البنتاغون يقاتل سي آي إي على أرض سوريا
كشف تقرير عن قتال بين ميليشيات سلحتها "أطياف مختلفة من ماكينة الحرب الامريكيّة" بين مدينة حلب والحدود السورية التركية، في مواجهة كشفت محدودية سيطرة ضباط الإستخبارت والمخططين العسكريين الأمريكيين على المجموعات التي درّبوها وموّلوها خلال السنوات الماضية.
وتبادلت وحدات مدربة من وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي أي" ووحدات دربتها وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إطلاق النار خلال مناورات أجريت في المناطق المتنازع عليها الواقعة على المشارف الشمالية لحلب، بحسب ما أكده مسؤولون أمريكيون وقادة من الثوّار. وفي منتصف فبراير(شباط)، انسحب لواء فرسان الحق من بلدة مارع التي تقع 20 كيلومتراً شمال حلب، تحت الضغط العسكري لقوات سوريا الديموقراطية المدعومة من البنتاغون.
صعوبة في التنسيق
وقال فارس بيوش، أحد قادة فرسان الحق إن "أي فصيل يهاجمنا، وبغضّ النظر عن الجهة التي يتلقى دعمه منها، سنحاربه". وتحدث مقاتلون من المعارضة عن صدامات مشابهة في بلدة أعزاز التي تشكل نقطة عبور رئيسة للمقاتلين والمؤن بين حلب والحدود التركية. وحدثت اشتباكات مماثلة في حي الشيخ مقصود بحلب.
وتأتي الهجمات المتبادلة في وقت يستمر الصراع العسكري العنيف في سوريا. هذا الصراع يبرز الصعوبات التي تواجه الجهود الأمريكية في التنسيق بين عشرات المجموعات المسلحة التي تحاول، إسقاط حكم الأسد ومحاربة تنظيم الدولة وشنّ معارك بين بعضها البعض.
ظاهرة جديدة
ووصف النائب الديمقراطي وعضو لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي آدم شيف الصورة المستجدة في سوريا، قائلاً: "هذه ظاهرة جديدة نوعاً ما (لكنها) تحدّ ضخم". وأضاف: "هذا جزء من لعبة الشطرنج الثلاثية الأبعاد التي تشكّلها أرض المعركة السورية".
ولا تشهد المنطقة الشمالية في سوريا القريبة من حلب، ثانية كبرى المدن في سوريا، معركة بين الأسد ومعارضيه فحسب، بل أيضاً معارك دورية مع مقاتلي تنظيم الدولة الذين يسيطرون على معظم المناطق في شرق سوريا وبعض الأراضي في الشمال الغربي من المدينة. كما تشهد المنطقة توتّرات طويلة الأمد بين العرب والأكراد والتركمان.
خيارات محدودة للغاية
وقال مسؤول أمريكي لم يكن مخولاً التصريح علناً: "هذه حرب معقدة بين أطراف متعددة حيث خياراتنا محدودة للغاية. نعلم أننا بحاجة إلى شريك على الأرض. لا نستطيع القضاء على تنظيم الدولة بدون هذا الجزء من المعادلة، لذلك نستمر في محاولة صياغة هذه العلاقات".
خطة جديدة للبنتاغون
وأقرّ الرئيس باراك أوباما هذا الشهر خطة جديدة للبنتاغون من أجل تدريب وتسليح المعارضة السورية، معيداً إطلاق مشروع تم تعليق العمل بموجبه في الخريف الماضي بعد سلسلة من الانتكاسات المحرجة التي شملت كمائن وتسليم كثير من الذخائر والشاحنات الأمريكية إلى تنظيم تابع للقاعدة.
ووسط الانتكاسات، نشر البنتاغون أواخر السنة الماضية حوالي 50 عنصراً من القوات الخاصة الى الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا للتنسيق بشكل أفضل مع الميليشيات المحلية والمساعدة في ضمان ألا تتقاتل المجموعات المعارضة المدعومة من أمريكا بين بعضها. لكن هذه المناوشات أصبحت روتينية.
عن قوات سوريا الديموقراطية
والسنة الماضية، قام البنتاغون بالمساعدة في خلق تحالف عسكري جديد وهو قوات سوريا الديموقراطية. وكان الهدف تسليح المجموعة وإعدادها للسيطرة على أراضي تنظيم الدولة في شرق سوريا وتأمين معلومات تفيد الضربات الجوية الأمريكية. وفي حين هيمن الأكراد على المجموعة (وحدات حماية الشعب)، انضمت وحدات عربية قليلة الى تلك القوة كي لا تبدو كجيش احتلال كردي، وقد تلقت أسلحة ومؤناً ألقيت إليها من الطائرات الأمريكية، بالإضافة الى تلقيها دعماً من الوحدات الخاصة.
توتر أمريكي تركي
وكان الدعم الأمريكي لتسليح قوة كردية كبيرة، نقطة توتر مع الحكومة التركية التي امتلكت تاريخاً طويلاً في سحق الثوار الأكراد، والتي لم ترد أن ترى وحدات كهذه على حدودها الجنوبية.
في هذا الوقت، كان لل"سي آي أي" مركز عملياتها الخاص داخل تركيا حيث كانت تدير المساعدات للثوار في سوريا عبر دعمهم بصواريخ التاو المضادة للدبابات من المخازن الاحتياطية السعودية.
جهدان منفصلان وثمار روسية
وفي حين شكلت تحركات البنتاغون جزءاً من جهد أمريكا وحلفائها لضرب تنظيم الدولة، أتى دعم سي آي أي للميليشيات كجزء من جهد أمريكي منفصل لاستمرار الضغط على الأسد من أجل دفعه باتجاه المفاوضات.
وفي البداية كانت المجموعتان المدعومتان أمريكياً تعملان في مناطق بعيدة جداً عن بعضها البعض: قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من "البنتاغون" في شمال شرق البلاد، والميليشيات المدعومة من قبل وكالة الاستخبارات المركزية في الغرب. لكن مع مرور الأشهر، أضعفت الضربات الجوية الروسية المجموعة الثانية مما أدى الى خلق ثغرة سمحت للأكراد بتوسيع منطقة سيطرتهم باتجاه ضواحي حلب. هذا الأمر أدى الى صدامات متكررة مع المجموعات المدعومة من ال "سي آي أي".
صعوبات جدية
وتحددث نيكولاس هيراس، الخبير في شؤون الحرب السورية داخل "مركز أمن أمريكي جديد"، وهو مؤسسة رأي مركزها واشنطن، عمّا بينه الصراع على أراض في حلب، من "صعوبة تواجهها الولايات المتحدة في إدارة النزاعات المحلية والمستعصية في بعض الحالات". وتابع حديثه قائلاً: "منع الإشتباكات هو واحد من المسائل الثابتة في غرفة العمليات المشتركة مع تركيا".
محاربة من يريد التقسيم
وفي 18 فبراير (شباط) هاجمت قوات سوريا الديموقراطية بلدة مارع. وقال مقاتل من لواء صقور الجبل المدعوم من سي آي أي عن أنّ ضباطاً من الإستخبارات والتحالف الدولي علموا أنّ مجموعتهم اصطدمت مع ميليشيات يدربها البنتاغون وقال: "مركز العمليات المشتركة (في جنوب تركيا) يعلم أننا نحاربهم. سنحارب كل من يريد تقسيم سوريا أو أذية أبنائها".
خيانة ثم حسن نية
وأشار هيراس الى أنّ محاولات قوات سوريا الديموقراطية للسيطرة على مارع "كانت خيانة كبيرة وتمّ النظر اليها على أنّها مثل إضافي عن المؤامرة الكردية لإخراجهم (المعارضة) من المناطق العربية والتركمانية". وأضاف أنّه بعد توترات دبلوماسية "انسحبت الميليشيا الى ضواحي البلدة كبادرة حسن نية".
استمرار صراعها محتوم
وقد يكون استمرار الصراع بين مجموعات مختلفة مدعومة أمريكياً أمراً محتوماً كما يقول خبراء في شؤون المنطقة.
وقال جيفري وايت، مسؤول سابق في وكالة استخبارات الدفاع: "بمجرد عبورهم الحدود باتجاه سوريا، تفقد مقداراً أساسيّاً من السيطرة أو قابلية السيطرة على أفعالهم". ويؤكد الاحتمال الكبير في أن تصبح المشكلة أكبر حين يقاتل الناس من أجل الأرض والسيطرة على الحدود الشمالية في حلب.
(المصدر: لوس أنجلوس تايمز 2016-03-28)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews