«أوبك» أكثر تفاؤلا في الطلب على نفطها
في الوقت الذي تودع فيه الصناعة النفطية أصعب عام مر عليها منذ 1986، يبعث تقرير منظمة "أوبك" عن آفاق النفط العالمية لعام 2040، الذي نشر يوم الأربعاء 23 كانون الأول (ديسمبر) 2015، بصيص أمل على تحسن أوضاع أسواق النفط العالمية على المديين المتوسط والطويل. بطبيعة الحال، يعترف التقرير بأن الصناعة تواجه في الوقت الحاضر واقعا صعبا،وأكثر تقلبا، حيث إن أسعار النفط انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2004، والاستثمارات في تراجع مستمر. لكن، بغض النظر عن عدم اليقين على المدى القصير، يرى السيناريو المركزي لتقرير المنظمة عودة انتعاش أسعار النفط على المدى المتوسط، ومستقبل طويل الأجل فيه نمو الطلب المتزايد، سيبقي النفط يشكل أكبر حصة من الطلب العالمي على الطاقة الأولية حتى بعد عام 2030، في حين أن الطلب على نفط أوبك سيتزايد. وفيما يلي استعراض لأهم ما جاء في تقرير المنظمة.
بخصوص أسعار النفط، أشار تقرير "أوبك" إلى أن القيمة الافتراضية (الأسمى) لسلة خامات المنظمة، التي تضم 12 نوعا من خامات النفط، ستصل إلى نحو 160 دولارا للبرميل بحلول عام 2040 تزامنا مع نمو الطلب العالمي على النفط بنسبة 20 في المائة، 123 دولارا للبرميل بحلول عام 2030، و80 دولارا للبرميل بحلول عام 2020. بينما تتوقع المنظمة أن تبلغ القيمة الحقيقية لسلة خاماتها بحلول عام 2020 نحو 70 دولارا للبرميل، انخفاضا من 95.4 دولار توقعتها العام الماضي.
ترى المنظمة أن الطلب على نفطها في عام 2020 سيكون أعلى من توقعات العام الماضي بنحو 1.7 مليون برميل في اليوم لأن انخفاض أسعار النفط قد شجع على زيادة الاستهلاك، في حين أن خفض الاستثمارات وضع ضغوطا على نمو الإمدادات من خارج المنظمة. ويتوقع السيناريو المركزي لتقرير المنظمة أن يصل الطلب على نفطها إلى 30.70 مليون برميل يوميا في عام 2020، وهذا أقل بنحو 1.2 مليون برميل في اليوم من المستوى الحالي لإنتاجها البالغ 31.9 مليون برميل في اليوم. من المتوقع أن تصل الإمدادات من خارج المنظمة إلى 60.2 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020، أقل من توقعات العام الماضي بنحو مليون برميل في اليوم.
على المدى الطويل، يشير التقرير إلى أن الإمدادات من خارج "أوبك" ستصل إلى ذروتها عند 61.5 مليون برميل في اليوم في عام 2025 وتنخفض بعد ذلك إلى 59.7 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2040، أي أقل بنحو 2.2 مليون برميل في اليوم من توقعات العام الماضي. ويفترض التقرير أن نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، الذي قاد نمو الإنتاج من خارج "أوبك" في السنوات الأخيرة، سيصل إلى ذروته في منتصف العقد القادم. في هذا السياق، ذكر التقرير أن الإنتاج العالمي من النفط الصخري سيصل إلى 5.19 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020 ليبلغ ذروته عند 5.61 مليون برميل في اليوم في عام 2030 ثم يتراجع إلى 5.18 مليون برميل في اليوم في عام 2040 مع انضمام الأرجنتين وروسيا إلى أمريكا الشمالية في إنتاج هذا النفط. بصورة عامة الزيادات الرئيسة على المدى الطويل في إمدادات الخام من خارج "أوبك" ستأتي من أمريكا اللاتينية ومنطقة بحر قزوين.
ويتوقع السيناريو المرجعي للتقرير أن يرتفع إنتاج المنظمة بنحو عشرة ملايين برميل في اليوم بين عامي 2020 و2040 ليصل إلى 40.7 مليون برميل في اليوم، مقارنة بـ39.7 مليون برميل في اليوم في تقرير العام الماضي. لكن التقرير لا يرى أي مكاسب في حصة المنظمة السوقية على المدى المتوسط، في وقت تعزز الأسعار المنخفضة الضغوط الديموغرافية ما أدى إلى ارتفاع الطلب في البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ليعوض تراجع الاستهلاك في البلدان الأعضاء.
من ناحية الطلب، رفعت "أوبك" توقعاتها للطلب العالمي على النفط في الأمد المتوسط إذ تتوقع وصوله إلى 97.40 مليون برميل في اليوم بحلول 2020 بزيادة 500 ألف برميل في اليوم عن تقرير العام الماضي. يرى التقرير أن يصل الطلب في الاقتصادات النامية إلى 46.4 مليون برميل في اليوم في عام 2020، بزيادة 6.1 مليون برميل في اليوم من عام 2014، متجاوزا انخفاض الاستهلاك في البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
على المدى الطويل، تتوقع "أوبك" أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى 109.8 مليون برميل في اليوم في عام 2040، هذا أقل بنحو 1.3 مليون برميل في اليوم عن تقرير العام الماضي، نتيجة لإدخال المزيد من التحسينات على كفاءة الطاقة وسياسات التخفيف من تغير المناخ، فضلا على توقعات نمو اقتصادي أقل قليلا على المدى الطويل. في حين، يفترض السيناريو المركزي لأحدث تقرير عن توقعات الطاقة العالمية لوكالة الطاقة الدولية أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى 107 ملايين برميل في اليوم في عام 2040.
من ناحية الاستثمارات، تتوقع المنظمة أن يحتاج قطاع النفط بصورة عامة خلال ربع القرن القادم إلى استثمارات بنحو عشرة تريليونات دولار على الرغم من تخمة المعروض، وذلك لتلبية تزايد الاستهلاك ولتجنب قفزات مفاجئة في الأسعار. وترى المنظمة أن المنتجين من خارج "أوبك" يحتاجون إلى استثمار نحو 250 مليار دولار سنويا على المدى المتوسط، مقارنة بـ 300 مليار دولار سنويا في تقرير العام الماضي، تنخفض هذه الاستثمارات على المدى الطويل إلى 210 مليارات دولار سنويا، بسبب انخفاض إمدادات النفط الخام. حصة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الاستثمار العالمي ستكون أكثر من نصف المجموع العالمي نظرا لارتفاع التكاليف ـــ لكل من المصادر التقليدية وغير التقليدية ــــ وارتفاع معدلات تراجع الإنتاج. في حين أن "أوبك" في حاجة إلى استثمار أكثر من 40 مليار دولار سنويا بحلول عام 2020، وأكثر من 60 مليار دولار سنويا في المدى الطويل في المشاريع الاستخراجية فقط.
وترى المنظمة أن انخفاض أسعار النفط قد أدى إلى هبوط حاد في مؤشرات تكاليف المشاريع الاستخراجية منذ الربع الرابع من عام 2014. ويفترض السيناريو المركزي للتقرير أن تبدأ التكاليف في الارتفاع مرة أخرى قبل نهاية هذا العقد، ولكن بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في السنوات السابقة. إن السبب وراء ذلك هو أن استثمارات المشاريع الاستخراجية داخل المنظمة وخارجها ستظل ضرورية لتلبية تزايد الطلب في المستقبل وتعويض التراجع الطبيعي في الإنتاج. لكن في الوقت نفسه يشير التقرير إلى أن تحسين الكفاءة في عمليات الإنتاج نتيجة الانخفاض الحالي في أسعار النفط، ستكون له آثار دائمة في التكاليف على المدى الطويل.
(المصدر: الاقتصادية 2016-01-13)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews