أربعة دروس مستفادة من الانتخابات الإيرانية
نشر تقرير استعرض فيه أهم الدروس المستفادة بعد ظهور نتائج الانتخابات الإيرانية، وبحث في تأثير النتائج على السياسة الخارجية للبلاد والتوجهات الاقتصادية، ومعركة خلافة المرشد الأعلى علي خامنئي.
وقال التقرير إن الإصلاحيين في إيران أصبحوا أكثر تفاؤلا بعد ظهور نتائج الانتخابات، وتحقيق "قائمة الأمل" التي تتضمن المرشحين المحافظين المعتدلين لنتائج أفضل من المتوقع.
والنتائج النهائية التي نشرتها وزارة الداخلية الإيرانية، يوم الاثنين، تضمنت فوز معسكر حسن روحاني بـ55 مقعدا من جملة 80 مقعدا في مجلس الخبراء، وهذا ما سيكون له تأثير في المستقبل على اختيار خليفة المرشد المريض.
أما في الانتخابات البرلمانية، فقد أعلنت أيضا وزارة الداخلية عن فوز الإصلاحيين بـ85 مقعدا، والمحافظين المعتدلين بـ73 مقعدا، من جملة 290 مقعدا، وهو ما يعني أن معسكر الرئيس روحاني، الذي يحظى بدعم هذين التيارين، سوف يكون صاحب الأغلبية في البرلمان المقبل.
ومصير بعض المقاعد الأخرى ليس واضحا، خاصة أن من فازوا بها هم من المستقلين الذين لن يكونوا بالضرورة متضامنين مع التيار الإصلاحي، حيث إن بعضهم سيساند روحاني والبعض الآخر سيساند المتشددين، ويطلق الإيرانيون على هؤلاء تسمية "حزب الرياح"، بما أنهم يتنقلون بين هذا المعسكر وذاك دون اتخاذ موقف واضح.
والأرقام تشير إلى فوز المحافظين بثمانية وستين مقعدا فقط، فيما تذهب خمسة مقاعد أخرى للأقليات الدينية، وسيتم التنافس على 59 مقعدا الباقية في جولة الإعادة، في أواخر شهر نيسان/ أبريل المقبل؛ لأنه لم يحقق أي مرشح نسبة تفوق 25 في المئة للفوز بمقعد.
وحول الدروس المستفادة من هذه الانتخابات، اعتبر التقرير أن روحاني نجح مرة أخرى في تشكيل تحالف واسع من الإصلاحيين والمعتدلين والمحافظين الواقعيين، حتى إن شعبيته الجارفة في العاصمة طهران ضمنت له كل مقاعد البرلمان. وقد فسر الرئيس هذا الانتصار بأنه تكليف منحه له الشعب، لمواصلة سياساته وتطبيع علاقات إيران مع الخارج، على الرغم من المعارضة الشديدة التي يبديها التيار المحافظ.
كما أشار التقرير إلى صعوبة التفاوض من أجل تشكيل ائتلافات في المستقبل، ورأى أن القوة التي اكتسبها معسكر روحاني قد تؤدي في الوقت ذاته لمخاطر جديدة في المشهد السياسي الإيراني، حيث إن هذه الانتخابات التي تعد الأولى بعد الاتفاق النووي وعودة العلاقات مع المجتمع الدولي، طبعتها فكرة أن كل أنصار روحاني كانوا يناصرون هذا الاتفاق رغم معارضة المتشددين، إلا أنه فيما يخص بقية المسائل سيكون هناك انقسام حاد بين مختلف التيارات، خاصة فيما يخص الإصلاحات الاجتماعية والحقوق والحريات. وروحاني مطالب بالتحرك ببطء وحذر؛ حتى لا يغضب كثيرا المعسكر المقابل، خاصة أن الكثيرين من حلفائه قد يتخلون عنه في أي لحظة إذا شعروا بأنه يهدد الطبيعة المحافظة لإيران.
والإصلاحات الاقتصادية ستكون أكبر مشكلة تواجهها الحكومة الإيرانية، خاصة أن المتشددين -ورغم تراجعهم- لا يزالون قوة حاضرة في المشهد الإيراني، وسيكون على روحاني انتظار مقاومة شرسة منهم عندما يقدم برنامجه الاقتصادي للسنوات الخمس القادمة، الذي يتضمن تغييرات على قوانين الاستثمار الخارجي في مجال النفط.
وكان روحاني قد ألمح مؤخرا إلى أنه يريد محاربة الفساد، وفسح المجال أمام المنافسة الاقتصادية، وهو ما يضعه في مواجهة مباشرة مع من سيتضررون من هذه الإصلاحات، حيث إن هنالك عدة مؤسسات إيرانية ستتضرر مصالحها، على غرار قادة جهاز الحرس الثوري الذين يحققون مكاسب كبيرة من سيطرتهم على الاقتصاد، وبالتالي سيكافحون من أجل إبقاء الوضع على ما هو عليه.
وفي هذا السياق إن الاقتصاد سيكون أكبر ورشة أشغال سيتوجب على روحاني إدارتها، خاصة أنه مقبل على انتخابات جديدة في السنة المقبلة، والإيرانيون الذين ساندوا الاتفاق النووي لم يجنوا بعد ثمار هذا الاتفاق، وسيتوجب على الرئيس ترجمة هذه الخطوات السياسية إلى مكاسب اقتصادية للمواطن الإيراني، حتى يحافظ على هذا الدعم الشعبي.
ورجال الدين الذين تم اختيارهم هذه المرة في مجلس الخبراء سوف يقررون خليفة المرشد الأعلى في حال وفاة آية الله خامنئي، خاصة أن أحاديث كثيرة تدور في إيران حول تدهور الحالة الصحية للمرشد الذي يبلغ من العمر 76 سنة، ومعاناته من سرطان البروستات.
والآن مع دخول الإصلاحيين لهذا المجلس، وفقدان المتشددين سيطرتهم السابقة عليه بعد خروج أبرز وجوه هذا التيار على غرار آية الله محمد يزدي، سيصبح المشهد الإيراني مفتوحا على كل الاحتمالات، فيما يخص اختيار المرشد القادم.
(المصدر: دير شبيغل الألمانية 2016-03-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews