الاتفاق النووي مع إيران قد يكون خطأ تاريخيا
نشر تقرير حذر فيه من أن الغرب قد يندم على توقيع الاتفاق مع إيران والوثوق بها؛ لأن رفع العقوبات لن يغير شيئا من أوضاع المواطن الإيراني، وسيشجع إيران على متابعة مخططاتها للهيمنة على الشرق الأوسط، ويجر المنطقة لسباق تسلح، ويعزز المحور الإيراني الروسي في مواجهة المجتمع الدولي.
وقال التقرير إن إيران نجحت في إثبات التزامها بتعهداتها التي قطعتها خلال الاتفاق المبرم في فيينا في الصيف الماضي، المتعلقة بالحد من أنشطتها النووية، وفي المقابل، قام الغرب بخطوة أولى نحو رفع العقوبات عنها، ما جعل أغلب السياسيين ورجال الأعمال يسعون للاستفادة من هذه الخطوة، التي وصفها وزير الخارجية الألماني فرانك وولتر شتاينماير بأنها "نجاح تاريخي للدبلوماسية".
وحذر من أن هذا الاتفاق قد يحمل في الواقع نتائج كارثية، إذ إنه على الرغم من كونه قد عطل البرنامج النووي الإيراني في الوقت الراهن، فإن طهران جدية في طموحاتها النووية، وقد تكون قد أجلت الخطوة الأخيرة نحو امتلاك القنبلة ولم تتخل عنها تماما، وفضلت القيام بهذه المناورة التكتيكية من أجل الظفر بعدد كبير من الامتيازات التي جلبها الاتفاق.
وأشار إلى أن إيران لا تزال تملك القدرات التكنولوجية اللازمة لاستئناف برنامجها النووي متى شعرت بالحاجة لذلك، وهي بذلك تمتلك ورقة ضغط قد تلوح بها مرات أخرى في المستقبل من أجل ابتزاز الغرب، الذي يبدو أنه استسلم لسياسة الأمر الواقع، من أجل تحييده وضمان عدم تدخله في مخططاتها التي تسعى لتنفيذها في المنطقة.
وأكد التقرير أن قائد النظام الإيراني علي خامنئي يعتقد بأن موازين القوى الدولية تغيرت في السنوات الأخيرة لمصلحة التحالف الإيراني الروسي، وأن الغرب لم يعد بإمكانه وقف الطموحات الإيرانية أو منعها من الحصول على القنبلة النووية متى أرادت ذلك، ما يعني أن الدول الغربية بدأت تدفع ثمن تعاملها الدبلوماسي مع إيران.
كما أشار إلى أن ملايين الدولارات التي ستتدفق على ملالي إيران بعد رفع العقوبات، ستمثل دفعة كبيرة للاقتصاد، وتمكن من تمويل السياسات الإيرانية في الشرق الأوسط.
واعتبر التقرير أن الاتفاق لم يغير شيئا من الأوضاع الداخلية، حيث إن المتشددين أحكموا قبضتهم على المجتمع، وخاضوا حملة تشكيك في الاتفاق الموقع مع الغرب، ووصفوه بأنه استسلام. كما أن أحكام الإعدام زاد عددها بشكل درامي، وأغلب المرشحين الإصلاحيين تم إقصاؤهم من السباق الانتخابي، وزادت إيران من نفوذها في لبنان وسوريا واليمن.
واعتبر في هذا السياق أن الاتفاق سيعطي دفعة لإيران على المستوى الإقليمي، حيث إن النظام ينوي استغلال عوائد الاتفاق النووي لأغراض بعيدة عن تطلعات المواطن الإيراني، من خلال تخصيص مبلغ 21 مليار دولار لتحديث وتوسعة قدراتها العسكرية، وهو ما يمثل تعزيزا لتحالفها مع روسيا، التي ستحقق فوائد كبيرة من بيع عدة الأسلحة لإيران، على غرار مقاتلات سوخوي "سو30" ودبابات "تي90" وصواريخ "ياخونت" التي يمكن إطلاقها من البر والبحر والجو.
وحذر من أن هذا التعاون العسكري بين روسيا وإيران قد يعزز مخاوف أطراف أخرى في المنطقة مثل "إسرائيل" ودول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية، ما قد يدفع بسباق التسلح في منطقة الشرق الأوسط إلى مستويات جديدة من الخطورة، خاصة أن الرياض وحكومة بنيامين نتنياهو تشعران بأن الغرب تخلى عنهما، وبالتالي بات عليهما اتخاذ خطوات أحادية لمواجهة الخطر المحدق.
وأغلب السياسيين والمحللين في الدول الغربية يتجاهلون حقيقة واضحة، وهي أن العلاقة بين ملالي إيران وفلاديمير بوتين تطورت إلى تحالف استراتيجي وقوي يهدف إلى السيطرة على الشرق الأوسط، بالاعتماد على جملة من السياسات التي تراوحت بين العنف والابتزاز العسكري والسياسي والمغالطات الإعلامية، والتظاهر بالاستعداد للمشاركة في الحرب على الإرهاب ونشر الاستقرار في المنطقة.
ولكن في المقابل، نبه التقرير إلى أن تباين الأهداف بين موسكو وطهران قد يؤدي في نهاية الأمر إلى انفراط عقد هذا التحالف الظرفي.
وقلل التقرير من أهمية ما يشاع حول الصراع بين المتشددين والمعتدلين في الداخل الإيراني، واعتبر أن هنالك الكثير مما يجمع بينهما، مثل الدفاع عن هذا النموذج السلطوي الدكتاتوري الذي يعتمد على الدين. ورأى أن التعامل الغربي يشجع هؤلاء على التمسك بهذا النموذج السياسي، ويشعرهم بأنهم "على وشك الانتصار على أعدائهم".
(المصدر: صحيفة دي فيلت الألمانية 2016-01-26)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews