جدية استدارة العبادي نحو محيطه العربي
”.. يبدو أن دول الخليج ستتعامل بحذر شديد مع هذه الدعوة في ظل استمرار التوافق الأميركي ـ الإيراني بشأن دعم العملية السياسية في العراق، خاصة أن المطلوب من العرب هو إعادة إعمار ما تولت منظومة ما بعد غزو 2003 تخريبه، وضخ الأموال العربية للتغطية على مخلفات فضائح الفساد. المتهم بها أحزاب تتحكم بشؤون العراق.”
في الوقت الذي يواجه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ضغوطا شعبية تزامنت مع انقسام سياسي وبرلماني حول حزمة الإصلاحات التي مرر جزءا منها في جلسة مجلس النواب المنقسم على نفسه، الأمر الذي دفعه للجوء إلى المحيط العربي، في مسعى أبعد من محاربة “داعش” وإصلاح ما أفسدته الأحزاب الحاكمة، وإنما كانت خطوة العبادي هي محاولة لإنقاذ حكومته من الانهيار على وقع الأزمات البرلمانية والسياسية والاقتصادية المتفاقمة في العراق.
وطبقا لمسار علاقة العراق بمحيطه العربي يستبعد مراقبون أن تقبل دول عربية مركزية بأي دور يهدف إلى إنقاذ الأحزاب المرتبطة بجهات خارجية أو التغطية على الفساد، أو ضخ أموال، دون أن يكون ذلك مدخلا لعودة العراق إلى عمقه العربي.
العبادي وفي إطار سعيه لانفتاحه العربي أجرى سلسلة اتصالات غير مسبوقة في يوم واحد شملت قادة السعودية والأردن ومصر والإمارات وإيران تزامنت مع القمة الخليجية ـ الأميركية التي عقدت في الرياض، وبعد زيارتي وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الدفاع أشتون كارتر إلى بغداد.
ويرى مراقبون في استدارة العبادي صوب المحيط العربي هدفها إشراك العرب في مهمة إخراج العراق من الأزمة السياسية الخانقة التي يعيشها في ظل حكومة المحاصصة.
وكان وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر قد دعا دول مجلس التعاون إلى انخراط أكبر في العراق، ليس فقط عسكريا لكن أيضا سياسيا واقتصاديا.
ويبدو أن دول الخليج ستتعامل بحذر شديد مع هذه الدعوة في ظل استمرار التوافق الأميركي ـ الإيراني بشأن دعم العملية السياسية في العراق، خاصة أن المطلوب من العرب هو إعادة إعمار ما تولت منظومة ما بعد غزو 2003 تخريبه، وضخ الأموال العربية للتغطية على مخلفات فضائح الفساد، المتهم بها أحزاب تتحكم بشؤون العراق.
واعتبرت أوساط سياسية تدعم ارتباط العراق بمحيطه العربي، أنه من المبالغة تفسير اتصالات العبادي على أنها خطوة في اتجاه انفتاح العراق على محيطه العربي، وبالأخص الدول المعنية بالشأن العراقي والتي يمكنها أن تمد له يد العون.
ووصفت هذه الأوساط الخطوة المتأخرة التي قام بها العبادي على أنها محاولة من رئيس الوزراء المهدد بالإقالة لتحقيق ضربة استباقية ضد خصومه. وعلى رأسهم سلفه نوري المالكي.
وتعتقد ذات الأوساط أن المشكلة تفاقمت بسبب ما انتهى إليه فشل الائتلاف الحاكم في إدارة السلطة من منع انهيارات اقتصادية وسياسية واجتماعية بدأت تداعياتها المأساوية تظهر علنا، وهو ما قاد إلى سلسلة من التظاهرات والاعتصامات الشعبية المطالبة بالتغيير الشامل.
على أية حال سيبقى عدم اطمئنان الدول العربية من جدية انفتاح العبادي على محيطه العربي ومن الأزمة حاجزا قبل أن تمد يدها إلى العراق لا سيما وأن دعوات تطلق من أحزاب في السلطة معادية ورافضة الانفتاح على المحيط العربي، الأمر الذي يقوض محاولات العبادي التي تستنجد بالعرب لدعمه.
وإذا كان سعي العبادي يتجه للانفتاح على محيطه العربي يعزز من فرص حصوله على الدعم المنشود فإنه في ذات الوقت يتطلب منه مواجهة خصومه الذين يرون في خطوة العبادي إذعانا للرغبة الأميركية واشتراطاتها التي قد تقوض علاقة العراق بحلفائه الإقليميين.
(المصدر: الوطن العمانية 2016-04-29)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews