القمة العربية.. ضرورة أم ترف سياسي؟
تحولت القمة العربية الدورية لمجرد اجتماع سياسي تقليدي، يعقد وينتهى خلال يومين ببيانات عادية، وقد تكون مكررة لما سبقها، إلى أن جاء موعد القمة السابعة والعشرين والتي كانت مقررة في المغرب نهاية الشهر الحالي إلى أن صدر بيان وزارة الخارجية المغربية الذي أعلنت فيه الاعتذار عن عقد القمة. وقد أثار هذا البيان العديد من التساؤلات عن الغاية من البيان؟ ولماذا في هذا التوقيت؟ والذي جاء في نصه «إنه تم اتخاذ هذا القرار طبقاً لمقتضيات ميثاق الجامعة العربية، وبناء على المشاورات التي أجريت مع عدد من الدول العربية الشقيقة، وبعد تفكير واع ومسؤول ملتزم بنجاعة العمل العربي المشترك وضرورة الحفاظ على مصداقيته». والملفت في البيان المغربي إشارته إلى أن عقد القمة العربية ليس غاية في حد ذاتها. وقد تكون هناك بدائل لذلك، والتأكيد أن البيئة السياسية العربية السائدة لا تدفع في اتجاه قمة عربية قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية.
وهذا معناه أن المغرب لا يعتذر فقط عن عقد القمة، ولكنه يتساءل عن جدوى عقد القمة السابعة والعشرين. وهذه هي النقطة الجوهرية في البيان. وتبقى هذه النقطة مثارة على الرغم من استعداد موريتانيا لاستضافة هذه القمة. والأهم منذ البداية أنه من غير المتوقع حضور عدد مهم من القادة العرب. وهذا قد يكون دافعاً قوياً للتأجيل وعدم الانعقاد. فضلاً عن أن العلاقات على مستوى القادة قد لا تشجع كثيراً على تبني قرارات مصيرية، خصوصاً أن هذه القمة في حال انعقادها تعقد في ظروف وواقع عربي مؤلم ومرير، وغير مسبوق في العلاقات العربية العربية. فهناك الوضع في اليمن والتباين مما يجري فيه ولبنان وعدم القدرة حتى الآن على اختيار رئيس له، وسوريا حيث الوضع المعقد، إضافة إلى العراق والأوضاع في ليبيا ودول المغرب العربي ومخاطر الإرهاب.
موقف المغرب له ما يبرره، لأنه سبق وأن احتضن قمماً عربية كانت ناجحة، أبرزها قمة الرباط عام 1974 وهي القمة التي تم فيها الاعتراف بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، وقمة فاس عام 1982، وهي القمة التي وضعت بدايات التحول السياسي لحل الصراع العربي «الإسرائيلي»، وهي القمة التي حضرها الرئيس عرفات بعد الخروج من بيروت، وأقل ما يقال فيها قمة إعادة الوجود للقيادة الفلسطينية، إضافة إلى قمتي الدار البيضاء عامي 1985 و1989.
هذه المرة وبكلمات واضحة يضع المغرب بموقفه الجميع أمام مسؤولياته القومية، فالقمة العربية تحولت إلى مؤسسة سياسية عليا لصنع القرارات، وفى هذا السياق يصبح عقد القمة العربية وأياً كانت الظروف غاية ومطلباً قومياً للحفاظ على هذه المؤسسة. ولا شك أن انتظام عقد القمة العربية في حد ذاته يعتبر إنجازاً عربياً لابد من الحفاظ عليه. لكن بما أن المغرب يحرص على عقد قمة ناجحة تضمن الخروج بقرارات في مستوى التحديات التي تواجهها الأمة العربية وتعيد الاعتبار ولو قليلاً للعمل العربي المشترك، وتدفع الحياة في شرايين الجامعة العربية التي تعاني التكلس فإن مبررات المغرب للاعتذار تبدو مقبولة.
(المصدر: الخليج 2016-03-13)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews