شارابوفا و«النوايا الحسنة»
ما الداعي إلى أن أكتب عن الروسية ماريا شارابوفا ابنة البلاد البعيدة واللعبة البعيدة والجمال البعيد، والتي سقطت مؤخراً في فخ المنشطات، لتكشف لنا بنفسها أنها تعاطت تلك المادة المخدرة لعشر سنوات كاملة؟.. ولما لا أكتب وقد كانت هنا.. على تلك الصفحات لأعوام مضت.. كانت غالباً اختياراً مفضلاً لمن أراد أن يزين الصفحة الأخيرة.
لم نكن وحدنا من يحتفي بفراشة التنس، ففي الفترة من 2005 إلى 2008، كانت ماريا أكثر كلمة بحث على الياهو لرياضي حول العالم، ومنذ فبراير 2007، كانت شارابوفا سفيرة للنوايا الحسنة في مشروع الأمم المتحدة الإنمائي، وما بين هذا وذاك، كانت لاعبة فذة واستثنائية، ساهمت في حشد الكثير من المعجبين للعبة البيضاء، ليس فقط بفعل جمالها، وإنما بأدواتها المبتكرة وملكاتها الفطرية التي جعلت منها مناضلة في جميع خطوط الملعب، كما وصفها الضالعون في اللعبة، معددين مميزاتها المتفردة، والتي أهلتها لتكون واحدة من العظام بخمس بطولات كبرى، والكثير من الانتصارات والقصص والحكايات.
غالباً، نتعاطف مع من يتورطون في قضايا المنشطات، لاسيما إن كانت من هذا النوع، وأقصد تلك المواد التي باتت تستخدم في أدوية، يقال إن شارابوفا تعاطتها لفترة طويلة لدواعٍ صحية، ولكن في النهاية، هناك إحساس بأن النصر كان زائفاً، ودائماً نحن نفصل بين الفعل وصاحبه.. بين الانتصار والمنتصر.
أود أن أصدق «النوايا الحسنة» لسفيرة النوايا الحسنة، وأن ما فعلته كان بداعي العلاج، ولكن دموعها السخية وهي تعلن وتعتذر لجمهورها ينبئ عن حالة ربما تتجاوز حدود شارابوفا نفسها، فالأبطال في تلك المدارات ليسوا أحراراً.. تحركهم آلات إعلامية وتسويقية وتدريبية ضخمة، يتحول معها النجم إلى مؤسسة كبرى، وشيئاً فشيئاً لا يسيطر على كل قراراته وربما لا يسيطر على طعامه وشرابه وعلاجه.
لن أمنع نفسي من التعاطف معها على الصعيد الإنساني، فقد أسعدتنا سنوات طويلة، وهي سعادة لم تفعلها المنشطات، كما أن بزوغ نجمها كبطلة في التنس، كان سابقاً على السنوات العشر، بعد رحلة كفاح، لم تخضها وحدها، وإنما مع والديها في رحلة البحث عن الحلم من روسيا إلى أميركا، والتي اضطر معها والدها إلى غسل الأطباق، قبل أن تصبح ابنته الأعلى أجراً بقرابة 30 مليون دولار.
بعض الزوايا يكون الدفاع فيها عاطفياً ليس أكثر، فلا ننتظر من وكالة مكافحة المنشطات أن تأخذ كلامنا بعين الاعتبار، ولا من قرائنا أن يقاطعوا التنس لأجل عيونها.. فقط هي أسعدتنا واليوم نكتب بإلحاح من زمن جميل.
كلمة أخيرة:
المنشطات تجلب نصراً زائفاً.. لكنها لا تجلب محبة زائفة.
(المصدر: الاتحاد 2016-03-10)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews