سجن غوانتانامو.. الوحش الأمريكي
نشر تقرير حول سجن غوانتانامو الذي مثل مصدر إحراج للإدارة الأمريكية ووعد أوباما بإغلاقه، تناول فيه نوعية المساجين والحراسة المفروضة على السجن، بالإضافة إلى المرافق المتوفرة للسجناء هناك.
وقال التقرير إن البنتاغون سمح لصحفيين بمقابلة بعض السجناء في زيارة دامت يومين، بهدف الإطلاع على وضع آخر 91 سجينا مازالوا يقبعون في غوانتانامو، من الذين تطلق عليهم المصالح المختصة اسم "العدو المحارب".
وأساس هذه التسمية هو التهرب من اتفاقات جنيف حول أسرى الحرب، رغم ادعاء موقع "جوينت تاسك فورس غوانتانامو" بأنهم يتلقون العلاج بشكل دائم، والمعاملة القانونية والإنسانية.
والسجن صمم بالأساس ليكون معزولا عن العالم الخارجي، بهدف السيطرة على الأخطار الإرهابية التي تهدد الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، غير أن المشهد كان نشازا بالنسبة لبلد لطالما اعتبر نفسه منارة القانون والحريات.
رغم التحديثات والتحولات التي طرأت على المعتقل بعد مرور 14 سنة من وصول أول عشرين سجينا من أفغانستان، في 22 كانون الثاني/ يناير 2002، فإن هذا السجن لم يتخلص من الصورة السيئة التي لاحقته.
وقد تمثلت تلك الصورة السيئة في ظروف الاعتقال المهينة والتعذيب الذي يمارس داخله، رغم غياب الأدلة الحقيقية، فقد اعتبر التقرير أن السجن عبارة عن وحش لا يمكن السيطرة عليه، يصفه موظفوه "بالعقدة التي لا يمكن حلها"، لأن غلق السجن أمر مستحيل باستحالة حل العقدة المتماسكة.
ولكن باراك أوباما لعب ورقة غلق المعتقل أثناء حملته الانتخابية، معتقدا أنه سيلقى الدعم من الديمقراطيين ومن البنتاغون، وقد جدد دعوته لغلق المعتقل يوم 12 كانون الثاني/ يناير 2016 أمام الكونغرس، معتبرا أن المعتقل أصبح وسيلة استقطاب للحركات الإرهابية.
وقد انتقدت النخبة المقربة من باراك أوباما غياب مخطط واضح وعملي، حول التتبع القضائي للمساجين عند دخولهم الأراضي الأمريكية أو عند تسريحهم، فيما أعرب رؤساء البلديات المحلية عن تخوفهم واعتبروه "انتحارا انتخابيا" لباراك أوباما.
وقد لقي باراك أوباما معارضة من الديمقراطيين والكونغرس وحتى من الجمهوريين، فقد وقف الجميع ضد مشروعه لغلق معتقل خليج غوانتانامو، لأنهم يعتبرون أنه "يحمي أمريكا من إرهابيين يملؤهم الحقد والكره للشعب الأمريكي".
أمّا عن معتقل غوانتانامو؛ فقال التقرير بأن إدارة السجن صنفت المساجين إلى عدة أصناف؛ فمنهم من أصبح مؤهلا للسراح الشرطي أو للنقل لسجن آخر، ومنهم من صنف بأنه "محتجز إلى أجل غير مسمى" للخطورة التي يمثلها، أو لصعوبة الإجراءات القضائية في حقه، أو لأن الاعترافات أخذت منه تحت التعذيب.
وفي الوقت نفسه وضعت الإدارة مكتبا للمراجعة الدورية لإعادة تقييم المساجين، ولهذا المكتب صلات مع وزارة الدفاع والعدالة والأمن الداخلي والشؤون الخارجية، وحتى أجهزة المخابرات الأمريكية، على عكس ما كان معمولا به في عهد جورج بوش، الذي وضع مكتبا عسكريا بنسبة مائة بالمائة لتقييم المساجين.
وفي ربيع 2013 أعاد باراك أوباما تجديد حملته لغلق المعتقل، وقال: "لا يمكن تبرير وجود هذا المعتقل"، وقال بأنه "مكلف" وبأنه "أداة يستخدمها المتطرفون في دعايتهم المتشددة"، وقد قال هذا لإدانة السجن في الوقت الذي قام فيه 100 سجين بإضراب عن الطعام.
ومنذ سنة 2014 سرعت إدارة باراك أوباما من وتيرة نقل المساجين الذين اقترب إطلاق سراحهم، بعد أن وجدوا بلدا يستضيفهم، فحتى شباط/ فبراير 2015 تم إطلاق سراح 115 سجينا منذ وصول أوباما للسلطة، منهم 10 يمنيين استقبلتهم سلطنة عمان.
والسجن مازال يعمل بكامل طاقته كأن شيئا لم يتغير، فميزانية السجن السنوية تفوق 400 مليون دولار، أي بمعدل 4 ملايين دولار لكل سجين، كما أن مائة طبيب وممرض يقيمون هناك كامل أيام الأسبوع.
كما أفاد الطبيب المشرف على المعتقل بأن هناك مساجين مصابون بالكولسترول وبارتفاع ضغط الدم والسمنة، بالإضافة إلى كثرة استخدام العقاقير المضادة للالتهابات، أما عن عدد المساجين الذين مازالوا في إضراب جوع ويتم إطعامهم قسريا، فقال بأن "عددهم قليل جدا مقارنة بالماضي".
وعدد الحراس الذين يعملون في المعتقل، والذي يبلغ عددهم ألفي حارس، وهو عدد لا يتغير مهما نقص عدد المساجين، حيث قال العقيد دافيد هاث، رئيس موظفي السجن منذ 2014، إن "هندسة الموقع تفرض هذا العدد من الحرّاس".
كما وصف التقرير زنزانات المعتقل، حيث إن كل زنزانة تتكون من سرير صلب بفراش وحمام ومرآة وطاولة صغيرة وسماعات عازلة بالإضافة إلى خمسة كتب، من بينها القرآن وسجاد أسود به سهم يشير للقبلة، وقالت بأنه يسمح للسجناء بالتواصل مع عائلاتهم عبر حواسيب محمية بالزجاج.
ويسمح للمساجين بالمكوث للصلاة لمدة 20 دقيقة لكل صلاة من الصلوات الخمس في اليوم، كما يمكنهم أخذ دورات في الحاسوب أو في فن البلاستيك أو تعلم لغات أجنبية مثل الإنجليزية والإسبانية وحتى لعب كرة القدم في مجموعات.
أما عن المكتبة، فقال التقرير إنه يديرها شاب عسكري صاحب شهادة جامعية في العلوم السياسية، وأنها تحتوي على 3500 كتاب، وأقراص "دي في دي"، وألعاب فيديو، ومجلات، ونسخ من جريدة القدس العربي، وكتب دينية، وتفاسير للقرآن.
زاكي، المستشار الثقافي لسجن غوانتانامو، المتحدر من أصل أردني، والذي عمل في السجن لأكثر من 11 سنة، وهو يصف وضع السجن حين قدم سنة 2004 وبه 600 سجين بالقول: "كانوا من قبل يتحدثون معي، أما اليوم فهم ليسوا في حاجة إلي".
(المصدر: لوموند 2016-02-27)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews