الحكومة ماضية في طمر أزمتها: "تحسين شروط" المعترضين قابل للتنفيذ
لم تدم احتفالية الحكومة بإقرار خطة النفايات ساعات، حتى محا ضوء النهار تسوية الساعات السبع لمجلس الوزراء، بعدما عكست مواقف كل من النائب طلال أرسلان وحزب الطاشناق، معطوفة على تهديدات الحراك المدني بالعودة الى الشارع، قرارا بالتصعيد رفضاً للخطة، الأمر الذي يهدد ببقاء النفايات في الشوارع، وعدم بقاء الحكومة تنفيذاً لما لوح به رئيسها في الجلسة الاخيرة.
فيما يبدو أن التحفظات والاعتراضات التي سجلها أرسلان من جهة والطاشناق من جهة أخرى، والحراك المدني من جهة ثالثة، جدية وتشي بأن البلاد مقبلة على فصل جديد من التصعيد، وضعت مصادر سياسية مطلعة هذه التحفظات في الإطار السياسي، مستبعدة أن تنجح في إعاقة تنفيذ الخطة لأسباب عدة، هي في الأساس السبب الرئيسي الذي دفع الحكومة الى إقرار الخطة، بكلفة باهظة جداً على الخزينة.
فالحكومة لم تعد تملك ترف المماطلة والتسويف أو المزايدة والابتزاز أكثر في هذا الملف الذي بلغت فضائحه أصقاع العالم وشاشاته. وقد لمس الوزراء في الجلسة الأخيرة جدية غير مسبوقة لدى رئيس الحكومة تمام سلام في قلب الطاولة فوق رؤوس الجميع، بعدما تبيّن له أن كل المماطلة ناتجة من مزايدات سياسية من هنا وابتزاز مالي لمزيد من الحوافز من هناك. وكان مقدّراً لجلسة مجلس الوزراء أن تكون الأخيرة لو لم يتم إقرار الخطة، كما سبق لسلام أن أعلن في أكثر من مناسبة.
وما مناقشات الساعات السبع للجلسة الحكومية الأخيرة إلا تأكيد أن الخطة لم تقرّ لكي لا تنفذ، بل هي أقرت بكلفة كبيرة جداً لحسم هذا الملف وإقفاله. أما بالنسبة الى التحفظات، فإن المصادر السياسية كشفت أن النائب أرسلان لم يرفض بالمطلق، بل وضع شروطاً قابلة للتنفيذ، في حين أن الطاشناق تندرج اعتراضاته في إطار تحسين شروطه، وهي بدورها قابلة للتنفيذ، انطلاقا من قرار جدي وحاسم لدى القوى السياسية على اختلافاتها: لا مخاطرة بتطيير الحكومة، ولا إمكان لتحمل أخطار النفايات وتبعات بقائها في الشارع!
وعليه، فإن الاجتماع الأمني المقرر الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في السرايا للبحث في التطورات الأمنية الأخيرة، سيخصَّص حيزٌ منه للبحث في جهوزية القوى الأمنية لمواكبة تنفيذ خطة رفع النفايات، ومنع أي أعمال شغب أو عصيان يمكن أن تواجهها. وعلم أنه لم تحدد الساعة الصفر بعد لبدء رفع النفايات، في انتظار جولة أخيرة من الاتصالات لاحتواء الاعتراضات المستجدة، ولتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها ومدى الحاجة الى المواكبة الأمنية.
يضاف الى الأسباب التي دفعت الحكومة الى حسم أمرها وإقرار خطتها، أن البلاد باتت على أبواب بدء ارتفاع الحرارة التي سيكون لها انعكاسات لا تقل خطرا عن انعكاسات الشتاء على صحة المواطنين. فإذا كان الشتاء يؤثر في تلوث المياه الجوفية بالنفايات، فإن ارتفاع الحرارة سيؤدي الى تخمر النفايات وانتشار الأوبئة، وهذا ما يقود الى السبب الأخير المتمثل بالأضرار الصحية والبيئية المتنامية، فضلا عن ارتفاع كلفة الفاتورة الصحية الناتجة من الأوبئة المتفشية.
في المقابل، يستعدّ مجلس الوزراء لعقد جلسة عادية يوم الخميس المقبل، بناء على دعوة سلام، لاستكمال البحث في جدول أعمال الجلسة الماضية التي علّقها رئيس الحكومة بعد اشتداد الخلاف على موقف لبنان العربي، بحيث تعذّر الوصول الى جدول الأعمال.
لكن جلسة الخميس قد تكون مهدّدة وفق ما كشفت المصادر السياسية، إذا لم يتم حسم ملف النفايات وبدء تنفيذ الخطة قبل ذلك الموعد، ذلك أن سلام لن يقبل بترؤس جلسة جديدة ما لم يبدأ تنفيذ الخطة.
لذا، فإن العمل سيتركز خلال الأيام الفاصلة عن موعد الجلسة على وضع آليات الخطة موضع التنفيذ، والخطوة الأولى تنطلق من وزارة الداخلية حيث كلف وزير الداخلية تشكيل لجنة من ممثلي وزارات الداخلية والبلديات، البيئة، المال ومكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، بمساعدة هيئات المجتمع المدني والـ U.N.D.P لمراقبة آليات التنفيذ، على أن تعمل هذه اللجنة تحت الإشراف المباشر للوزير.
(المصدر: النهار 2016-03-14)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews