أوباما في بريطانيا: تلون في السياسة

الرئيس براك أوباما، مثلما يمكن الاستنتاج من سلوكه، في المسائل الوطنية والدولية المعقدة، محبط جدا. وهذا احباط طبيعي لمن كان الأمل الكبير المسيحاني تقريبا، وهو يترك خلفه في نهاية ولايته حلم محطم. على مدى 8 سنوات كرئيس للولايات المتحدة تحولت هذه القوة العظمى التي هي العمود الفقري للحضارة الغربية إلى مترددة ولا تملك القدرة على اتخاذ القرارات وهي ترد ببطء مقلق على الاحداث المفروضة عليها. الوضع الاقتصادي الداخلي ايضا ليس جيدا وطبقة متوسطة كبيرة تشعر بعدم اليقين وعدم الثقة حول مستقبلها.

إن الانجازات والنجاحات التي يحظى بها ترامب هي انعكاس شعبي لكثير من الأمريكيين الذين تربوا على اسطورة رفع علم الولايات المتحدة في نهاية الحرب العالمية الثانية على جبل سوريباتشي اثناء المعارك في إيفو جيما. والآن هم يشاهدون بقلق متألم إنزال العلم إلى النصف على طريق انزاله تماما.

ومن اجل جمع شظايا إرثه خرج أوباما في رحلته الاخيرة في الشرق الاوسط وأوروبا. الكثير من اصدقاء الولايات المتحدة يشعرون بأنه تمت خيانتهم. وايضا في العلاقات بين الدول لا يمكن أن تستخدم ومن ثم تلقي جانبا. إن توسل أوباما وادارته لإيران خلف المشاعر الصعبة لدى السعودية ودول الخليج. ومصر المنقسمة تدفع إلى الآن ثمن تأييد أوباما للاخوان المسلمين.

إن إسرائيل التي قادت الصراع ضد السلاح النووي الإيراني، فهمت أن الولايات المتحدة قد تم تضليلها، وقد سارت وراء الابتسامات المزيفة لظريف وزملائه في القيادة الإيرانية.

أغنية «ما الذي تغير» من قبل الرئيس أوباما لا يمكنها محو القناعة بأن شيئا لن يتغير لدى الرئيس الذي تضامن بشكل كامل مع الاكاذيب الفلسطينية.

زعماء الشرق الاوسط لن ينجحوا في اتخاذ القرار إذا كان أوباما رئيسا ساذجا أو مستعدا للتضحية بمباديء أساسية وبالنزاهة الحيوية فقط من اجل الحفاظ على سطرين ايجابيين في كتب التاريخ. فهذه الاسطر سيتم محوها بسرعة قياسية.

أوروبا ايضا يائسة من الولايات المتحدة. فعدم قدرة أوباما على اتخاذ القرار بخصوص الموضوع السوري سمح للاتحاد السوفييتي أن يقود خطوات حقيقية في الشرق الاوسط وأوروبا. إن المعالجة الفاشلة للمشكلة السورية ساهمت في موجة كبيرة من المهاجرين الذين يغرقون أوروبا، تسونامي كبير له تأثيره الاجتماعي والامني من الدرجة الاولى. ويضاف إلى ذلك الازمة الاقتصادية التي تهدد بالقضاء على الاتحاد الأوروبي الذي تم الاتفاق عليه في ميثاق ماستريخت في 1992.

على هذه الخلفية، مواطنو بريطانيا سيقررون في استفتاء شعبي إذا كانوا سينفصلون عن الاتحاد الأوروبي. واثناء زيارته الحالية في بريطانيا تحدث أوباما بشكل حاسم ضد انفصال بريطانيا عن الاتحاد. وهذا تدخل فظ في شؤون دولة اخرى. وهو يعبر عن رغبته في عدم اتهامه بسقوط الاتحاد. وهو يتوقع قيام مواطني بريطانيا بالتراجع عن رأيهم والتفكير في مصلحة دولتهم ارضاء لارثه.

وليس واضحا إلى الآن لماذا هاجم أوباما نتنياهو الذي بذل جهده لاقناع المنتخبين والرأي العام في الولايات المتحدة بعدم الانجرار وراء الاتفاق النووي الخطير. كم مطلوب من التلون لمن يسمح لنفسه بفعل اشياء ويحظرها على الآخرين. لقد اعتبر الفيلسوف عمانوئيل كانت هذا السلوك فشلا اخلاقيا اساسيا. ومن حسن حظ البريطانيين أن أوباما لا يمكنه استخدام الفيتو ضد القرار الذي سيتخذونه.

(إسرائيل اليوم 2016-04-25)