هزيمة تنظيم «الدولة» في سوريا حتمية
في جبل الشيخ السوري الذي كان على مدى عشرات السنين خط الدفاع المتقدم للجيش السوري أمام مواقع الجيش الإسرائيلي، لم يبق فيه أي ذكر للجيش الذي كان في السابق التهديد الاول بالنسبة لإسرائيل. آخر مقاتلو الكوماندوز السوريين تركوا مواقعهم في الطرف السوري من الحدود منذ الشتاء الماضي. صعوبات التزويد، اضافة إلى حاجة نظام الاسد إلى الدفاع عن اماكن اخرى أكثر أهمية، أدت إلى ترك الجبل. ومن بقي على الجبل هم فقط مراقبو الامم المتحدة، الذين كانوا في السابق من النيبال ودول اسكندنافيا واليوم هم من بيجي. الضباط الإسرائيليون الذين تحدثوا مع ضابط الامم المتحدة في السابق عن الصعوبات في جبل الشيخ، رد عليهم بدهشة: «جبال؟ بالكاد هذه تلال».
من الناحية الفعلية لم تبق اليوم أي نقطة على حدود إسرائيل وسوريا في هضبة الجولان يجلس فيها جنود الجيش الإسرائيلي أو الجيش السوري أمام بعضهم البعض. اضافة إلى تواجد ضئيل في القنيظرة التي يسيطر عليها النظام السوري بشكل غير مباشر والقرية الدرزية الخضر على سفوح جبل الشيخ السوري. هناك ايضا يوجد تواجد علني لمليشيات درزية محلية تدافع عن السكان، رغم أن إسرائيل تعتقد أن الخلايا التي تعمل هناك على صلة بالجيش السوري وحزب الله وحرس الثورة الإيراني. المواقع المتقدمة للجيش السوري توجد إلى الشمال من هناك وهي قريبة من الممر الذي يصل القنيظرة والخضر مع العاصمة دمشق.
بعد اتفاق وقف اطلاق النار بشهر، الذي تم الاعلان عنه في سوريا، بدأت تتحقق تقديرات الاجهزة الأمنية حول انهيار هذا الاتفاق. صحيح أن المعارك تجري على نار هادئة، إلا أنها تجددت في مناطق مختلفة في الدولة، في منطقة اللاذقية في شمال غرب الدولة مرورا بحلب وحمص وانتهاء بدرعا في الجنوب.
حقيقة أن وقف اطلاق النار لا يشمل منظمات المتمردين الاكثر تمردا مثل جبهة النصرة وداعش، تُمكن الرئيس بشار الاسد وسلاح الجو الروسي من الاستمرار في الهجوم عليها، وكذلك العودة وجر المتمردين الآخرين الذين يرتبطون احيانا بتحالفات محلية مع جبهة النصرة، إلى القتال. وهناك في الأصل بعض المنظمات التي لم تنضم إلى الاتفاق لاسباب مختلفة. وحسب تقديرات إسرائيل فان 40 منظمة من أصل 100 تلتزم بهذا الاتفاق. وحتى اللقاء القادم للمحادثات السياسية حول سوريا في جنيف، ليس واضحا ما الذي سيبقى من اتفاق وقف اطلاق النار.
إسرائيل تتعامل بشك مع تصريحات الرئيس الروسي بوتين حول سحب قواته من سوريا. وبشكل فعلي قامت روسيا باخلاء مجموعة من مجموعتي الطائرات في منطقة اللاذقية وطرطوس في شمال غرب سوريا. وقد بقيت في سوريا 20 طائرة قتالية من نوع «سوخوي»، والروس يقومون باستخدام طائرات قتالية متقدمة. والقصف الجوي لهم لم يتوقف رغم أن المتوسط اليومي قد تراجع.
اعلان بوتين عن انهاء العملية العسكرية هدف إلى اعطاء الغطاء للمبادرة السياسية التي سعى اليها في جنيف. رغم أن فرص النجاح ضئيلة، إلا أن روسيا تضع نفسها كمن يقود الامور في سوريا، سواء من الناحية العسكرية أو السياسية. موسكو هي التي وضعت خطوط الدفاع للنظام، وبعد ذلك تركيزه على احتلال مناطق صغيرة في ارجاء الدولة بفضل القصف الجوي منذ تشرين الاول الماضي وحتى شباط.
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يؤيدان إلى درجة ما الخطوة السياسية. والأمريكيون ما زالوا يطلبون طرد الاسد، اضافة إلى محاولة تهدئة الحرب. لكن هذا الطلب ليس فوريا بالضرورة. وفي المقابل، الانطباع السائد لدى الاجهزة الأمنية الإسرائيلية هو أنه إذا تقدمت المفاوضات وأصبح ممكنا تحقيق عملية دبلوماسية فان بوتين سيوافق على التضحية بالاسد فيما بعد بشرط أن يبقى النظام على حاله، ومن خلاله يتم ضمان السيطرة الروسية على ميناء طرطوس على البحر المتوسط.
هناك تفاؤل حذر في إسرائيل حول موضوع آخر: فرصة هزيمة داعش في سوريا على الأقل. الهزيمة التي اصابته من نظام الاسد، حيث اضطره إلى الانسحاب في نهاية آذار من مدينة تدمر في شرق الدولة، لم تكن صدفة. داعش يجد صعوبة في الحفاظ على المناطق الواسعة للخلافة الإسلامية ولا سيما في سوريا. فقد وجد التنظيم نفسه في حرب مع أطراف كثيرة ـ الولايات المتحدة، روسيا، دول من الاتحاد الأوروبي، تركيا، نظام الاسد وكثير من الدول العربية ومنظمات المتمردين ومنها الاحزاب الكردية. التحالفات المختلفة التي تقوم بضرب داعش متفوقة عليه جويا، والعمليات التي نفذها في باريس وبروكسل وكاليفورنيا وسيناء زادت من العداء له. وقد تلقى داعش ايضا ضربة اقتصادية شديدة بسبب الاضرار التي اصابت آبار النفط التي يسيطر عليها.
قال مصدر أمني رفيع المستوى لـ «هآرتس»: «إن هزيمة داعش في سوريا هي مسألة وقت، وهي تتعلق بتحسين التنسيق بين القوى العظمى وبين منظمات المتمردين التي تحاربه، سواء السنية المعتدلة أو الكردية». وانطباع إسرائيل هو أن التنظيم لن يستطيع مواجهة هذا القدر من الجبهات، ويتوقع أن ينسحب تحت الضغط من مناطق اخرى في شرق سوريا.
العملية العسكرية ضد داعش في العراق والتي ستركز في الاشهر القادمة على اعادة احتلال الموصل، ستكون أصعب. والاستخبارات الإسرائيلية والغربية تعتقد أن داعش ينوي استخدام المزيد من الخلايا الإرهابية في أوروبا وخارجها استمرارا للعمليات التي بادر اليها في الاشهر الاخيرة.
(المصدر: هآرتس 2016-04-06)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews