ما الذي تبقى من الثورة المصرية بعد 5 سنوات؟
نشر تقرير في الذكرى الخامسة للثورة المصرية؛ استعرض فيه أهم التحديات التي يواجهها المسار الثوري في مصر على المستويين السياسي والاجتماعي، منذ اندلاعها في 25 يناير 2011.
وقال التقرير، إن الثورة المصرية شهدت منذ إسقاطها لنظام حسني مبارك، بعد 30 سنة من الاستبداد في الحكم، العديد من الأحداث المؤلمة التي يرغب المصريون اليوم في نسيانها، ومن بينها مقتل 850 شخصا في ميدان التحرير.
والاستقرار السياسي في مصر كان هشا خلال السنوات الخمس التي تلت الثورة، والتي أفضت في تموز/ يوليو 2012 إلى تنظيم أول انتخابات ديمقراطية، فاز فيها المرشح عن حركة الإخوان المسلمين، محمد مرسي، قبل أن يستعيد العسكر السيطرة على الحكم، بعودة النظام الاستبدادي الذي فرضه عبد الفتاح السيسي.
والمظاهر الاحتفالية غابت عن ميدان التحرير في الذكرى الخامسة للثورة، وعن الميادين الأخرى التي احتضنت آلاف الأشخاص الذين خرجوا قبل خمس سنوات مطالبين بـ"الخبز، والعدالة والكرامة"، حيث أصبح النظام العسكري يستقبل ذكرى الثورة في السنوات الأخيرة بكثير من الحذر والترقب.
والثورة والحركات الثورية في مصر تتعرض خلال السنوات الأخيرة لحملة إعلامية تستهدف مكاسب الثورة، وتعمل على توظيف الأبواق الإعلامية الموالية لحكم النظام العسكري في البلاد، الذي يقوده عبد الفتاح السيسي، لتشويه المسار الثوري والتضييق على الحريات الفردية.
ومفهوم الثورة أصبح غامضا في أذهان بعض المصريين، حيث يقود نظام عبد الفتاح السيسي "الثورة المضادة" التي أدت إلى وصوله للسلطة في تموز/ يوليو 2013، حيث اعتبر في أحد تصريحاته أنها جاءت "لتصحح المسار الثوري"، بينما يمثل تاريخ 25 كانون الثاني/ يناير بالنسبة للإسلاميين في مصر تاريخا رمزيا، تتعالى فيه الأصوات باستعادة "الشرعية والديمقراطية".
والنظام العسكري في مصر يستقبل ذكرى 25 كانون الثاني/ يناير من كل سنة بكثير من الخوف، الذي يفسر الاستنفار الأمني في الشوارع المصرية، حيث أكد الصحفي والمتحدث السابق باسم حزب الدستور، خالد داود، أن "النظام العسكري يسعى لتجريم الاحتفال بذكرى الثورة، من خلال ترسيخ الاعتقاد لدى المصريين بأن تاريخ الثورة يرتبط بالفوضى والعنف".
ودعت السلطات المصرية المواطنين لعدم المشاركة في الاحتجاجات التي تعاملت معها في السنوات السابقة بكثير من العنف، حيث قتل الناشط سيد عبد الله في سنة 2014، وشيماء الصباغ في سنة 2015، بينما أكد عبد الفتاح السيسي في خطابه الذي ألقاه في 23 كانون الثاني/ يناير بمناسبة عيد الشرطة المصرية أنه "سيعمل على التصدي لكل محاولة لانتهاك القانون وزعزعة الأمن".
والنظام العسكري يعمل على توظيف الدين في مواجهة التحركات الاحتجاجية المرتقبة، حيث أصدرت وزارة الأوقاف يوم الجمعة المنقضي بلاغا تندد فيه "بالاحتجاجات المخالفة للدين"، بينما أطلقت وزارة الشؤون الخارجية حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تسوق فيها "لإنجازات الدولة المصرية"، وهو ما مثل موضوع تجاذبات بين المعارضين والمؤيدين لنظام السيسي.
وهذه الإجراءات الاستثنائية قبل أيام من الذكرى الخامسة للثورة، تزامنت مع انطلاق حملة أمنية واسعة وشرسة تهدف إلى التضييق على الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث قامت السلطات الأمنية بتنفيذ خمسة آلاف مداهمة، تتركز أغلبها في مدينة القاهرة.
وهذه العمليات الأمنية لم تقتصر على استهداف الأفراد والناشطين، بل أدت إلى غلق عديد المراكز الثقافية والفنية في مدينة القاهرة، ومن بينها "تاون هاوس غاليري"، و"مسرح روابط"، التي تمثل متنفسا ثقافيا للنخبة في القاهرة.
وتضييق النظام العسكري على الحريات الفردية وقمعه للناشطين، يزيد قناعة المناصرين للديمقراطية واليساريين بضرورة تصحيح المسار الثوري في مصر، خاصة بعد حملة الاعتقالات الممنهجة التي استهدفت الحقوقيين والسياسيين المعارضين الذين صدرت في حقهم أحكام متفاوتة بالسجن.
ويعمل النظام العسكري منذ انقلاب السيسي على تصفية المعارضين السياسيين، بما في ذلك الأحزاب الإسلامية والحركات الثورية، حيث لا زالت حركة 6 أبريل مصنفة تنظيما إرهابيا، بالإضافة إلى استهداف المناصرين والقادة في حركة الإخوان المسلمين، الذين صدرت في حقهم أحكام بالسجن والإعدام، وهو ما أثار استنكارا واسعا بين المنظمات الحقوقية حول العالم.
وقال باحث في المجلس الأطلسي وفي المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن "إن الثورة المضادة بدأت في مصر منذ سقوط نظام حسني مبارك في كانون الثاني/ يناير 2011، لكنها كانت تنتظر اللحظة الحاسمة التي تمثلت في الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013، الذي أدى إلى سيطرة عبد الفتاح السيسي على السلطة".
والانتهاكات التي يقوم بها النظام العسكري أثارت انتقادات منظمات حقوق الإنسان العالمية، ومن بينها منظمة "هيومن رايتس وتش" التي أكدت أن القوانين التي مررها السيسي تهدد الحريات السياسية والفردية التي جاءت بها الثورة المصرية، وتؤسس لنظام يسمح لمرتكبي الانتهاكات بالإفلات من العقاب.
وفي السياق ذاته، ذكر مدير المركز الوطني لحقوق الإنسان، جورج إسحاق، أن "الوضع الحالي ينذر بعودة النظام البوليسي".
وفي الختام، قال التقرير إن مصر تواجه خلال هذه المرحلة تحديات سياسية واجتماعية، لكنها تواجه أيضا صعوبات ومشكلات اقتصادية ساهمت في تعميق القطيعة مع النظام العسكري الذي يقوده عبد الفتاح السيسي.
(المصدر: لوموند 2016-01-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews