عالم أفضل بفضل الرياضة
بصفتي رياضيا سابقا، أذكر جيداً الحماس الذي يرافق لحظة اختياركم للمرة الأولى لتمثلوا بلدكم. فالمشاركة في الألعاب الأولمبية تمثيلاً لبلدكم والرياضة التي تعشقونها هي لحظة مميّزة جداً من شأنها تغيير حياتكم إلى الأبد. وتشكل تلك الخبرة انطلاقة للعديد من الرياضيين، كما في الرياضة التي يمارسونها وكذلك في حياتهم. فالألعاب الأولمبية تعيد إحياء القيم الأولمبية المتمثّلة في الامتياز والصداقة والاحترام واضعة إياها نصب أعين العالم أجمع. ومن هنا، تشكل الألعاب الأولمبية فرصة العمر ومصدر إلهام لكل رياضي.
وذلك الرابط بالقيم الأولمبية هو الذي يميّز الألعاب الأولمبية عن باقي أكبر الأحداث الدولية. فالرياضة الأولمبية لا تفرّق بين الأشخاص. وهي تعني التفاهم والاحترام والحوار. وتطوق الرياضة دائماً إلى مدّ الجسور بين الشعوب والثقافات. ولا تهدف أبداً إلى إقامة الجدران. فالرياضة تحتاج إلى السلام وتساهم بدورها في بناء السلام.
أما الألعاب الأولمبية فهي اكتمالٌ لتلك الرؤية. وتشكل مناسبة لإعادة إحياء قيم التسامح والتضامن والسلام. تجتمع خلالها الأسرة الدولية من أجل مباريات سلمية.
يهدف عمل اللجنة الوطنية الأولمبية الجزائرية إلى تعزيز تلك القيم في البلاد. هكذا، تساهم الرياضة مباشرة في إرساء أسسٍ متينة لمستقبل الجزائر. فمن خلال تعزيز الرياضة في التعليم أو تشجيع الأطفال والشباب على الانخراط في الرياضة، تشكل اللجنة الوطنية الأولمبية مثالاً لكيفية استغلال الرياضة لخدمة المجتمع، كما تعتبر الرياضة منصة قوية لتعزيز المساواة بين الجنسين وللنهوض بالمرأة. ويمكن للرياضيات واللاعبات الأولمبيات أن يصبحن قدوة للآخرين، على غرار حسيبة بولمرقة وهي الرياضية الجزائرية الأولى التي فازت بميدالية ذهبية.
وأود من خلال زيارتي لبلدكم الجميل هذا الأسبوع أن أحمل رسالة تضامن أقول فيها إن الحركة الأولمبية تقف إلى جانب الجزائر رياضةً وشعباً. وتشكل هذه الزيارة فرصة لنتذكّر بأنه لا يمكن للرياضة أن تمدّ جسوراً وأن تعزز القيم العالمية إلا في حال بقيت مستقلة وخالية من أية تدخلات سياسية. ويجب أن نحافظ على تلك الاستقلالية في حال أردنا من الرياضة أن تستمرّ في لعب كامل دورها في المجتمع بكل حرية وبعيداً عن أي تدخّل.
وما من فرصة أفضل من السنة الأولمبية لنذكّر أنفسنا بأن القيم الأولمبية المتمثّلة في التضامن والصداقة والاحترام تبقى سديدة أكثر من أي وقت مضى. ففي عالم تهزّه أزمة تلو الأخرى، تملك الرياضة الأولمبية القدرة الفريدة على جمع الأشخاص في ما بينهم في روحٍ من التسامح والتضامن والسلام. وتلك هي الرسالة الأهم التي يمكن للألعاب الأولمبية أن تنقلها للمجتمع الجزائري. لا شك في أن الرياضيين سيشكلون مصدر فخر للأمّتكم عندما سيمثلون بلدهم والرياضة التي يعشقونها في ريو دي جانيرو في الصيف القادم. ولكن أهم من ذلك هو أن الألعاب الأولمبية ستحمل معها في الوقت المناسب رسالة أمل في إمكانية بناء عالم أفضل.
(المصدر: الشروق الرياضي 2016-03-13)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews