«وول ستريت» تفقد الحماس لعمالقة التكنولوجيا
ليس في كل أسبوع نجد أن شركتين من شركات التكنولوجيا الضخمة، مثل فيسبوك ومايكروسوفت، تضيفان مبلغا مقداره 53 مليار دولار إلى تقييمهما معا في سوق الأسهم، خاصة عندما يتزامن ذلك مع انخفاض يقضي على 73 مليار دولار من تقييم مشترك مع اثنتين من الشركات الأخرى، هما أبل وأمازون.
لكن هذا ما حدث الأسبوع الماضي، حين حاولت وول ستريت هضم موسم أرباح متقلبة بشكل غير معتاد في قطاع التكنولوجيا.
مثل هذه التقلبات الكبيرة في تقييم التكنولوجيا كثيرا ما تشير إلى تحول زلزالي ضخم في هذه الصناعة، ينقل معه المستثمرون أموالهم من الأسواق الناضجة والتكنولوجيا إلى شركات أحدث تتمتع بإمكانات أكبر للنمو.
أظهرت تقلبات أسعار الأسهم العنيفة لشركات التكنولوجيا الكبيرة في الأسبوع الماضي بعض تلك القوى وهي تمارس تأثيرها، مع تحمس وول ستريت إلى دلائل على أن الأسواق الواعدة الجديدة بما في ذلك الإعلان على الأجهزة الجوالة والحوسبة السحابية قد بدأت في الازدهار.
لكنها تعكس أيضا نجاحات، أو خيبات أمل على المدى القصير، مع نضال مجموعة من الشركات التي تعتبر كل واحدة منها من بين أكبر عشر شركات في الولايات المتحدة من حيث القيمة السوقية، للارتقاء إلى مستوى التوقعات.
وعلى النحو الذي تكرر فيه ذلك كثيرا أثناء موسم الأرباح، كانت أمازون، متجر البيع بالتجزئة على الإنترنت، هي التي قدمت أكبر هزة لمستثمري التكنولوجيا. فقد أرسلت السوق سعر سهم أمازون إلى أعلى بنسبة 9 في المائة أواخر الأسبوع الماضي تحسبا لنتائج قوية، لكن السهم انخفض 13 في المائة في التداولات بعد إقفال السوق - عندما جاءت الأرباح دون توقعات وول ستريت بنسبة 35 في المائة.
واعترفت أمازون خلال الربع الأكثر ازدحاما لديها بأنها أساءت تقدير الطلب من البائعين كطرف ثالث، الذين يخزنون المواد في مستودعات أمازون ويدفعون إلى الشركة مقابل التعامل مع خدمات الشحن اللوجستية. وقال بريان أولسافسكي، كبير الإداريين الماليين في أمازون: "هذا ما جعل مخازننا بالأحرى ممتلئة وتسببت لنا في تحمل بعض التكاليف المتغيرة في الولايات المتحدة". فقد ارتفعت نفقات تسليم الطلبات بنسبة الثلث في الربع الرابع، الأمر الذي أسهم في أن تكون الأرباح أقل مما كان متوقعا.
مع ذلك، اتهم محللون أمازون بتجاهل تاريخي لتحقيق الأرباح، معتبرين ذلك جزءا من أسباب خيبة الأمل في وول ستريت. وقال يوسف اسكوالي، المحلل في كانتور فيتزجيرالد: "هذا ليس فريق الإدارة الذي يستمع إلى وول ستريت كثيرا، أو بصراحة يهتم بما تفكر فيه وول ستريت كثيرا".
مستويات الاستثمار الثقيلة لأمازون لم تترك تاريخيا سوى مجال ضئيل للربح. وأعلنت الشركة عن أرباح تراكمية دون 600 مليون دولار على مدى السنوات الأربع الماضية، حتى مع ارتفاع الإيرادات. وظلت تستثمر بكثافة في مجالات جديدة، مثل إنتاج أفلام لفيديوهات أمازون، وبناء مراكز بيانات جديدة لتوسيع عمليات التجزئة في الهند، وتزايد العمليات اللوجستية في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من ارتفاع هوامش ربح أمازون في الربع الأخير، إلا أن الزيادة الكبيرة في عدد الموظفين وفي الاستثمارات عملتا على الحد من الزيادة وأثارتا قلق المستثمرين.
ومع ذلك، إذا تسبب رفع أمازون للإنفاق في عدم الارتياح، فإن أحدث أرباحها أيضا أكدت أن ذراع الحوسبة السحابية للشركة؛ خدمات أمازون ويب، لا تزال نقطة مضيئة. وباعتبارها الجزء الأسرع نموا والأعلى هامشا في الشركة، كانت الآمال في خدمات أمازون ويب هي الأساس الذي قام عليه الارتفاع بنسبة 62 في المائة في أسهم الشركة منذ نيسان (أبريل) الماضي - على الأقل، حتى الأرباح المخيبة للآمال يوم الخميس الماضي. وتوسعت عائدات خدمات أمازون ويب بنسبة 69 في المائة في الربع الرابع، لتصل إلى 2.4 مليار دولار.
وحتى النمو الأسرع في أعمال الحوسبة السحابية لمايكروسوفت، التي تم الكشف عنها أيضا في أرباح الأسبوع الماضي، أضافت إلى الثقة المتنامية بوول ستريت بأن ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي الجديد للشركة، قد عثر على صيغة من شأنها أن تحمل مايكروسوفت إلى ما بعد عصر الكمبيوتر. أزور - منصة الحوسبة السحابية التي تتنافس مع خدمات أمازون ويب - أبلغت عن قفزة بنسبة 140 في المائة في الإيرادات ـ وتسارع عما كانت عليه في الربع السابق.
وساعدت أحدث أرقام مايكروسوفت أيضا على تبديد بعض المخاوف من أن التحول من البرمجيات إلى إيرادات السحابة سيضعف هوامش الربح للشركة.
والهوامش في أعمالها السحابية بدأت في الارتفاع، وفق إيمي هود، كبيرة الإداريين الماليين. كذلك استفادت مايكروسوفت من انخفاض تكاليف الوحدة ونجحت في نقل العملاء إلى الخدمات ذات القيمة الأعلى.
وكان الخبر كافيا لإضافة أكثر من 4 في المائة إلى أسهم مايكروسوفت، على الرغم من أن أكبر أعمالها، الكمبيوتر الشخصي، تراجعت في الربع الأخير وتراجعت كذلك إيراداتها الإجمالية والأرباح.
وجاءت الفكرة الجديدة حول الحوسبة السحابية من أرباح أمازون ومايكروسوفت في أسبوع سلط الضوء أيضا على تحول آخر في زلزال التكنولوجيا: صعود الجوال.
كان مستثمرو أبل منزعجين في الوقت الذي تواجه فيه الشركة احتمال انخفاض مبيعات آيفون لأول مرة في الوقت الذي كان هناك عدد أقل من المشترين الجدد. لكن القوى نفسها كان لها تأثير عكسي على فيسبوك: بفضل قاعدة كبيرة من أصحاب الهواتف الذكية الحالية واستخدامهم المتزايد لخدمات فيسبوك، يعيد المعلنون الآن توجيه كميات أكبر بكثير من ميزانياتهم نحو أجهزة الجوال، وهو ما عمل على الشحن الفائق للنمو في شركة الشبكات الاجتماعية.
التحول المحتمل للقيمة من الأجهزة إلى الخدمات في سوق الهواتف الذكية الناضجة اتضح بدقة من خلال رد فعل وول ستريت: انخفضت القيمة السوقية لأسهم أبل بواقع 36 مليار دولار في يوم واحد، في حين كسبت فيسبوك 36 مليار دولار.
(المصدر: فايننشال تايمز 2016-02-04)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews