كهف موفيل السري،، حيث تعيش أغرب المخلوقات
جي بي سي نيوز-: في جنوب شرق رومانيا بالقرب من البحر الأسود، يقع كهف موفيل تحت الأرض والذي ظل معزولًا عن العالم الخارجي حوالي 5.5 مليون سنة. الغريب أنه على الرغم من عدم وصول أشعة الشمس إلا أنّ الحياة لم تتوقف عن التطور في هذا الكهف!
الافتقار لأشعة الشمس أدّى لخلق أجواء سامة غير صحيّة أشبه برائحة البيض الفاسد، لكن الغريب أن ذلك أدّى لوجود مخلوقات غريبة لم يشاهد الإنسان مثلها من قبل. فتجد أنواعًا فريدة من العقارب، والعناكب، وقمل الخشب، ومئويات الأقدام!
اكتشاف الكهف بالصدفة
في عام 1986 اكتشف عمال هذا الكهف بينما كانوا يقومون بفحص مدى نفع أرض كانت قريبة من المكان لتحويلها إلى محطة كهرباء. وقد قامت بعدها الحكومة الرومانية بإغلاق المكان ومنعت دخول أي شخص غير مصرّح له. أما من استطاع رؤية ما بداخل الكهف فهم أقل من 100 شخص، وهو رقم يمكن مقارنته بمن ذهبوا إلى القمر! لكن يمكن الوصول إلى الكهف عبر فتحة ضيقة، وتسلق أسفل نفق حجري في ظلام دامس، ودرجة حرارة أقل من -25 درجة مئوية.
أجواء غريبة داخل الكهف!
في عام 2010 تمكّن عالم الأحياء الدقيقة “ريتش بودن” من زيارة الكهف، والذي وصف ارتفاع درجة حرارته ورطوبته، عدا عن الأجواء المحمّلة بالغازات السامة وانخفاض مستويات الأكسجين إلى 10% وهو أمر معاكس لكمية الأكسجين المتعارف عليها والتي تكون بحدود 20% وهو ما لا يسمح بالتنفس. ويشكّل هذا الكهف خطرًا على الحياة إذا قضى الشخص من 5 إلى 6 ساعات داخله؛ وهو ما سيؤدي إلى الصداع، إضافة إلى أن المياه السامة قد تؤذي الكلى.
على الرغم من كل الأجواء السامة إلا أن الحياة عامرة في الكهف!
توجد في الكهف جميع أنواع الزواحف، وهناك العوالق التي تسبح في الماء لاصطياد ديدان الأرض. وتتغذى القواقع والروبيان على الحصيرة الميكروبية الطافية على الماء. الغريب أن الأجواء سيئة للغاية، بينما أشكال الحياة داخل الكهف متنوعة!
الحصيرة الميكروبية الطافية على سطح الماء مصدر التغذية لجميع أشكال الحياة داخل الكهف
لا توجد في مياه الكهف أي أنواع التغذية أو حتى صواعد وهوابط تقطِّر مواد مغذية من الأعلى، لكن تحصل الكائنات الحية على غذائها من الحصيرة الميكروبية العائمة التي تشبه نسيج الورق، والتي تتكون من ملايين البكتيريا ذاتية التغذية حيث تعمل على إنتاج مرّكبات عضوية معقدة للحصول على الطاقة. وهناك نوع آخر موجود من البكتيريا والتي تعيش في ظل وجود غاز الميثان، حيث تقوم بإنتاج مرّكبات أيضية لتغذية أنواع البكتيريا الأخرى. ولا تختلف البكتيريا التي تعيش في الكهف عن الأنواع الأخرى المعروفة للإنسان.
اختلاف طبيعة الكائنات الأخرى
الغريب أنّ المخلوقات الأخرى التي تعيش في الكهف مختلفة عن بقية الكائنات التي يعرفها الإنسان، فمعظمها بدون عينين، ولديها زوائد طويلة مثل قرون الاستشعار لتساعدها على معرفة طريقها. وقد أدّى نقص صبغة الجسم إلى شفافية هذه الكائنات. لا يوجد ذباب في الكهف لتقوم خيوط العناكب باصطيادها حيث تقع قافزة الذنب فريسة لها. وقد وصل عدد أنواع الحيوانات الموجودة في الكهف إلى 48 نوعًا، والتي تضم العوالق، والعناكب، والعقارب، والحشرات.
هناك نظريات كثيرة حول نشأة هذه الحياة داخل الكهف
أدّى وجود هذه الكائنات غير العادية إلى نشوء العديد من النظريات التي تتحدث عن أصل أشكال الحياة داخل الكهف. ومن هذه النظريات تلك التي ترى أن التغيّر المناخي الذي طرأ على النصف الشمالي للكرة الأرضية نهاية العصر الميوسيني، والانتقال من أفريقيا إلى الشمال أدّى لجفاف المحيط الأطلسي، ما ساعد على تجمد درجات الحرارة التي دفعت هذه الكائنات للبحث عن أماكن بديلة دافئة، وبالتالي كان وجود كهف موفيل تحت الأرض، وقد أدّت الحرارة وعدم وجود مفترسات إلى ازدهار هذه الأنواع من الكائنات الحية.
وتفترض نظرية أخرى أن هذه الحيوانات ربما وصلت في أوقات مختلفة. هذه النظرية أقرب إلى التصديق كون أن القواقع الوحيدة في الكهف عمرها 2 مليون سنة، فحين وصلت إلى المنطقة كان بداية العصر الجليدي، حيث أدّت درجات الحرارة المنخفضة إلى دفعها تحت الأرض.
طبيعة أشكال الحياة داخل الكهف تقدّم معلومات هامة حول الاحتباس الحراري وتطوّر الحياة على الأرض
قد تسهم قدرة البكتيريا على أكسدة الميثان، وثاني أكسيد الكربون -كلاهما أهم مكونات الغازات المسببة للاحتباس الحراري- في التصدي لظاهرة الاحترار العالمي. كما أن الأوضاع في الكهف والمشابهة للحياة البدائية الأولى تساهم في تقديم معلومات عن تطور أشكال الحياة في كوكب الأرض. وعلى الرغم من مرور 30 عامًا على اكتشاف كهف موفيل إلا أنه لا يزال سريًا، وهناك المزيد من الأسرار التي بحاجة للاكتشاف.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews