الدولار.. بعشرة جنيهات: كارثة
طالبت - هنا أمس- بضرورة خفض فاتورة ما نستورده من الخارج.. ولو اضطررنا إلى تخفيف نصف هذه الواردات.. ثم سمعت أن 75٪ مما نستورده هى من السلع الضرورية.. سواء غذائية أو مستلزمات انتاج واننا يمكن ان نتحرك فى حدود الربع الباقى وهذا غير صحيح بالمرة.. فهل كل هذه من الضرورات.. حتى من القمح رغم اننا ننادى من سنوات بالعمل على استخدام وزراعة أنواع جيدة الانتاج - كما هم - فى الارجنتين وفرنسا وكندا وباقى الدول المصدرة للقمح لنا.. وزيادة نسبة الذرة التى تضيفها إلى رغيف القمح المدعم.. وتوجيه حصة من أعباء الاستيراد لدعم الفلاح المصرى ليزرع القمح.. وتحسينه.. وغيرها.. بدلاً من دعم الفلاح الاوكراني.
<< ومن بين فاتورة الاستيراد، ما نستورده من السكر من الخارج بينما مخازن شركات السكر المصرية «من القصب والبنجر» مملوءة عن اخرها.. ثم لماذا لا نلزم المزارعين بالتوسع فى زراعة الذرة لنستخدمها فى انتاج زيت الطعام، وأن نزرع معظم الاراضى الجديدة بالقمح الجيد، والذرة الشامية لنقلل من وارداتنا منهما.. ورغم ذلك يمكننا تقليل صادراتنا من السلع الضرورية حتى وان تحملنا أعباء نفسية عالية.. وان كنت لا أعتقد أن معظم ما نستورده إنما هو سلع ضرورية.. وراجعوا معنا قوائم هذه الواردات..
<< ولا حل لكارثة الدولار إلا بالحد من الاستيراد.. وبفرض ضرائب تصاعدية كبيرة على ما هو غير ضرورى فى حياتنا.. ولو لمدة محدودة إلى أن ننجح فى ترشيد الواردات وزيادة الصادرات..
ذلك أن الدولة - والبنوك بالتالى - عاجزة عن تدبير ما يطلب المستوردون من دولارات، لزوم الاستيراد، لأن هذه المافيا مستعدة لشراء الدولار: من أي مصدر وبأى سعر لان المستهلك هو الذين يتحمل هذه الزيادة.. وهنا نعترف أن زيادة سعر الدولار بالنسبة لمستلزمات الانتاج عندنا تنتج عنها زيادة اسعار هذه المنتجات.. وبالتالى نعجز عن تصديرها بأسعار تنافسية فى الأسواق الخارجية، مقارنة بأسعار السلع الصينية وباقى نمور آسيا.. ونحن الآن ندفع ثمن ذلك.. إذ انخفضت قيمة ما نصدره للخارج من 30 مليار دولار فى العام الماضي، إلى حوالى 22 مليار دولار فى العام المالى الحالى أى اننا نواجه - أيضاً- زيادة فاتورة الاستيراد .. وانخفاض عائدات الصادرات المصرية.. تخيلوا؟!
<< وهكذا تلك الحرب القذرة التى نواجهها الآن.. وفى كل المجالات اذ نواجه انهيار عائدات السياحة إلى ما لم نعرفه من قبل أبداً وانخفاض حجم تحويلات العاملين بالخارج عن الطريق الشرعى للتحويلات بسبب نشاط تجار العملة هناك بما يعرضونه من اسعار خيالية.. وأيضاً انخفاض عائدات قناة السويس، عما كنا نتوقعه، خصوصاً بعد افتتاح القناة الجديدة.. ولا سبب من عندنا فى ذلك، ولكنه نوع من انكماش حجم التجارة العالمية.. وانهيار سعر البترول عالمياً.. ولا ذنب لنا فيهما.. ولكن كل هذه تكالبت علينا وتوحدت مع المؤامرة التى تتشابك حولنا وحول أعناقنا..
<< وفى نفس الوقت لا نجد «إجراءات حازمة» لزيادة الصادرات المصرية، بل نجد استمرار نفس التعقيدات.. فالرئيس السيسى يجهد نفسه فى جانب.. والاجهزة التنفيذية بكل البيروقراطية مازالت تطبق على أعناقنا.. مع عجزنا - حتى الان - عن مواجهة الفساد الذى يسيطر على كل شيء.. وكأنك يا مصر لم تثوري.. ولم تنتفضي.
وإذا كانت الدولة قد طرحت وسائل عديدة لجذب الدولارات إلا أن الفائدة السنوية التى تقدمها الدولة مازالت دون هذا الفرق الكبير بين السعر الرسمى للدولار.. وسعره فى السوق السوداء، وهو فرق يقترب الآن من جنيهين كاملين.. وهذه هى الكارثة.. لان تجار العملة يستهدفون الوصول بالسعر إلى 10 جنيهات للدولار.. وتلك جريمة كبري..
<< وللأسف مازلنا نفتقد سياسة اقتصادية واضحة.. سواء للانتاج أو للتصدير.. أو للاستيراد.. وكل ما نفعله الآن مجرد ردود أفعال لما يجري.. وهذا خطأ كبير.. وجريمة رهيبة.
(المصدر: الوفد 2016-03-07)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews