تقرير ماكينزي والهيئة العامة للاستثمار
إذا استعرضنا البيانات على موقع الهيئة العامة للاستثمار فسوف نخرج بانطباع متفائل عن مستقبل الاستثمارات وبيئتها في المملكة. فهذه البيانات تشير إلى أننا نحتل المرتبة الثالثة عالمياً في الحرية المالية ولدينا نظام ضريبي مصنف في المرتبة الثالثة عالمياً ضمن أفضل النظم الضريبة تحفيزاً للاستثمار ولهذا فإننا نتمتع ببيئة استثمارية جذابة وسريعة التكيف مع المتغيرات العالمية الأمر الذي أدى إلى حصولنا على المرتبة 24 من بين 144 دولة في مؤشر التنافسية لعام 2014 والمرتبة 49 ضمن 189 دولة فى التصنيف العالمى من حيث سهولة ممارسة أنشطة الأعمال.
ولكن عندما نطلع على النقاش الذي دار في مجلس الشورى عن التقرير السنوي للهيئة العامة للاستثمار فإننا نخرج بانطباع مغاير تماماً. فالمؤشرات المواتية على موقع الهيئة لم تتمكن من جذب الاستثمارات الأجنبية التي يحتاجها اقتصادنا. وأنا هنا أتذكر أول لقاء لأصحاب الأعمال مع رجل المهمات الصعبة سمو الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي آل سعود، سفير خادم الحرمين الشريفين في الولايات المتحدة الأميركية، عندما كان يشغل منصب رئيس الهيئة العامة للاستثمار. فلقد استبشر الجميع خيراً لإنشاء الهيئة أولاً ولتعيين شخصية متميزة على رأسها ثانياً. بالفعل فإن الهيئة قد تمكنت بعد انطلاقها وخلال الفترة الواقعة بين 2000 وحتى 2004 من إحداث نقلة نوعية تحولنا خلالها من بلد لا تتدفق عليه في العام الواحد غير ملايين الدولارات إلى منطقة جذب للمليارات.
ولكن تقرير الهيئة العامة للاستثمار لعام 1436ه يعيدنا للأسف إلى تلك الفترة التي سبقت تأسيسها. فمن غير المعقول أن 90% من قيمة الاستثمارات الأجنبية تعود لمشروعين فقط. فنحن وفقاً لتقرير الهيئة قد أصبحنا مكاناً مغرياً لاستثمارات المؤسسات الفردية وشركات الأفراد التي تشكل 60 من التراخيص. وعلى هذا الأساس فقد تحولنا إلى بيئة جذب للمطاعم ومحلات بيع الفول والحلاقة والبقالات بدلاً من أن نصبح مرسى تأتي اليه رؤوس الأموال الضخمة في مجال البتروكيماويات والتعدين والصناعة الإحلالية والمرافق السياحية التي تتعطش إليها بلدنا.
إن الأرقام المريعة في التقري تأتي في ظل أجواء يدور فيها الحديث عن تقرير ماكينزي الذي يستهدف، خلال الخمسة عشرة عاماً القادمة، مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي بالاعتماد على استثمار 16 ترليون ريال أي 4 ترليونات دولار. ولهذا أخشى أن يكون منتقدي مكينزي هم من المستفيدين من الدكاكين ومحلات الفول. وإلا فإن التقرير لم يرتكب جرماً عندما وضع لبلدنا أهدافاً طموحة يفترض أن تسعى إليها خلال 15 عاماً. فنحن إذا تمكنا من تحقيق 70% إلى 80% من هذا التقرير فإن ذلك خير وبركة. فالتقارير التي على هذه الشاكلة لا يمكن أن تتحقق 100%. ومن يريد أن يتأكد يكفيه الاطلاع على التقارير العالمية المستقبلية سواء كان ذلك في مجال الطاقة وأسعار النفط أو المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والتي تسمى outlook. فهذه التوقعات لا تتحقق أبداً 100%. ولكنها ضرورية.
ولذلك فإن الإشكالية ليس في تقرير ماكينزي وإنما في الآلية التي سوف نعمل بها لتحقيق ما جاء فيه. وهي من الواضح لا تتفق مع آلية عمل الهيئة العامة للاستثمار.
(المصدر: الرياض 2016-04-16)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews