تدهور أسعار النفط يُنذر بتغيير وجه المنطقة
ثلاثة أنواع من التغيير تجتاح منطقة الشرق الاوسط. وهي تغييرات جيوسياسية، يرافقها تراجع كبير في اسعار النفط، بالإضافة الى تداعيات الانتشار الكبير لاستخدام منصّات التواصل الاجتماعي التي تؤثر في أكثر من 108 ملايين شاب وشابّة في هذه المنطقة.تظهر منطقة الشرق الأوسط وقد اخترقت من كل الجهات وعلى مختلف الاصعدة الجيوسياسية والاقتصادية والمالية، مَيلاً نحو التغيير، غير انّ هذا التغيير قد لا يكون الى الأفضل.
ولم يكن ينقص سوى تدهور اسعار النفط المتوقع ان يستمر ويغيّر وجه المنطقة لسنوات طويلة، يُضاف الى ذلك دخول المنطقة عالم المعرفة والعالم الافتراضي الذي سوف يؤدي الى تغيير كبير في ثقافة المجتمعات العربية التي تضم نحو 300 مليون شخص.
تشهد منطقة الشرق الاوسط وشمالي افريقيا أكبر نسبة من المهاجرين منذ الحرب العالمية الثانية ليكونوا جزءاً كبيراً من الـ 60 مليون شخص الذين نزحوا وهاجروا في العالم. وتتركز الهجرة في دول الربيع العربي، مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا، ويحمل ذلك تغييراً صاعقاً ليس فقط في الدول المذكورة بل وايضاً في الدول المضيفة.
وذاقت القارة الاوروبية مرارة استقبال نحو مليون شخص مهاجر في البر او عبر الحدود البرية، وأصيب لبنان بجزء كبير من أزمة النزوح حث يحتضن عدداً بات يشكّل نسبة كبيرة من عدد سكانه الاصليين. وتبقى منطقة الشرق الاوسط حالياً معرّضة للتجارب والاصطدام بين المملكة العربية السعودية وايران.
هبوط أسعار النفط
يبدو انّ الدول الكبرى والمتموّلة في منطقة الشرق الاوسط قد استحقّت موضوع تراجع اسعار النفط، والذي سوف يترك آثاره على شكل الاقتصاديات وخصوصاً في الدول المنتجة للنفط. فقد استنزفَ تراجع الاسعار موازنات هذه الدول وقَلّص التقديمات الى شعوبها ودفعها للمرة الاولى الى فرض الضرائب ورفع اسعار الوقود وإصدار سندات دين بعد السحوبات الكبيرة من الاحتياطيات النقدية.
أخيراً، أعلنت معظم دول الخليج عن خطط تحوّل وطني، والجانب الاقتصادي بالتحديد هو محور هذه الخطط. ويتمثّل في الانتقال من مجتمع ربحي يعتمد على ما ينتجه من سلعة النفط في تمويل كل أوجه الحياة الى مجتمع منتج يكون عماده زيادة إنتاجية الفرد.
ويأتي ذلك بعد هبوط اسعار النفط الذي تعتمد عليه دول الخليج بما لا يقلّ عن 90%، والذي أدى الى حدوث عجوزات في العام الماضي وبدأت الحكومات في السحب من الاحتياطي المالي وايضاً إصدار سندات حكومية، إذ انّ استمرار هذا الاتجاه يُنذر بتدهور الاحتياطيات المالية من جهة وارتفاع نسبة الدين العام الى الناتج المحلي.
وسوف تعمد دول الخليج بموجب الخطط المذكورة الى ترشيد الإنفاق العام وإيقاف الهدر والفساد ومحاسبة المسؤولين وترشيد الاعانات بما في ذلك إعانات الوقود والتخصيص.
دور منصّات التواصل الاجتماعي
تبقى منطقة الشرق الاوسط معرّضة لمساحة أكبر من التعبير عن الافكار وعن الاهتمامات والقلق، فهناك حالياً اكثر من 100 مليون مستخدم للفايسبوك من خلال الهواتف الخلوية الذكية، كما انّ تزايد نموّ المستخدمين للتويتر والانستغرام هو الأسرع عالمياً في منطقة الشرق الاوسط وهو يرافق موجات تغير سياسي واجتماعي كبير وخصوصاً بين الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 15 و29 عاماً ويمثلون نحو 30% من سكان المنطقة أي أكثر من 108 ملايين شاب وشابّة.
وهذا يوضح حقيقة انّ منطقة الشرق الاوسط لم تغيّرها الحروب والنزاعات فقط، بل إنّ هذه التغييرات الاجتماعية تعود أساساً الى انتشار منصّات التواصل الاجتماعي.
عودة إيران الى الاسواق
كما انّ عامل عودة ايران الى المجتمع الدولي من الباب العريض يحدث تغييرات جذرية في الصورة العامة لهذه المنطقة تستدعي ردّات فِعل على مستوى الحدث على امل ان تتوصّل كل من دول الخليج وايران الى نوع من التفاهم والتنسيق يُجنّبهما الاصطدام في أدنى التقديرات
أو يدفعهما الى التنسيق لصالح الطرفين، ولصالح شعوب منطقة الشرق الاوسط لتجنّب هذه المنطقة أزمات اضافية ليس لها اي طاقة او مصلحة في نشوبها.
وتدخل المنطقة كما العالم في زمن تتساوى فيه احتمالات التصادم والمخارج العسكرية مع التفاهم والتنسيق وقبول الآخر، إذ انّ أمام الولايات المتحدة الاميركية الملف المتوتر مع الصين نقدياً وتجارياً وعسكرياً. وأمام روسيا ملف شائك مع العقوبات الغربية وتدهور أسعار النفط، الأمر الذي يهدد استقرارها الاقتصادي والنقدي كما انّ احتمالات الاصطدام العسكري مع اكثر من دولة يبقى خياراً قائماً.
(المصدر: الجمهورية اللبنانية 2016-01-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews