تغيّر الموقف الإسرائيلي من سوريا
خلال الاعوام الخمسة الماضية من الحرب الأهلية السورية وقفت إسرائيل تقريباً موقف المتفرج، ووضعت خطوطاً حمراء واضحة أمام تعاظم القوة العسكرية لـ"حزب الله"، وتحركت عسكرياً داخل الأراضي السورية كلما شعرت أن الحزب خرق هذه الخطوط.
والواقع أن مشاهدة السورييين و"حزب الله" والإيرانيين يسفك بعضهم دماء البعض، ورؤية الجيش السوري ينهار، والدولة السورية تتفكك، مشهد لا يؤرق الإسرائيليين ويسدي خدمة كبيرة اليهم ما لم تنزلق هذه الحرب الى داخل أراضيهم.
لكن التطورات الأخيرة في سوريا أدت الى تغيّر التقديرات الإسرائيلية للوضع وبروز رؤية مختلفة للأمور هناك. فبعدما كان الاعتقاد السائد ان الحرب السورية ستستمر وقتاً طويلاً من دون حسم، بات التقدير الآن أنه من الممكن التوصل الى تسوية، وخصوصاً بعد التدخل العسكري الروسي والمكاسب العسكرية التي حققها جيش الأسد والميليشيات الداعمة له في الفترة الأخيرة، وامكان الانتصار على تنظيم "داعش" من دون تدخل بري أجنبي. وثمة اقتناع الآن بأن اتفاق وقف النار والمفاوضات السياسية بين الأطراف المتقاتلين يمكن ان تشكل مدخلاً الى الحل السياسي.
ولكن على رغم ذلك، لا يعتقد الإسرائيليون أن سوريا ستعود الى ما كانت، ويرون ان عملية التوصل الى حل ستأخذ وقتاً طويلاً وربما تحولت سوريا في نهايتها الى حكم فيديرالي أو كيانات تتمتع بحكم ذاتي. كما يرجحون عدم قدرة الأسد على الاحتفاظ بمنصبه فترة طويلة، وان البديل منه سيكون تحالف يجمع قوى عدة، يشكل العلويون مكوناً من مكوناته.
ثمة اقتناع اسرائيلي بأن هذا كله لم يكن ليحصل لولا التدخل الروسي في الحرب الأهلية السورية الذي لم يغير مسار هذه الحرب فحسب، بل كان له دور أساسي في تغيير الموقف الإسرائيلي منها. والواقع أن التفاهم والتنسيق العسكريين مع الروس في كل ما يتعلق بالشأن السوري ساهم في تبديد المخاوف الإسرائيلية من تحول سوريا الى محمية إيرانية، ومن استخدام "حزب الله" هضبة الجولان قاعدة أمامية لشن هجمات على إسرائيل. ويرى الإسرائيليون ان العلاقة الوثيقة مع الرئيس الروسي بوتين والقائمة على الاحترام المتبادل والثقة والمصالح المشتركة ضمانة اساسية للحفاظ على أمن حدودهم.
الاهم في هذا كله أن حرب سوريا في رأي إسرائيل غيّرت أولويات "حزب الله". فالحزب الغارق في المستنقع السوري لا يرغب حالياً في مواجهة جديدة على رغم تعاظم قدراته القتالية.
مع اقتراب مرور 10 اعوام على حرب تموز تبدو الحرب المقبلة مؤجلة الى ما بعد انتهاء الحرب السورية.
(المصدر: النهار 2016-04-29)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews