8 معتقدات مالية خاطئة تشوِّش النقاش وتزيد التخلُّف
حسب العديد من المؤرخين، كانت الكويت والمنطقة عموماً شديدة التخلف قبل النفط. حتى بعد أكثر من نصف قرن على تصدير النفط والتطور السريع والقصير نسبياً المصاحب لذلك، أصبحت الكويت تشكل نموذجاً غريباً، فهي دولة تزداد ثروتها ويزداد تأخرها وتخلفها في الوقت نفسه. (يمكن الرجوع لتقارير البنك الدولي عن سوء التعليم وتخلف طرق الإصلاح).
من يتأمل الوضع يجد أن التناقضات بين ما يظهر أننا نريده وما نفعله، كحكومة أو كمجلس أمة أو حتى كمواطنين، هي أحد الأسباب الأساسية في عدم تحقيق أي تقدم يذكر. مثلاً، تظهر الحكومة أنها تريد تنويع مصادر الدخل وتقترح وتنفق على مشاريع تنموية لا فائدة تذكر منها. ويظهر المجلس أنه يريد محاربة الفساد، ولكنه يزيد من البيروقراطية الحكومية بطريقة أو بأخرى ولا يحرص على وجود هيئة مستقلة فعلاً لمكافحة الفساد. ويظهر المواطنون أنهم يريدون تقدماً وازدهاراً، ولكنهم لا يحرصون على اختيار من يمثلهم في مجلس الأمة.
إلى ذلك، وبافتراض حسن النية، يمكننا أن نربط وجود هذه التناقضات بسوء الفهم أو قلة الوعي أو بعض المعتقدات الخاطئة، ونركز على المعتقدات المالية الشائعة والتي منها:
لا أرباح من بيع النفط
تقيم الدولة احتياطياتها النفطية المؤكدة بصفر وليس وفق أصول تقييم الاحتياطيات النفطية، وينتج عن ذلك التالي:
- تحقيق أرباح من الإيرادات النفطية بينما يجب أن تحقق الأرباح فقط من فارق سعر البيع عن سعر التقييم.
- لا يعلم المواطن والنائب حجم ثروة الدولة وتأثرها بانخفاض أسعار النفط وارتفاعه، ولا حتى تأثير الاكتشافات النفطية المستمرة عليها. (نشر تقدير لإجمالي ثروة الدولة بالقبس بتاريخ 24 نوفمبر 2014 عند مستوى 2.27 تريليون دولار).
- تزيد قيمة الاحتياطيات بزيادة الإنتاج وتقليل تكاليفه، وهذا لا يجب أن يكون هم المواطن بدل مراقبة أسعار النفط على المدى القصير.
لدينا مصدر ثان للدخل
بسبب كبر حجم الاحتياطيات المالية، أصبح للكويت مصدر آخر للدخل وهو أرباح الصندوق السيادي التي تزيد أهميتها ونسبتها للإيرادات العامة مع انخفاض أسعار النفط والعكس صحيح. أموال الصندوق السيادي أفضل من الاحتياطيات النفطية، عند تساوي القيمة، لأنها تعطي عوائد وليس لها تكاليف إنتاج تذكر على عكس الاحتياطيات النفطية التي لا تعطي أي عوائد.
يمكن استغلال احتياطيات الأجيال
احتياطيات الأجيال القادمة وضعت لكبح جماح الإنفاق الحكومي الكبير في الستينات. ويمكن استخدام أرباحها أو حتى استخدامها متى ما تغيرت القوانين ودعت الحاجة إلى ذلك. كمثال توضيحي، لن يموت المواطنون الحاليون جوعاً في سبيل الحفاظ على احتياطيات الأجيال القادمة التي لن ترى النور.
لا ضرائب في دولة رعوية
لا معنى لفرض الضرائب أو رفع الرسوم على المواطنين في الدولة الرعوية، بل على الأجانب فقط كما هو الحال في دبي.
المشكلة في التوظيف وليست في الرواتب الحكومية
مشكلة فوضى الكوادر ليست بسبب زيادة الرواتب بقدر ما هي بسبب طريقة إقرارها بشكل غير مدروس. بحسبة تقديرية زاد بند الرواتب من 1.9 مليار دينار في 2006/2005 إلى 5.3 مليارات دينار في 2015/2014، أي بمعدل %11.9 سنوياً. وفي الفترة نفسها كان معدل التضخم عند مستوى %4.5 سنوياً تقريباً، كما زاد عدد العاملين في الحكومة من 215 ألف في يونيو 2004 إلى 353 ألفاً في يونيو 2014 أي بمعدل %5 سنوياً. يعني ذلك أن الكوادر زادت الرواتب الحكومية بمعدل %2.2 سنوياً تقريباً، ويرجع الباقي للتضخم وزيادة عدد العاملين.
الخصخصة ليست الحل الأمثل في الوضع الحالي
لا يمكن للخصخصة أن تنجح بوجود جهاز حكومي رقابي ضعيف. كما لا يمكن أن تكون الحكومة فاعلة إذا كان الراتب الحكومي في الأجهزة المهمة ضعيفاً.
قياسات ومؤشرات غير دقيقة
تتغير نسبة الإيرادات النفطية إلى الناتج القومي وفق أسعار النفط، حيث ترتفع بارتفاعها والعكس صحيح. لذلك، التغير في هذه النسبة ليست له دلالة جيدة على قياس تنويع مصادر الدخل. حتى الناتج القومي غير النفطي يعتمد بشدة على الإنفاق الحكومي الذي سيكون من فوائض أموال النفط السابقة.
ردود أفعال تفضح سوء التخطيط
الحاجة دائمة إلى ترشيد الإنفاق وتحديد أولويات المصروفات وليس فقط عند انخفاض أسعار النفط، إذ يفترض أن يزيد الإنفاق الحكومي الجيد في الأوقات الصعبة لتحقيق التنمية.
(المصدر: القبس 2016-02-23)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews