ألغاز أسعار البنزين والسولار
نخشى.. كما قلنا بالأمس.. أن تقدم الحكومة على رفع جديد لأسعار البنزين والسولار وباقي أنواع الوقود.. استغلالا لارتفاع أسعار صرف الدولار.
مسئولون حكوميون.. بدأوا التمهيد والترويج لهذه الخطوة.. وصرح أحدهم بأن تغير أسعار الدولار بنسبة زيادة 14.5٪ سوف يترتب عليه زيادة بنفس النسبة في تكلفة دعم المشتقات البترولية.. ناتجة عن زيادة تكلفة الاستيراد.
•• وطبعا..
الحكومة لا تريد أن تتحمل مزيدا من تكاليف الدعم.. التي تعني المزيد من العجز والإرهاق للموازنة.. ناهيك عن أنها كانت تسعى أصلا للتخلص من نسبة كبيرة من هذه التكلفة.. إن لم تكن كلها.. لتبيع الوقود للمستهلك بسعره العالمي.. وهو السعر الذي مازالت الحكومة تزعم أنها بعيدة عنه حتى الآن.. رغم الانخفاض الكبير في أسعار خام البترول.. والذي وصل الى نحو ٧٠٪ في نفط دول الخليج التي كانت تبيعه بسعر ١٠٠ دولار للبرميل.. فأصبح الآن ٣٠ دولارا فقط!!
•• المعادلة..
قد تبدو غير مفهومة.. لغز.. إذ كيف نفهم أن تنخفض أسعار البترول بنسبة ٧٠٪.. وتستمر الحكومة في بيع البنزين والسولار بنفس الأسعار دون انخفاض.. وتزعم انها مازالت تتحمل دعما لهما.. قدره مثلا ١١٥ قرشا في لتر البنزين ٩٢ الذي يباع بسعر ٢٦٠ قرشا بينما تكلفته الحقيقية ٣٧٥ قرشا.. وفقا لأرقام الحكومة.. أي بنسبة دعم حوالي 30.7٪ من السعر الحقيقي فقط؟! ورغم هذا الفارق الكبير بين نسبة انخفاض أسعار الخام ونسبة الدعم .. فإن الحكومة يمكن أن ترفع أسعار الوقود بنسبة الـ14.5٪ التي حدثت للدولار لتحمل المستهلك فارق زيادة تكلفة الدعم!!
•• المنطقي ..
وفقا لهذه الأرقام .. أن ينخفض سعر بيع الوقود.. لكن الحكومة لم تفعل ذلك.. وفضلت أن تستفيد لنفسها بالفرق.. لتخصمه من فاتورة الدعم.. على حساب المستهلكين.
وهي الآن بإقدامها- لو حدث ذلك- على تحميل هؤلاء المستهلكين أيضا فاتورة زيادة سعر الدولار.. فإنها تكون قد ظلمتهم مرتين.. وتخلت عنهم رغم ما يعانونه من أعباء متزايدة لكل التكاليف المعيشية .. بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والاجراءات المؤلمة التي تتخذها الحكومة لتسيير أمورها.
•• والواقع..
هو أن الحكومة- في اعتقادنا- لا تقول الحقيقة كاملة.. فهي لا تتحمل فقط الدعم.. لكنها تقوم بتحميل سعر بيع الوقود نسبا من الضرائب.. تختلف بنوع الوقود.. وتتعامل مع أصحاب السيارات على أنهم فئة مرفهة لا تستحق الدعم.. الذي تدفعه الدولة أصلا من حصيلة الضرائب التي تجبيها من هؤلاء!!
وتبرر الحكومة رغبتها الدائمة في زيادة أسعار الوقود بأنها مازالت تتحمل فاتورة دعم مرتفعة.. وأنها تحتاج الى المزيد من الأموال لخفض عجز الموازنة.. فتجمعها من الناس بدلا من أن تضيف مصادر انتاج لتوفيرها.. وأنها مجبرة على هذه الزيادة لأنها تتعهد لمؤسسات دولية- صندوق النقد والبنك الدوليان- بإجراء «إصلاحات هيكلية».. مقابل الحصول على قروض خارجية.
•• لا بأس..
فلتفعل الحكومة ذلك.. لكن نسألها فقط تأجيله.. رحمة بنا.. واتقاء لانعكاساته السياسية والاجتماعية في هذا الوقت الحرج الذي يحتاج فيه الوطن الى الهدوء والاستقرار والتفاف الشعب حول قيادته من أجل استكمال مسيرة إعادة البناء والتنمية.
.. أليس هذا طلبا منصفا؟
(المصدر: الوفد 2016-03-18)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews