حتى لا تنخفض أسعار النفط
الاتفاق الذي تم في الدوحة يوم الثلاثاء الماضي بين المملكة وروسيا وقطر وفنزويلا على تجميد إنتاج النفط عند مستويات شهر يناير الماضي بهدف تعزيز الأسعار انعكست نتائجه ايجابياً على أسعار النفط. فمثلما رأينا فبعد يوم واحد من الاتفاق فقط بدأت الأسعار ترتفع إلى 7%. وهذا التوجه سوف يتعزز إذا ما دعمت إيران الاتفاق. وهو أمر متوقع؛ لأنه يصب في مصلحتها قبل غيرها وذلك على أساس إن امكانياتها لزيادة طاقتها التصديرية، على المدى القصير، محدودة. وكذلك العراق الذي بلغ إنتاجه مستويات قياسية في شهر يناير.
طبعاً هذا الاتفاق، على ما يبدو لي، هو بداية الطريق لتفاهمات لاحقه إن شاء الله؛ هذا إذا لم يكن هناك بالفعل بروتوكول لم يتم الإعلان عنه. فاتفاق الدول المصدرة للنفط قد تمكن ذات مرة من انتشال أسعار النفط من الحضيض عندما انخفضت إلى 10 دولارات للبرميل عام 1999. فذلك الاجماع، قبل 17عاماً، هو الذي قاد ارتفاع أسعار النفط بعد عام 2000 إلى المستويات التي شهدناها عندما وصلت عام 2008 إلى 140 دولاراً.
والقاء كل اللوم على الأوبك الآن لا يجدي. إذ كان يفترض منذ عام 1998 أن يتم وضع آلية معينة تحول دون انخفاض أسعار النفط إلى تلك المستويات التي رأيناها هذا العام أو إلى ارتفاعها إلى تلك المستويات التي تشجع معها على الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة. فالأوبك، بعد أن وقع الفأس في الرأس وصار الغاز الصخري حقيقة اقتصادية قائمة، لا تستطيع إعاقة هذه الصناعة دون أن تلحق بنفسها أضرارا جسيمة. ففي ظل التطورات التي شهدتها صناعة النفط خلال ال 30 عاماً الماضية أصبح من غير الممكن للأوبك أن تدير أسواق النفط بمفردها. ففي خلال هذه الفترة تطورت صناعة الغاز وزاد انتاجه من 1.5 مليون طن من مكافئ النفط عام 1985 إلى 3,1 مليون طن عام 2014؛ أي بزيادة قدرها مرتين. وبالتالي فإن منتجي النفط لم يعودوا وحدهم من يقرر حجم مصادر الطاقة المعروضة في العالم. أما الآن وبعد دخول الغاز الصخري السوق فإن خارطة ميزان الطاقة العالمي قد تعقدت بصورة أكبر.
ولذلك فإنه من غير الممكن في ظل الواقع الذي شهدناه، خلال الفترة الواقعة منذ نهاية عام 2014 عندما قررت الأوبك إعطاء السوق حرية تحديد السعر وحتى يناير 2016 عندما انزلقت الأسعار إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل، أن تترك أسعار النفط دون تدخل من قبل الدول المنتجة داخل وخارج الأوبك. وهذا يعني من ضمن ما يعني أن الأوبك لم تعد مثلما كانت في السابق قادرة على إملاء إرادتها.
وعلى هذا الأساس، فإن أسواق الطاقة حتى تستقر تحتاج إلى قرارات من كافة منتجيها وليس من قبل الأوبك وحدها. ولذا فإن محفل الطاقة العالمي، بمن فيهم منتجو الغاز الصخري، يفترض أن يتفق على آلية معينة للتفاهم تمنع تكرار هبوط أسعار النفط على النحو الذي رأيناه. وفي هذا المجال يمكن لمنتدى الطاقة الدولي أن يساهم في صياغة بروتوكول يأخذ بعين الاعتبار مصالح كافة أعضائه.
(المصدر: الرياض 2016-02-20)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews