اغتيال النايف .. مسؤولية الموساد.. السلطة وبلغاريا
من المسؤول عن اغتيال الشهيد عمر النايف في قلب السفارة الفلسطينية في العاصمة البلغارية؟ باختصار شديد جهات ثلاث: الموساد الصهيوني, السلطة الفلسطينية والمخابرات البلغارية. لا نمتلك التفاصيل الكاملة حتى اللحظة, إلا ما تناقلته الأخبار كما رُويت من مصادر عديدة, من بينها السفير الفلسطيني, ولمن يجهل قضية الشهيد النايف ,نقول:
عمر النايف, هذا الفلسطيني حتى العظم , هو من قادة الجبهة الشعبية، اعتقتله سلطات الاحتلال الصهيوني في منتصف ثمانينيات القرن الماضي, بتهمة قتل مستوطن إسرائيلي عام 1986، وحكمت عليه بالسجن المؤبد, خاض اضرابا عن الطعام لنحو أربعين يوما, نُقل على أثره إلى المستشفى، حيث تمكن من الهروب من داخله, والخروج من الأراضي المحتلة. وصل إلى بلغاريا عام 1995، وعاش حياة عادية وتزوج وأنجب ثلاثة أطفال كلهم يحملون الجنسية البلغارية، غير أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي كانت تطالب باعتقاله وتسليمه إليها بدعوى, وجود اتفاقيات جنائية بين الاحتلال والاتحاد الأوروبي تتضمن تسليم مطلوبين. فقد وضعت النيابة العسكرية الإسرائيلية منتصف ديسمبر 2015 طلبا لدى وزارة العدل البلغارية بتسليم النايف، ومباشرة بعد ذلك طالبت النيابة البلغارية بوضع المواطن الفلسطيني رهن الاعتقال لحين اتخاذ قرار بشأن تسليمه, قبل أن يُغتال بالسفارة الفلسطينية (الجمعة 26 فبراير2016) في ظروف قيل إنها غامضة.
لقد دفع ذلك, النايف إلى اللجوء إلى السفارة الفلسطينية ببلغاريا، خاصة بعدما تلقى تهديدات بالقتل. حينها,حذرت الجبهة الشعبية السفارة من الإقدام على تسليم النايف، وقالت في بيان لها “إن عمر لجأ للسفارة الفلسطينية باعتبارها الموقع الطبيعي والوحيد الذي يمكن أن يوفر له ولكل فلسطيني وفلسطينية الحماية القانونية والسياسية”. ذكرت مصادر رسمية فلسطينية أن جثة النايف عثر عليها بحديقة السفارة وليس داخلها، فيما قال السفير الفلسطيني في بلغاريا أنه عُثر على النايف مصابا داخل سيارة وفارق الحياة بعدما نقل إلى المستشفى.
كان مفترضا بالسلطة الفلسطينية انتهاج وسائل ملموسة في ثلاثة اتجاهات: الاول, إعطاء الأوامر لسفيرها بتسهيل بقاء النايف في السفارة, وعدم الضغط عليه للخروج منها. الثاني, كان على الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومدير مخابراتها ماجد فرج, كما رئيس السلطة, اللذان يتباهيان بالتنسيق الأمني مع العدو الصهيوني, وبافشال ما ينيف عن 200 عملية ضد قوات احتلاله, إرسال حرس من الأجهزة لحماية السفارة والمعني, فألف باء قواعد الأمن, تفترض احتمال تنفيذ خطة صهيونية لقتل النايف في داخل السفارة, وبخاصة بعدما يغادرها الموظفون إلى بيوتهم ! نعم السفارات لكل دولة في العالم, تتمحور مهمتها في خدمة ورعاية مصالح رعاياها في البلد المعني, فكيف بعدم رعاية مصالح مناضل فلسطيني مقاوم , يفتخر ويعتز كل فلسطيني بنضاله. أما الاتجاه الثالث فهو العمل على إبطال وافشال محاولات العدو الصهيوني لتسلمه. كان الأولى هوالمطالبة بمقاضاة مجرمي الحرب الصهاينة, ونتنياهو على رأسهم, ووزير حربه ورئيس أركانه, وقادة جيشه الفاشيين, هؤلاء المتهمون باقترافهم جرائم حرب جماعية, هؤلاء مكانهم فقط :قفص الاتهام ليحاكموا أمام محكمة الجنايات الدولية كمجرمي حرب وليس تسلم مناضل يقاوم احتلال بلده من قبل السوبر نازيين الصهاينة.
أما مسؤولية السلطات البلغارية فتتمثل أيضا في: أولا, أن عمر النايف هو مقاوم وطني ضد الاحتلال وليس مختلسا من بنك وهاربا! الاتفاقيات الدولية تقضي بتسليم المجرمين الهاربين, وليس المناضلين ضد الاحتلال! لأن المقاومة حتى المسلحة منها, مشروعة بقرارين واضحين من الأمم المتحدة (القرار رقم 3034 الصادر بتاريخ 18 ديسمبر1972, والقرار رقم 3314 الصادر بتاريخ 14 فبراير 1974). الذين يجب تسليمهم للعدالة هم قادة الاحتلال المرفوعة عليهم دعاوى كثيرة , بتهمة اقتراف جرائم حرب ضد الفلسطينيين والعرب! هؤلاء أصبحوا يتجنبون السفر لبلدان عديدة ,مرفوعة عليهم في أجهزتها القضائية ,دعاوى عديدة ! كان على بلغاريا إدراك هذه القضية.
بالعربي والفلسطيني يقال” لا دم يذهب هدرا”! نذكّر إن نفعت الذكرى: في 17 أكتوبر 2001، تمكنت مجموعة كوماندز من كتائب الشهيد أبو علي مصطفى ( مجموعات الشهيد وديع حداد)، للجبهة الشعبية من اختراق حصون وقلب الكيان الصهيوني، واقتحام فندق حياة ريجنسي في القدس المحتلة، واغتالت وزير السياحة العنصري رحبعام زئيفي، رداً على اغتيال العدو الصهيوني للأمين العام للجبهة الشهيد أبوعلي مصطفى.
أثبتت المقاومة في تجارب عديدة: أن يدها ويد الثورة طويلة, وتستطيع الوصول لكبار القتلة والجنرالات والوزراء الصهاينة، وأثبتت أن البطولة دائماً ممكنة في حال توفر الإرادة والكفاءة السياسية،وهما متوفرتان والحمد لله, وأن التواطؤ الداخلي مع التنسيق الأمني, قد يعطل في بعض الأحيان، لكن إرادة المقاومة الصلبة أكثر نفاذا وقدرة من تعطيلها ومما تتتصور! فالكثير من العمليات الفدائية النوعية والجريئة الأخرى, كعملية مطار اللد في عام 1972 مثلما عملية اغتيال زئيفي, مثّلتا إضافة نوعية لتاريخ الثورة , بعض حوادث نذكرها من التاريخ…. علّ أولي الألباب يفقهون ويفهمون!
(المصدر: الوطن العمانية 2016-02-28)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews