نصف الأردنيين لا يتناولون وجبة الإفطار !!
جي بي سي نيوز :- “الفطور مسمار الجسم”.. هذا المثل الشعبي القديم يعني الكثير عند ميساء التل، لكنها تعترف أنها لم تعد تحرص على تناول إفطارها صباحاً، كما كانت قبل سنوات، وبعد أن كانت والدتها تلح عليها كثيراً في ضرورة تناول الإفطار، منذ أن كانت على مقاعد الدراسة.
وتعترف التل أنها أصبحت تفضل تناول الإفطار مع زميلاتها في العمل بوقت متأخر، وفي كثير من الأحيان لا تتناول أي شيء وتبقى حتى ساعات الظهيرة. هذا الأمر يشعرها بالجوع بكثرة، وتعوضه بتناول بعض من الشوكولاته والمشروبات الساخنة، وقد تتأخر في تناول الغداء فيما بعد، لأنها اعتادت على هذا النظام الغذائي هي والكثير من زميلاتها في العمل.
دراسة مستقلة قدمها مركز “إبسوس” للدراسات، بينت أن نصف الأردنيين فقط يتناولون وجبة الإفطار يومياً، فيما يزيد من أوزان النصف الآخر من المواطنين حسب الدراسات ذات الصلة، وهذه الدراسة لا توازي النتائج العالمية لتناول الإفطار؛ إذ يتناول ما لا يقل عن 70 % من سكان الدول الصناعية المتقدمة، وجبات الإفطار يومياً، على نحو منتظم.
وبحسب دراسات طبية، كان آخرها الدراسة التي أعدها باحثون من جامعة تايبيه الطبية في تايوان، فإن مخاطر نشوء السمنة ترتفع بين الأشخاص الذين لا يتناولون وجبات الإفطار، حتى عند ضبط عدد من العوامل المهمة مثل السن، نوع الجنس، المستوى التعليمي، الحالة الاجتماعية، الدخل الشهري، وغيرها.
ويرى مراقبون ومعدون في الدراسة، أن من أهم أسباب عدم انتظام تناول وجبة الإفطار، يومياً، بالنسبة للأردنيين، الأوضاع الاقتصادية السائدة في الأردن التي تدفع الأغلبية ذات الدخل المتوسط والمحدود، للعجلة في الخروج من المنازل إلى الأعمال، والسهر حتى ساعات متأخرة، إلى جانب “التقشف” الإجباري، الذي تفرضه هذه الأوضاع.
وبالرغم من أن سوزان تستيقظ مبكراً، إلا أنها لا تتناول وجبة الإفطار، بل تكتفي بشرب “القهوة أو النسكافيه”، وتنتظر حتى وقت متأخر لتناول الإفطار سواء بالبيت أو خارج البيت عند ذهابها إلى الجامعة.
وتعتقد نفحات أن الشخص الذي لا يعتاد على تناول الإفطار صباحاً، من الصعب أن يجلس لفترة معينة ويأكل أي شيء من الطعام، وعلى الأغلب يتناول الأرنيون المشروبات الساخنة، وأبرزها القهوة والشاي.
ولتأكيد هذه النظرية، يقول مازن مصطفى، وهو طالب جامعي، إنه بالفعل لا يتناول الإفطار في المنزل، على الرغم من أن والدته تستيقظ صباحاً لتعد الوجبة، فهو يكتفي بأن يخرج بدون تناول أي شيء، ليجلس مع أصدقائه قبل المحاضرات ويتناول القهوة ويدخن السجائر.
ويبرر مصطفى ذلك بأنه يضطر إلى ركوب الحافلة للتوجه إلى الجامعة، وعندما يتناول الإفطار يشعر بقليل من الدوار ووجع في المعدة، لذلك يكتفي بما يتناوله بعد المحاضرات بشراء “ساندويش من الكفتيريا”، يتناولها مع زملائه وأصدقائه.
ويتمنى مصطفى أن يتمكن من تناول الإفطار بشكل طبيعي في منزله، على حد قوله، فهو يشعر بأن ما تحضره والدته في البيت أطيب وأكثر فائدة بكثير مما يشتريه من المطاعم الخارجية، عدا عن التوفير المادي، إلا أنه بالفعل لم يعتد على ذلك.
وكان مجموعة من الطلاب في إحدى الجامعات الأردنية، قد أطلقوا حملة خلال العام الماضي تحت شعار “سندويشة أمي أزكى”، والتي يدعون فيها الطلبة في الجامعات على الإفطار من خلال السندويش الذي يحضرونه من البيت، لأسباب عدة منها صحية ومادية، وبالفعل تفاعل معها الكثير من الطلاب.
ومن الناحية الصحية، يرى أخصائي الطب العام الدكتور مخلص مزاهرة، أن وجبة الإفطار من أهم الوجبات التي يمكن أن يتناولها الفرد خلال يومه؛ إذ إن من الطبيعي أن يتناول الإنسان وجبة العشاء ويستيقظ بحاجة إلى الطاقة من خلال تناول الإفطار، إلا أن الأشخاص الذين لم يعتادوا على ذلك قد يتعرضون للكثير من المشاكل الصحية فيما بعد، وقد تكون عرضية.
ومن أبرز المشاكل التي يتعرض لها الشخص عندما لا يتناول الإفطار، انخفاض نسبة السكر في الجسم بنسبة تزيد على 70 %، ويوضح مزاهرة أن 50 % من السكر في الدم يذهب إلى الدماغ، و60 % من الأكسجين يذهب للدماغ أيضاً، لذلك قد يتأثر الدماغ بهذا النقص، ما يؤدي إلى هبوط عام في الجسم.
ويبين مزاهرة أن نسبة السكر عندما تصل إلى ما دون السبيعن، قد يفقد الشخص وعيه ولا يعمل الدماغ بكفاءة عالية، ويؤدي إلى الشعور بالدوران، ويؤثر على أعضاء الجسم، ويقلل من الاستيعاب، وعلى سبيل المثال، يصبح الطالب غير قادر على التركيز في دراسته أو الامتحانات، والموظف غير قادر على تأدية العمل بكل كفاءة، لذلك ينبغي أن يكون هناك اهتمام فعلي بوجبة الإفطار.
وفي السياق ذاته، تبين أخصائية التغذية ربى العباسي، أن الإفطار هو الداعم الرئيس لنجاح حميات التغذية وتخفيف الوزن؛ إذ إن وجبة الإفطار توفر للجسم مصدر الطاقة الأول بعد عدد طويل من ساعات النوم، لتزويد خلايا الدماغ والقلب وتثبيت التوازن.
وتؤكد العباسي أن عدم تمكن الشخص من تناول الإفطار سيعرضه أحياناً لهبوط حاد في الضغط، وشعور بالغثيان، والإعياء والتعب، وقد تجعله هذه الأعراض يشعر بالألم، وتعتقد أن الأشخاص الذين يعتقدون أنهم اعتادوا على ذلك وأن هذا الوضع طبيعي، فهم مخطئون، وأن أي وجبة سيتناولونها بعد ذلك سيقوم الجسم بتخزينها مباشرةً ويجعل عملية الأيض عكسية وتؤدي إلى زيادة الوزن.
“ضيق الوقت والاعتياد على عدم تناول الإفطار من الأسباب الرئيسية التي يتذرع بها الأشخاص الذين لا يتناولون الإفطار”، تقول العباسي، ولكن هذا لا يمنع من أنهم يجب عليهم أن يتناولوا أولا شيئا بسيطا يدعم الجسم.
ومن أبرز محتويات وجبة الإفطار، كما تبين العباسي، أن تضم مجموعة من المكونات الغذائية أبرزها البروتينات والسكر الذي يمد الجسم بالطاقة، والكربوهيدارات والألبان، ويمكن للشخص تناول الفواكه المجففة مثلاً، وبعض المكسرات، الفواكه، وبخاصة الموز الذي يحتوي على ثلاثة أنواع من السكريات التي تمد الجسم بالطاقة.
وتؤكد العباسي أن الأهل يجب أن يعودوا أبناءهم الطلبة على تناول الإفطار، فهو مهم جداً في جعلهم متيقظين ولديهم نسبة من التركيز والوعي خلال الدراسة والامتحانات على وجه التحديد، خاصة خلال هذه الفترة.
وتشدد العباسي على أن الأساس في اتباع الحميات هو التوزيع في الوجبات، وبذلك تنفي أن عدم تناول الإفطار والاستغناء عنه في وجبة واحدة خلال اليوم يؤدي إلى “تخسيس الوزن”.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews