الذهب يؤكد مكانته ملاذا وقت الشدائد
الطوابع النادرة، والخزف الصيني، وسيارات السباق – التحول إلى مثل هذه الأصول الغريبة يعد قفزة بالنسبة للمستثمرين الذين يبحثون عن ملاذ في الأوقات الصعبة.
لكن هذا ليس وقت بهرجة. الاضطراب المستدام في السوق يتطلب استثمارا في أصول كبيرة مناسبة يمكن الاعتماد عليها، مثل الين والسندات الحكومية.
مع ذلك، لا شيء يلمع بشكل أكثر إشراقا من الذهب. فبينما تتعثر السلع الأخرى، اكتسب المعدن الأصفر بالفعل 16 في المائة هذا العام، مع تسارع الشراء خلال شباط (فبراير).
ووفقا لمحللي بانك أوف أميركا ميريل لينتش: "الذهب هو الأسود الجديد"، مشيرين إلى أن التدفقات المالية على المعدن في الأسابيع الثلاثة الماضية كانت في أعلى مستوياتها منذ منتصف عام 2009.
والزيادة البالغة 1 في المائة يوم الإثنين جعلت الذهب في طريقه إلى تحقيق أفضل أداء شهري منذ كانون الثاني (يناير) 2012، ما يشير إلى تراجع ثقة السوق بقدرة صناع السياسة في مجموعة العشرين، الذين تجمعوا في شنغهاي خلال عطلة نهاية الأسبوع، للانطلاق بالاقتصاد العالمي.
وتوقعات السوق بشأن ما يمكن أن يفعله الاحتياطي الفيدرالي متواضعة، بحسب ما يقول سايمون ديريك، المختص الاستراتيجي للسوق لدى "بي إن واي ميلون"، في الوقت الذي يشارك فيه كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان في سباق إلى القاع من خلال سياسة أسعار الفائدة السلبية.
يقول ديريك: "إن كنت مشككا في وجهة سياسات البنك المركزي، اشتر الذهب".
ويعتبر جون برادي، المدير الإداري لـ "آر جي أو بريان"، من المشككين بالتأكيد. فبدلا من العمل معا لمعالجة مشاكلهم الجماعية، المتعلقة بانخفاض النمو والتضخم، يظهر أعضاء مجموعة العشرين كل العلامات الدالة على أنهم يركزون على مصالحهم الذاتية.
ووفقا لبرادي "في الوقت الذي تصبح فيه صدقية المصارف المركزية العالمية عرضة للتحديات بشكل أكثر تكرارا (...) في حين تتصرف الاقتصادات كالصين بحسب مصالحها الذاتية، ينبغي أن يتصدر الذهب المشهد جنبا إلى جنب مع سندات الخزانة".
مدى الارتفاع الذي يمكن أن يحققه الذهب يعتمد على غريزة المستثمرين المتعلقة بالدولار، التي تتحرك تاريخيا بشكل معاكس لاتجاه أسعار المعدن.
وكان دويتشه بانك قد افترض أن الذهب سوف ينخفض إلى ألف دولار للأونصة مع نهاية هذا العام بسبب ارتفاع الدولار، المدفوع بارتفاع العائدات الأمريكية، وبازدهار سوق الأسهم الأمريكية، وكذلك بدورة ارتفاع أسعار الفائدة القوية.
بدلا من ذلك، ومنذ بداية العام "تغيرت العوامل المالية ولم تعد تبدو تشاؤمية بالنسبة للذهب"، بحسب المحللين، مضيفين أن تكلفة اقتناء الذهب يجري تخفيضها بسبب سياسات معدل الإيداع السلبية لمنطقة اليورو واليابان وسويسرا والسويد والدنمارك.
وتعتمد المشاعر أيضا على المشترين في الهند والصين، العائدين إلى السوق. حتى الآن ظل الشراء الصيني باهتا وبلغ إجمالي الواردات الصينية من هونج كونج وسويسرا 80.8 طن في كانون الثاني (يناير)، وهو مستوى يقل 21 في المائة عن الفترة نفسها في العام الماضي. وكان قسط التأمين النقدي في البلد منخفضا أيضا منذ كانون الأول (ديسمبر)، ما يشير إلى شراء آمن محدود، بحسب ما يقول بنك باركليز.
لكن في حال استمر الذهب في الارتفاع، فإن هذا قد يجذب مزيدا من المشترين الصينيين.
يقول جوني تيفيز، المحلل لدى "يو بي إس": "يفضل كثيرون انتظار المزيد من التأكيد على استقرار الأسعار، والمزيد من الأدلة التي تثبت أن ارتفاع الأسعار يقوم على ساقين قبل العودة إلى الانخراط". ويضيف: "التحدي الذي يواجهه الذهب حتى الآن هو أن المشاعر الحالية في الصين يمكن أن تجعل الارتفاع عمليا أكثر، ما يفرض العبء على المستثمرين العالميين لإثبات قناعاتهم".
حتى الآن، يبدو أن المستثمرين العالميين مقتنعون. فقد ارتفعت حيازات الصناديق المتداولة في البورصة، المدعومة من الذهب، لتصل أعلى مستوياتها خلال 17 شهرا، بحسب ما تقول بلومبيرج. وزادت كل من صناديق التحوط وصناديق إدارة الأموال مراكزها التفاؤلية في عقود الذهب الآجلة المدرجة في بورصة كومكس إلى ارتفاع لسنة واحدة، وذلك في الأسبوع المنتهي في 23 شباط (فبراير)، بحسب ما تظهر البيانات.
ويمكن أن يتأثر الزخم المتعلق بالذهب بعوامل أخرى خلاف تحركات الدولار، مثل إمدادات المناجم. وساعدت تقلبات أسعار صرف العملات في رفع إنتاج الذهب في أستراليا ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 12 عاما، وفقا لشركة سيربيتون أسوشيتس الاستشارية التي يوجد مقرها في ملبورن. ودفع الدولار الأسترالي الآخذ في التراجع تسعير الذهب في البلاد إلى نطاق 100 دولار أسترالي للأونصة، القياسي الذي سجله في آب (أغسطس) 2011.
وبشكل أعم، يقول تشارلز سينت آرنود، من شركة نومورا، إن اندفاع الذهب يعتبر "أحد الأعراض التي تشير إلى أن المستثمرين يصبحون متشائمين نوعا ما حيال الاقتصاد العالمي".
(المصدر: فاينانشال تايمز 2016-03-02)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews