المصارف تعاني العواقب غير المقصودة للسياسات النقدية
في 16 شباط (فبراير) - اليوم الذي دخلت فيه سياسة أسعار الفائدة السلبية حيز التنفيذ في اليابان - انخفضت الأحجام في سوق الإقراض بين ليلة وضحاها نحو الثلثين. وهذا وافد جديد معطل بشكل خاص على القائمة المتزايدة من العواقب غير المقصودة لتجربة بنك اليابان.
قلق المستثمرين كان التفسير المعتاد، لكن المصرفيين في طوكيو اعترفوا سرا بأن أنظمة التداول في المصارف اليابانية كانت ببساطة غير مستعدة فنيا لأسعار الفائدة السلبية.
ويتحدث أشخاص مطلعون على الوضع في ثلاثة مصارف كبيرة عن "تدافع مجنون" لتحديث أنظمة تكنولوجيا المعلومات في الوقت الذي تقترب فيه الصناعة من نهاية العام المالي في 31 آذار (مارس). في الوقت نفسه، انخفضت أسهم المصارف انخفاضا شديدا. وخسر مؤشر المصارف في بورصة طوكيو، الذي يشمل المصارف الإقليمية، 32 في المائة من قيمته منذ أوائل كانون الثاني (يناير).
بريان ووترهاوس، محلل المصارف في مجموعة CLSA، يسرد سلسلة من العواقب - سواء مقصودة أو غير مقصودة - لأسعار الفائدة السلبية التي أثرت في أعمال المصارف بشكل مباشر.
وهذه تشمل العوائد السلبية على عائدات السندات الحكومية اليابانية الثابتة لمدة تسعة أعوام. وتعليق وزارة المالية لكل مبيعات مثل هذه السندات إلى الزبائن الأفراد. وتعليق عدة شركات وساطة مالية لمبيعات صناديق سوق المال. وتعليق شركات التأمين على الحياة لمبيعات بعض منتجات التأمين من نوع الادخار. والمصارف نفسها كانت مضطرة لخفض أسعار الفائدة على حسابات الادخار فيها بما يقارب 20 نقطة أساس، إلى 0.001 في المائة.
يقول ووترهاوس: "هل كانت عمليات البيع المكثفة في المصارف مبالغا فيها؟ بالتأكيد. سياسة أسعار الفائدة السلبية كان لها أثر إلحاق الضرر بالثقة في الوقت الذي كانت فيه المصارف اليابانية تتعرض للضغط بالفعل".
لكن الأمر لا يحدث في اليابان فقط. فقد كان المستثمرون يشعرون بالقلق بشأن أرباح المؤسسات المالية في أوروبا والولايات المتحدة لعدة أسباب مثل الاقتصادات الضعيفة، وانخفاض أسعار النفط، وأسعار الفائدة المختفية.
يقول روس كويستريتش، كبير مختصي استراتيجية الاستثمار العالمية في شركة بلاك روك، إن أسعار الفائدة المنخفضة جدا، أو السلبية "تحمل تكلفة على المصارف". ويضيف أن الوضع حرج بشكل خاص في أوروبا، حيث الانتقال إلى المنطقة السلبية من قبل البنك المركزي الأوروبي أجبر السويد على تخفيض أسعار الفائدة إلى أقل من صفر أكثر. وفي نهاية العام الماضي كان يبدو كما لو أن الظروف الاقتصادية بدأت تتحسن. ففي ذلك الحين رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عقد تقريبا وأشار إلى أن هناك ما لا يقل عن أربع زيادات تالية في عام 2016.
الآن مضى شهران والسوق تعتقد أن احتمال إجراء رفع آخر في أسعار الفائدة يبلغ واحد من ثلاثة فقط، في حين أن أسعار الفائدة على المدى الطويل انخفضت بشكل حاد، الأمر الذي أدى إلى تخفيض هوامش ربح المصارف.يقول ديفيد رايلي، رئيس استراتيجية الائتمان في شركة بلوباي لإدارة الأصول: "المصارف كانت جزءا من قصة الانتعاش. بمجرد أن بدأت تصبح موضع تساؤل، صارت تبدو أقل جاذبية من وجهة نظر الأسهم والسندات في آن معا".
في الواقع انتقل هذا التساؤل في أوروبا من الربحية إلى القدرة المالية. إدخال نظام لحل المشاكل بسرعة في المصارف المتعثرة ركز الاهتمام على بعض الأشكال الأكثر خطورة للسندات المصرفية. وانخفاض أسعار السندات تبعه انخفاض في تقييمات الأسهم، إذ كان المستثمرون ينظرون من كثب أكثر إلى قوة المصارف الفردية.
وعملت مساهمة المؤسسات المالية في حجم السوق الكلي على زيادة مستوى الخوف. مثلا، في ذروة طفرة ما قبل الأزمة في عام 2007، عندما سجلت المكافآت والأرباح أرقاما قياسية، كانت المصارف الأوروبية تشكل ما يزيد قليلا على خمس السوق.
ووتر ستوركنبوم، كبير مختصي استراتيجية الاستثمار في شركة راسل للاستثمار، يقول: "حصة المصارف الأوروبية من إجمالي الرسملة السوقية تبلغ الآن المستوى نفسه الذي وصلت إليه أثناء الأزمة المالية وأعلى قليلا فقط من المستوى الذي وصلت إليه خلال أزمة منطقة اليورو".
ويعتقد ستوركنبوم أن المخاوف بشأن ربحية المصارف واقعية، لكن المخاوف بشأن قدرة المصارف المالية مبالغ فيها. "لن تكون هناك مشكلة على الإطلاق في إنقاذ دويتشه بانك إذا احتاجت ألمانيا إلى فعل ذلك، والشيء نفسه يمكن أن يقال عن الحكومة الفرنسية".
في الوقت نفسه، إرث طفرة النفط في الولايات المتحدة يبدو كبيرا. ففي الأسبوع الماضي قال جيه بي مورجان إنه يتوقع أن يتحمل مزيدا من الخسائر بما قيمته 500 مليون دولار على القروض لشركات الطاقة التي لا تستطيع النجاة مع أسعار النفط الخام التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عقد من الزمن.
ويوم الخميس الماضي، سلطت وكالة موديز الضوء على الضغط الذي تعانيه المصارف العالمية بسبب انخفاض أسعار النفط. قالت: "لقد بدأت علامات التدهور في توقعات الإقراض المباشر في المصارف في الظهور، أبرزها زيادة المخصصات من أجل التوقعات المتعلقة بالنفط في الأرباع الأخيرة". مع ذلك، لا بد من استخلاص شيء يبعث على الراحة من السياق العام. فقد خسرت أسهم سيتي جروب ربع قيمتها هذا العام، لكنها بدأت العام بقيمة تقل 10 في المائة عن ذروتها في عام 2007. ومقارنة بالخسائر الناتجة عن انهيار سوق الإسكان، يقول كويستريتش إن المخاطر التي تواجهها المصارف الأمريكية بسبب توقعاتها للطاقة "لا ترقى إلى الأهمية نفسها". ويضيف: "لا أعتقد أن هذا سيؤدي إلى أزمة مالية أخرى".
(المصدر: فاينانشال تايمز 2016-02-29)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews