شركات الإقراض على الإنترنت قلقة من جشع «وول ستريت»
منذ أن ظهرت صناعة إقراض السوق قوة في أعقاب الأزمة المالية، تعجب المستثمرون من معدلات النمو التي كانت هذه الشركات القائمة على التكنولوجيا قادرة على تحقيقها.
في حين أن نمو الإقراض في المصارف انتعش ببطء منذ عام 2008، إلا أن شركات الإقراض على الإنترنت مثل "ليندينج كلاب" Lending Club، و"بروسبر"، و"أون ديك كابيتال"، كانت تضاعف مبالغ القروض التي تتعامل معها - أو أكثر في بعض الأحيان - مع مرور كل عام.
إنه إنجاز أجبر الصناعة على إعادة التفكير في الطريقة التي تجري بها الأعمال. ربما بدأت شركات إقراض السوق باعتبارها شركات ثورية مناهضة لوول ستريت تسعى إلى إعادة تشكيل القطاع المصرفي، من خلال الجمع بين المقترضين والمقرضين الأفراد باستخدام التكنولوجيا.
لكن في الأعوام الأخيرة، الطلب على القروض فاق ببساطة قدرة منصات السوق على إلحاق ما يكفي من المقرضين الأفراد لتمويلها. وطالب مؤيدو رأس المال المغامر، غير الصبورين، بتوسع أسرع. بالتالي تحول المشغلون (لا تستغرب) إلى وول ستريت؛ إلى صناديق التحوط والمكاتب الخاصة، للحفاظ على تداول المال.
الأرقام تتحدث عن نفسها. المقرضون الأفراد الخالصون الذين يذهبون إلى الإنترنت كانوا يشكلون خمس القروض الشخصية فقط التي أصدرتها في العام الماضي "ليندينج كلاب"، أكبر شركة إقراض سوق مدرجة في البورصة. وفي حين أن قناة الأفراد نمت بنسبة كبيرة بلغت 61 في المائة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إلا أن المقرضين المؤسسيين (بما في ذلك الصناديق المدارة ومكاتب العائلة) ارتفعت أكثر من ضعفي ذلك المعدل.
لكن الآن، يتحدث بعض قادة الصناعة كما لو أنهم يريدون إبعاد هذا الأنموذج عن اعتماده المتزايد على تمويل السوق. رينو لابلانش، الرئيس التنفيذي لشركة ليندينج كلاب، يقول إنه يريد الحد من اعتماد الشركة في مستواها الحالي على الأموال المؤسسية (على الرغم من أنه يتحدث عن المجموعة الفرعية - نقود صناديق التحوط، والمصارف وشركات التأمين - التي شكلت نحو 45 في المائة من تمويلها العام الماضي). مايك كاجني، رئيس "سوفي"، وهي شركة إقراض كبيرة على الإنترنت متخصصة في خريجي الجامعات، ينوي إنشاء صندوق مقيد للاستثمار في قروض الشركة الخاصة، فضلا عن تلك التي من منافسيها.
ويحق لأهل هذه الصناعة الشعور بالقلق من أن تصبح صناعتهم مدمنة على أطماع وجشع وول ستريت. رأس المال المؤسسي ربما ساعد الصناعة على الاستيلاء على سوق الإقراض أكثر مما كانت ستفعل خلافا لذلك. لقد سمح لشركتين إثنين - ليندينج كلاب وأون ديك - بطرح أسهمهما في البورصة، ومنح بعض الشركات في القطاع الخاص، مثل سوفي، تقييمات كبيرة. لكنه أيضا نقطة ضعف.
أثبتت صناديق التحوط والمصارف أنها مرغوبة بسهولة نسبيا عندما تراوح أسعار الفائدة على قروض "ليندينج كلاب" بين 7.5 و25 في المائة ومتوسط العائد على السندات يبلغ نسبة بائسة مقدارها 2 في المائة. لكن اعتمادها على وول ستريت يجعل شركات الإقراض على الإنترنت تحمل أكثر من مجرد شبه عابر لشركات التمويل التقليدية، مثل "هاوسهولد" و"كنتري وايد فاينانشال". ومثلما اكتشفت تلك الشركات في الفترة التي سبقت أزمة عام 2007، فإن تمويل السوق يمكن أن يجف بسرعة عندما يتحول المزاج العام. صحيح أننا لم نشهد بعد صدمة تنظيمية أو زيادة صغيرة في العجز من النوع الذي من شأنه أن يؤدي إلى مثل هذا التراجع، لكن التقلب الذي تبع زيادة الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي يعد تذكيرا واضحا بضعف المزاج العام. فهو لم يجبر مقرضي السوق على رفع أسعار الفائدة بسرعة فحسب، بل أطلق أيضا حالة من خيبة الأمل بين مشتري صفقات التورق المالي. وفي الأسبوع الماضي اضطر إصدار من شركة بروسبر ـ مقرها سان فرانسيسكو ـ لمنح المستثمرين في الفئات الأكثر خطورة خمس نقاط مئوية كاملة أكثر مما فعلته الشركة في صفقات مماثلة في الخريف الماضي. هناك حجة واضحة للحد من الاعتماد على الأموال المؤسسية. هذا ليس من شأنه فقط جعل هذه الشركات أكثر مرونة من منظور التمويل، لكن معدلات النمو الأبطأ من شأنها أيضا الحد من مخاطر سوء الاختيار التي تكون شركات الإقراض الشابة عرضة لها حتما. لكن الرحلة لا تأتي دون ألم بالنسبة للمستثمرين، إذ يتم توجيه عائدات شركات الإقراض على الإنترنت بشكل كبير إلى مستوى أعمال جديدة، أساسا لأنهم لا يملكون القروض التي يولدونها. ولنأخذ "ليندينج كلاب" مثالا. فما يقارب 90 في المائة من إيراداتها البالغة 427 مليون دولار العام الماضي جاءت من المعاملات. وإذا أزلنا الكثير من ذلك، فإن الشركة قد تسجل خسائر كبيرة. هذا ليس خيارا مريحا، لكن شركات إقراض السوق تملك على الأقل خيارا واحدا: بإمكانها اعتماد التقلب في أنموذجها القائم ومواصلة العمل حتى تنمو أكبر بكثير. بدلا من ذلك، بإمكانها إعادة تصميمه لعزل نفسها بشكل أفضل عن توقفات وانطلاقات السوق. لكن لا يمكن الحصول على وجبة مجانية هنا. معدلات النمو الأبطأ ورأس المال الأكثر استدامة من شأنه الحد من مخاطر صدمات التمويل المفاجئة على غرار الشركات. لكن فقط على حساب جعل شركات الإقراض على الإنترنت تبدو أكثر كما لو أنها شركات التمويل ذات التصنيف المنخفض التي من المفترض أن تحل محلها.
(المصدر: فايننشال تايمز 2016-03-29)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews