا يثبت أن الكفاح ضد الاسد يمكن ان يجري بالتوازي مع القضاء على داعش.
خامسا، تشجيع واستقرار انساني لجنوب سوريا على طول حدود إسرائيل والاردن، باسناد اقليمي ودولي.
سادسا، بلورة تفاهمات مع روسيا لتحقيق الخطوات آنفة الذكر، في ظل الحفاظ على المصالح الاستراتيجية لروسيا في شمال سوريا.
سابعا، تشجيع الخطوات العربية ضد حزب الله وإيران، وتأييدها بالقدر الممكن.
الشرق الاوسط يعاد صياغته في مسيرة بدأت قبل خمس سنوات، وأحد لا يمكن أن يرى نهايتها بوضوح. ومع ذلك، من الصائب الافتراض بان الاطراف تبحث عن ترتيب جديد. لإسرائيل مصلحة عميقة في إلا يكون الإيرانيون وحزب الله القوة التي تتعزز في الشرق الاوسط «الجديد». لقد انتهت العهود التي كان يمكن لإسرائيل فيها أن تنظر إلى ما يجري وتتمنى النجاح للطرفين، ومن الافضل إلا تفوقت الفرصة لاضعاف اعدائها الالد.
سياسة أخلاقية، استراتيجية، مبادرة وابداعية ضد المحور الراديكالي هو المسار الذي علينا ان نخطو فيه، فما بالك الان عندما يكون استخدم السلاح الكيميائي مرة اخرى. عندما سيسقط الاسد، من المهم ان يعرف العالم السني بان إسرائيل كانت في الجانب الصحيح بل وعملت على نحو صحيح اخلاقيا واستراتيجيا.
يديعوت 18/5/2016
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews