حُرقة المعدة.. الأسباب والحلول
ربما لم يسلم أي شخص من المعاناة من حُرقة المعدة، ولكن تكرار الإصابة بها بصورة مستمرة، كأن تحدث دائما بعد تناول الطعام مثلا أو أثناء الاستلقاء على الفراش أو عند الانحناء إلى الأمام، قد يشير إلى مشاكل صحية خطيرة قد تصل إلى حد الإصابة بسرطان المريء.
وأرجع الدكتور بيتر ماير، من الجمعية الألمانية لأمراض الهضم والتمثيل الغذائي بالعاصمة برلين، سبب الإصابة بحرقة المعدة إلى العصارة الهضمية التي تتحرك في اتجاه معاكس للطعام النازل إلى أسفل، وتصعد نحو الأعلى إلى المريء، ولذلك يطلق عليها الأطباء اسم مرض الارتجاع المعدي المريئي.
ويشير الطبيب إلى أن سبب هذه المشكلة من الناحية العضوية هو عدم انغلاق العضلة العاصرة الموجودة في مدخل المعدة، والتي يفترض أن تنغلق تماما حتى تعمل على الاحتفاظ بالعصارة الهضمية داخل المعدة.
أما إذا كان الشخص يعاني من اضطراب في غلق هذه العضلة واستلقى مثلا للاستمتاع بقيلولة بعد تناول الطعام مباشرة وكانت معدته ممتلئة عن آخرها، فسيتسبب ذلك حينئذ في عدم انغلاق هذه العضلة، مما يؤدي إلى ارتجاع العصارة الهضمية إلى المريء والإصابة بحُرقة المعدة.
الضغط والحمل
وأردف ماير أنه حتى إذا كانت العضلة العاصرة سليمة ولا تعاني من أي اضطراب، فإنها ستفقد قدرتها على القيام بوظيفتها أيضا عند تعرض المعدة لضغط شديد. ولذلك تحدث الإصابة بحرقة المعدة أيضا أثناء فترة الحمل مثلا، دون أن يكون ذلك مؤشرا للإصابة بمرض خطير، إذ تعاني النساء الحوامل من حُرقة المعدة خلال المرحلة الأخيرة من الحمل نتيجة كبر حجم البطن وضغطه على المعدة.
وقد يرجع ارتخاء العضلات العاصرة للمريء على مستوى ارتفاع الحجاب الحاجز، إلى أسباب عضوية مثل الإصابة بفتق في الحجاب الحاجز أو زيادة الوزن أو تناول الوجبات السريعة أو الأدوية. كما أن الوقوع تحت ضغط عصبي أو سيطرة مشاعر الغضب قد يتسبب أيضا في صعود العصارة الهضمية إلى أعلى والإصابة بتجشؤ حمضي أو حرقة في منطقة الصدر أو التهاب في الحلق نتيجة وصول هذه الأحماض إليه.
وأردف ماير أن المكون الرئيسي للعصارة الهضمية هو حمض الهيدروكلوريك، الذي يتم إفرازه في خلايا خاصة في جدار المعدة من أجل تحليل الطعام الذي تم تناوله. ونظرا لاختلاف تكوين أنسجة المريء عن أنسجة المعدة، فلا يمكن للمريء التعامل مع العصارة الهضمية التي تصعد إليه من المعدة، مما يؤدي إلى الشعور بتلك المتاعب.
ويشير ماير إلى أن هناك العديد من الوسائل المنزلية والأدوية المصرح بشرائها دون استشارة الطبيب، وكذلك العديد من الإرشادات المساعدة على مواجهة متاعب حرقة المعدة، لافتا إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون مجدية على الدوام.
إرشادات
وتشمل الإرشادات مثلا عدم تناول أية مشروبات أثناء تناول الطعام، إذ يتسبب ذلك في امتلاء المعدة وطفو الأطعمة التي تم هضمها على سطح هذه السوائل. وعدم تناول الطعام في وقت متأخر، وذلك لإعطاء المعدة فرصة لهضم الطعام قبل الخلود إلى النوم. وكذلك عدم الاستلقاء على الظهر بعد تناول الطعام مباشرة، بالإضافة إلى رفع الجزء العلوي من الجسم قليلا عند النوم للحد من ارتجاع العصارة الهضمية إلى المريء.
وتضم قائمة النصائح أيضا تناول الطعام ببطء ومضغه جيدا، والابتعاد عن تناول المشروبات والمياه الغازية، وكذلك الأطعمة والأشربة التي تعمل على تحفيز إفراز الأحماض في المعدة كالقهوة والخمور.
ويلفت ماير إلى أن هذه النصائح يمكن أن تجدي نفعا مع مرضى حرقة المعدة في حالات معينة، مؤكدا أن الإصابة بالارتجاع المعدي المريئي في شكله الحقيقي لا يمكن الحد من متاعبه إلا عن طريق خيارين، الأول تناول الأدوية التي تثبط إفراز الأحماض في المعدة والمعروفة باسم "مثبطات مضخة البروتون"، والثاني هو الجراحة.
من جهتها تشير الرابطة الألمانية لمكافحة أمراض الجهاز الهضمي واضطرابات التمثيل الغذائي والتغذية، إلى أن حرقة المعدة العرضية -أي التي لا تحدث بصورة مستمرة- تعد مشكلة عالمية يعاني منها الكثير من الأشخاص.
ويصاب شخص واحد من كل عشرة أشخاص ممن يعانون من ارتجاع العصارة الهضمية إلى المريء، بالتهاب المريء المعروف باسم الارتجاع المعدي المريئي، والذي يتسبب في إحداث أضرار في الغشاء المخاطي المبطن للمريء، والتي قد لا تنحصر في منطقة المريء فقط، إذ يمكن أن تصل العصارة الهضمية إلى منطقة الحلق أثناء النوم.
وحذرت الرابطة من أنه إذا وصلت بعض قطرات الأحماض هذه إلى المسالك التنفسية لدى المريض، يمكن أن يؤدي ذلك حينئذ إلى إصابته بسعال أو التهاب مزمن في الشعب الهوائية أو متاعب مشابهة لمتاعب الربو، وقد يصل الأمر إلى الإصابة بالتهابات في اللثة والأذن الوسطى.
التهاب خطير
ويحذر البروفيسور هاينتس بور عضو الجمعية الألمانية لجراحة البطن بالعاصمة برلين، من أنه كلما تكررت نوبات ارتجاع العصارة الهضمية إلى المريء، زاد خطر الإصابة بأنواع خطيرة من الالتهابات تؤدي إلى إحداث تغير مرضي في الغشاء المخاطي المبطن للمريء، وهي حالة معروفة طبيا باسم "متلازمة مريء باريت".
ويشير بور إلى أن واحدا من كل عشرة أشخاص ممن يعانون من هذه المتلازمة يصابون بعد ذلك بسرطان المريء نتيجة التغير الحادث على أنسجته بفعل هذا المرض. وللتحقق مما إذا كان المريض مصابا بمثل هذه الأضرار المصاحبة لحرقة المعدة أم لا، يجب إجراء منظار على المعدة.
وحول خيارات التعامل مع الحُرقة يشير بور إلى أنه في حال رفض المريض تناول الأدوية التي قد تمتد طوال الحياة، يمكن اللجوء إلى الخيار الثاني وهو إجراء عملية جراحية.
ويشرح بور كيفية إجراء هذه الجراحة، إذ يتم أخذ الجزء العلوي من المعدة ولفه حول الجزء السفلي من المريء وإغلاقه به، مطمئنا بأن هذه الجراحة لا تتسبب في إحداث أي ندبات واضحة، لأنه عادة ما يقوم الجراح بإجرائها عن طريق الفم والمريء.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews