أوبك تراهن على ارتفاع أسعار النفط أواخر 2016
تباينت توقعات وتنبؤات العديد من البنوك ومراكز الدراسات بشأن أسعار النفط في عام 2016، وكان أكثرها تشاؤماً هو السعر المعلن من مركز أبحاث بنك الاستثمار الأمريكي "جولدمان ساكس"، فيما كان أكثرها تفاؤلاً هو سعر مركز أبحاث بنك "سوسيتيه جنرال"الفرنسي، حيث توقع خبراء بنك جولدمان ساكس انخفاض سعر برميل خام برنت إلى نحو 20 دولارا وهو أقل كثيراً من تكلفة استخراج برميل النفط الصخري الأمريكي، بما يعني اضطرار الكثير من الشركات الأمريكية المنتجة للنفط "خاصة الصغيرة منها" إلى وقف إنتاجها كي تتجنب المزيد من الخسائر أو الإفلاس.
ووفقاً لبيانات بنك الاحتياط الفيدرالي بمدينة دالاس الأمريكية فقد بلغ عدد الشركات العاملة في مجال الطاقة من نفط وغاز والتي تم إشهار إفلاسها في الربع الأخير من عام 2015 عشر شركات مسجلة أعلى مستوى إفلاس بهذا القطاع في السنوات الخمس الأخيرة، ومخلفة وراءها ديوناً تزيد عن الملياري دولار وفقدان أكثر من 70 ألف وظيفة، كما أكد البنك المركزي في دالاس على أن استمرار الانخفاض في أسعار النفط سوف يزيد من عدد الشركات العاملة بقطاعي النفط والغاز التي يمكن أن تٌعلن إفلاسها خلال عام 2016.
وقد أرجع خبراء بنك جولدمان ساكس الاستثماري الأمريكي انهيار أسعار النفط في عام 2016 "من وجهة نظرهم" إلى القرار الذي اتخذته منظمة أوبك في اجتماعها الذي عقدته بمقرها بمدينة فيينا في الشهر الماضي بعدم خفض سقف إنتاجها من النفط، بل على عكس المتوقع قامت برفع سقف الإنتاج بنحو مليون برميل إضافي تحسباً لدخول الخام الإيراني والاندونيسي إلى الأسواق في هذا العام، وذلك في الوقت الذي مازال سوق النفط العالمي بعيداً عن مرحلة إعادة التوازن.
وتعود مرحلة عدم التوازن إلى تحمل الدول الكبرى المنتجة للنفط وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفنزويلا لتكاليف ضخمة في حالة خفضها لإنتاجها، مع استئناف إيران لكامل إنتاجها بعد رفع العقوبات الغربية عنها خلال الشهور القليلة المقبلة، ومواكباً لذلك انخفاض الطلب العالمي على النفط نتيجة لحالة الركود التي تسود الأسواق الناشئة وفي مقدمتها الصين، ويأتي كل ذلك في ظل تراجع أسعار النفط خلال الشهور الـ14 الأخيرة بأكثر من 60% ليدور سعر برميل خام برنت حول 37 دولارا وبرميل النفط الصخري الأمريكي حول 33 دولارا والذي يعد أدنى سعر للنفط الخام في الأحد عشر عاماً الماضية.
وإذا كان ما سبق يعبر عن وجهات النظر الأكثر تشاؤماً بشأن أسعار النفط في عام 2016، فإن هناك أراءً أخرى تمثل وجهات النظر التفاؤلية ويتزعمها خبراء ومحللو بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي الذين يتوقعون ارتفاع سعر خام برنت في الربع الأخير من هذا العام لنحو 60 دولارا للبرميل، معللين ذلك بتراجع مخزونات النفط العالمية في النصف الثاني من 2016 ويؤكدون على أن أسعار النفط المنخفضة سوف تجذب الكثير من الراغبين في زيادة مخزوناتهم النفطية مما سيزيد من الطلب العالمي على النفط ومن ثم ارتفاع سعره.
هذا وقد راهنت منظمة أوبك على ذات الأمر، مؤكدة على ارتفاع أسعار النفط في أواخر عام 2016 وأرجعت السبب في ذلك إلى انخفاض إنتاج وتصدير الدول غير الأعضاء بالمنظمة إلى أدنى المستويات وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الأمريكية ونفطها الصخري المرتفع التكلفة والتي خفضت إنتاجها بالفعل بنحو نصف مليون برميل يومياً، في الوقت الذي توقعت فيه منظمة أوبك زيادة الطلب العالمي على النفط في النصف الثاني من هذا العام.. ورغم اتفاق وكالة الطاقة الدولية مع المنظمة في هذا التحليل إلا أنها تخوفت وحذرت من خطورة تركز إمدادات النفط في يد عدد محدد من دول الشرق الأوسط منخفضة التكلفة في إنتاج النفط في ظل تزايد التوترات الجيوسياسية التي تسود المنطقة العربية.
ولقد أدى انهيار أسعار النفط إلى خفض القيمة السوقية لأسهم العديد من الشركات العاملة في هذا المجال بأكثر من تريليون دولار، كما أجبر العديد من هذه الشركات على طرح سندات عالمية بأكثر من تريليوني دولار وبعائد مرتفع جداً في ظل تصنيف ائتماني واستثماري متدن والبعض منها "غير مرغوب فيه" خاصة تلك الشركات الأمريكية الصغيرة التي تعمل في مجالي النفط والغاز الصخري والتي أصبحت غير قادرة على سداد ديونها والتي أفلس بعضها بالفعل.
وفي ظل هذه الظروف والمعطيات الصعبة التي يمر بها قطاع النفط على مستوى العالم، بدأت استثمارات صناديق الثروات السيادية الكبرى والتي تعتمد في استثماراتها الخارجية على الإيرادات النفطية إلى التراجع عن ضخ المزيد من الاستثمارات بما عمق وزاد من معاناة الأسواق العالمية، والدليل الأكبر على ذلك هو تقليص مؤسسة النقد العربي السعودية لأصولها الأجنبية في عام 2015 بما يزيد على 120 مليار دولار.
(المصدر: الشرق القطرية 2016-01-06)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews