تخفيف الفقر في العراق: نجاحات ام تلكؤ
اعلنت اللجنة العليا لسياسات التخفيف من الفقر مؤخرا عن انخفاض في نسبة الفقر في العراق بلغ حوالي (4بالمئة) في العام 2012 لتصل الى (18.9بالمئة) مقارنة بنسبتها في العام 2007 التي كانت (23بالمئة).
اي ان نسبة الانعتاق من الفقر هي اقل من ( 0.7بالمئة) في السنة، وهي نسبة ضئيلة بدون شك، وغير متناسبة مع الزيادة الكبيرة في ايرادات البلاد وقدراتها المالية والتنموية.
فقد بلغت ميزانية العراق السنوية لعام 2012 حوالي (100) مليار دولار مقارنة بـ (40) مليار دولار لسنة 2007، اي بنسبة زيادة كبيرة بلغت (250بالمئة)لنفس الفترة لكنها لم تنعكس كما ينبغي على مستويات المعيشة خاصة لدى الفئات الفقيرة والمهمشة، وبقي خط الفقر مرتفعا ويقبع دونه حوالي سبعة ملايين مواطن عراقي.
كما عرضت اللجنة العليا بنفس الاعلان ارقاما ونسبا عن مؤشرات اخرى كفجوة الفقر وشدته ومتوسط الانفاق وغيرها، اشارت بمجملها الى ان امام العراق شوطا طويلا لتحقيق هدف التخفيف من الفقر فضلا عن القضاء عليه، بالرغم من المؤشرات التي اظهرت تقدما محسوسا في مستوى المعيشة في بعض المحافظات العراقية.ان النظر بالعين المجردة للوضع الاجتماعي والاقتصادي في غالبية المدن العراقية يعكس صورا ايجابية عن ارتفاع مستويات المعيشة، اذ يتلمس المرء تحسنا واضحا في العديد من اوجه الحياة ومنها الممتلكات، كالبيوت الحديثة والسيارات والاجهزة الكهربائية واجهزة الاتصال والملبس والمأكل والمظهر ونزعة الاستهلاك وغير ذلك، وهذه حقائق لامجال للطعن فيها لانها ملموسة.
اما النظر بالعين الفاحصة والباحثة في حواشي المدن والقرى والارياف والعشوائيات المنتشرةعبر البلاد وفي ظل تردي الخدمات الاساسية كالكهرباء والمياه الصالحة للشرب، فانها تظهر صورة محزنة عن فئات شعبية كبيرة مازالت عاجزة عن الاستفادة من الطفرة في مستوى الدخل، الناتج عن مداخيل النفط والانفتاح الاقتصادي المنفلت في الكثير من اوجهه، ومن الواضح انها ستبقى كذلك ان لم تصبح هدفا مباشرا لبرامج حكومية مكثفة مصممة لانتشالها من الفقر المدقع الذي احكم كماشته الاخطبوطية عليها.
في الحقيقة فان الامر يجب ان يتجاوز النظر بالعين المجردة حتى لو كانت فاحصة، بل هناك حاجة حقيقية الى معلومات دقيقة واحصائيات وبحوث ودراسات وتحليل، ولن تكفي الاحاديث والتقارير غير الموثّقة بالارقام والمغلفة بالنوايا الحسنة.
ان حركة المجتمع نحوالانعتاق المادي من الفقر، بحاجة الى برامج واموال وخطط واطر زمنية ورقابة ومراجعة وغير ذلك.ولابد هنا من الاشادة بجهود الجهاز المركزي للاحصاء الذي يحرص على اتاحة المعلومات ونتائج المسوح الرصينة للمواطنين، وهو يعمل بحرية ومهنية، ويتعاون مع الوكالات والمنظمات الدولية الرائدة، كالبنك الدولي وبرنامج الاغذية العالمي (دبليو اف بي)، ويعمل على ترويج الاحصائيات على اوسع نطاق للمستفيدين والمستخدمين والدارسين، مما اتاح تراكما مفيدا للمعلومات هي الاكثر موثوقية وحيادية على الرغم من انه بحاجة اكبر لتعزيز امكاناته البشرية وتحسين موقعه الالكتروني ليناسب وظيفته.ان تجارب العالم ترينا ان افقر (20بالمئة) من المواطنين لا يتأثرون ببرامج مكافحة الفقر الحكومية الا اذا ركزت على القطاع الزراعي والريف، ولهذا فان علامات الرفاهية في بعض الاحياء السكنية والتحسن الطارئ على انماط الاستهلاك وزيادة البضاعة في الاسواق لاتعكس بالضرورة نجاحا في مكافحة الفقر.
فالفقر ـ تعريفا ـ هو النقص الفادح في الموارد المادية سواء كانت على شكل اموال او بضائع، او في وسائل المعيشة التي توفر شروط الحياة المريحة وتسمح بالمعيشة الانسانية الصحية.
والمعروف فان مناطق الريف العراقي هي اكثر مناطق البلاد بؤسا ونقصا في الموارد والخدمات، ولذلك فان التنمية الريفية الشاملة التي تتيح شروطا متكافئة للفقراء في ميادين التربية والتعليم والصحة والنقل والاستقرار الاجتماعي وغيرها، هي الوسيلة الاساسية لمكافحة الفقر،وحينئذ سينعكس ذلك في الاحصائيات التي ترينا هبوطا واضحا في خط الفقر.
( المصدر : الصباح العراقية )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews