تراجع إدراجات البورصات العالمية جراء مجموعات التكنولوجيا

أسواق الأسهم المتذبذبة ورغبة سيليكون فالي المتنامية في البقاء في الملكية الخاصة أدتا إلى انخفاض حاد في عمليات الإدراج العالمية في البورصة في عام 2015.

انخفضت حصيلة إجمالي الإدراجات الجديدة بنحو 30 في المائة، من 264 مليار دولار في عام 2014 إلى 194 مليار دولار، في الوقت الذي تراجعت فيه متانة النصف الأول القوي في النصف الثاني من 2015، وسط مخاوف من تداعيات حدوث تباطؤ في الصين.

وجاءت نقطة مضيئة من عمليات الخصخصة للشركات المملوكة للدولة، مع العرض الثلاثي من بنك اليابان بوست، وشركات التأمين والشركات القابضة، وهو ما ساعد على دفع منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى حصة نسبتها 43 في المائة في عمليات الإدراج العالمية.

جاءت كل من أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا الثانية على خلفية الحكومات التي تبيع البنك الهولندي ABN ومكتب البريد في إيطاليا. الأمريكتان تخلفتا على أساس أن واحدا فقط من الاكتتابات العامة الأولية في القارتين، وهي شركة فيرست داتا الأمريكية لتسيير معاملات الدفعات، لتحتل مرتبة من بين أكبر الشركات هذا العام.

لم تقترب أي منهما من الرقم القياسي لاكتتاب علي بابا البالغ 25 مليار دولار في عام 2014. وظروف السوق، بما في ذلك انخفاض أسعار النفط، تبين أنها ألقت بظلالها إضافة إلى العوامل الأخرى.

تقول ماري آن ديجنان، الرئيسة المشاركة لأسواق رأس المال في بنك أوف أميركا ميريل لينش: "صدمات السوق في آب (أغسطس) الماضي، كانت في واقع الأمر هي السبب وراء الانخفاض الصعب". وتضيف: "معظم ما كان يأمل وول ستريت طرحه في السوق في أشهر أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني (سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر) الماضية، تم تأجيله لعام 2016."

ومن بين الصفقات الأمريكية المتوقعة التي لم تتحقق كانت شركة البرتسونز للبقالة وشركة التجزئة نيمان ماركوس.

هناك تفاؤل حول ارتفاع حصيلة الإصدار العالمي في عام 2016، وذلك بتعزيز من أجزاء من آسيا وأوروبا، لكن الآفاق الأمريكية ليست مشرقة تماما، بعد أرقام الاكتتاب الباهتة هذا العام.

صفقات التكنولوجيا هي الورقة الرابحة. إذا كان التمويل الخاص للشركات الناشئة يجف، فإن المزيد مما يسمى وحيدات القرن -تعبير بلغة شركات التكنولوجيا الخاصة، يشير إلى الشركات التي يصل تقييمها إلى مليار دولار أو أكثر- سوف تذهب إلى الأسواق العامة.

حتى الآن، ظل أحدث محصول من أعزاء التكنولوجيا، بما في ذلك أوبر وإير بي إن بي، ثابتا في موقعه كشركات مملوكة لجهات خاصة، حيث إنها تعثر على المليارات من الدولارات في التقييمات الجذابة دون الحاجة إلى الاكتتاب العام.

في عام 2015، كان عدد شركات التكنولوجيا الأمريكية التي أدرجت في البورصة هو الأصغر منذ أعقاب الأزمة المالية في عام 2009. والشركات التي طرحت أسهمها في البورصة فعلا حققت متوسط عائد قدره 0.1 في المائة فقط، وذلك وفقا لشركة رينيسانس كابيتال، التي تتخصص في بحوث الاكتتابات الأولية والاستثمار.

أحد أكبر الأسئلة عن 2016 هو ما إذا كان هذا الاتجاه سوف ينعكس بعد ظهور مؤشرات، مثل اكتتاب شركة المدفوعات الناشئة سكوير، تفيد أن الأسواق العامة لن تدعم التقييمات العالية التي تم التوصل إليها في وقت متأخر من مرحلة جمع الأموال من القطاع الخاص. أصبحت سكوير شركة عامة بسعر تسعة دولارات للسهم الواحد، أي أقل بكثير من أكثر من 15 دولارا للسهم الذي وصلت إليه في آخر جمع للمال الخاص.

تقول السيدة ديجنان: "ما كان الناس في السوق الخاص على استعداد لدفعه قد تقارب في جوهره مع قيم الاكتتاب العام". وتضيف: "ليس هناك سبب وجيه لأن تدخل في جولة خاصة أخرى، لأنك تريد أن تكون قادرا على الاكتتاب العام عند مستويات جذابة للمستثمرين".

بشكل عام، الاكتتاب العام للشركات الأمريكية المدرجة هو الأضعف منذ عام 2009.

مع انخفاض النشاط في قطاع التكنولوجيا، هيمنت الشركات المالية على عمليات جمع الأموال العالمية في عام 2015، حيث إنها شكلت أكثر من 21 في المائة من الاكتتابات، وهي أعلى حصة للقطاع منذ عام 2008.

في أوروبا، كان الربع الأول الأكثر ازدحاما على الإطلاق، وفقا لبعض المقاييس، على النحو الذي دفعت فيه صعوبات السوق في نهاية عام 2014 الصفقات إلى 2015 ودفع برنامج التسهيل الكمي من البنك المركزي الأوروبي أسعار الأسهم إلى مستويات قياسية جديدة.

هذا تبعه صيف أكثر هدوءا في الوقت الذي كانت تناقش فيه الأسواق ما إذا كانت الحكومة اليونانية ستقبل شروط صفقة الإنقاذ، وكانت الأسواق الأوروبية قد تضررت بسبب التقلب في آب (أغسطس) الماضي.

وكما تقول فيفيان ماكلاكلان، مديرة أسواق رأس المال في برايس ووترهاوس كوبرز: "عندما تنظر إلى إجمالي حصيلة الأموال في أوروبا نجد أنها حققت زيادة قدرها 15 في المائة، والسبب الوحيد في هذه الزيادة هو أنه كان لدينا خمسة اكتتابات كبيرة رائعة في الربع الرابع".

إضافة إلى عمليات الخصخصة، شملت الصفقات الكبيرة من أوروبا تعويم شركة المدفوعات في المملكة المتحدة ويرلد باي، فضلا عن انفصال مجموعة المواد الكيميائية الألمانية كوفيسترو والفرنسية أمندي لإدارة الأصول.

في حين احتضن المستثمرون الصفقات الكبيرة، إلا أن عددا من الشركات ذات رأس المال المتوسط لم تطرح أسهمها في السوق. من بين عمليات التعويم المؤجلة هناك الشركة الفرنسية ديزر للبث الموسيقي.

جيمس رو، وهو شريك في مكتب محاماة ألين وأوفري، يقول: "عدد قليل لا بأس به من التعاملات الكبيرة والبارزة، كانت قد أُطلقت بنجاح، ولكن في نطاق الصفقات التي تبلغ قيمتها دون 300 مليون يورو، كان هناك عدد أكبر من المعاملات التي تم تأجيلها وتأخيرها".

من بين جميع أكبر مراكز جمع رأس المال، كان لهونج كونج أوضح انقسام بين النصف الأول والثاني من العام.

انتعاش الأسهم الصينية في بداية السنة أخذ كثيرا من مديري الصناديق الدولية على حين غرة. حماسهم اللاحق لهونج كونج كوكيل للبر الرئيس شجع الشركات هناك على الاستفادة من الوضع وجمع الأموال.

لم يفعل أحد ذلك أكثر مما فعله الوسطاء الصينيون الذين جمعوا معا 15 مليار دولار في حقوق المساهمين الجديدة في المدينة بحلول نهاية أيار (مايو) الماضي. وخصصوا أكثر من نصفها لمزيد من الإقراض الهامشي فى البر الرئيس، الذي مول مزيدا من الطفرة المالية من خلال الرفع المالي الذي مكنهم من الاستفادة من الأسواق في المقام الأول.

كانت هواتاي للأوراق المالية، آخر مجموعة يتم تعويمها، هي الاكتتاب الأكبر في المدينة طوال العام، حيث جمعت 4.5 مليار دولار.

انهيار سوق الأسهم الصينية في الصيف ثبط روح المغامرة لدى المستثمرين، على الرغم من أن الخريف شهد سلسلة من عمليات تعويم من الشركات المملوكة للدولة مثل شركات تشاينا ري، وتشاينا هوارونج لإدارة الأصول، وشركة الصين الدولية لرأس المال.

وبصرف النظر عن ملكيتها النهائية المشتركة من قبل بكين، عرضت الثلاثة تشابها آخر أثار قلق المستثمرين - بتخصيص أكثر من نصف المبلغ المجموع وهو 5.3 مليار دولار إلى ما يسمى كبار المستثمرين، الذين يقبلون تجميد المبلغ لمدة ستة أشهر في مقابل أن يضمن تخصيصه.

في حين أن وجود مستثمرين من ذوي الأسماء الكبيرة في نشرة إصدار يمكن أن يشجع الآخرين على المراهنة بصورة كبيرة، إلا أنه في الفترة الأخيرة تمت الهيمنة على كبار المستثمرين في هونج كونج من قبل الشركات المملوكة للدولة الأخرى - وهو ما يعني من الناحية العملية جعل شركة الصين تحدد الثمن حتى قبل أن يحظى المصرفيون بفرصة لقاء المستثمرين الآخرين.

وهناك عدد من الشركات الصينية تتطلع للإدراج في هونج كونج، ومن المتوقع أن تكون من أكبر العروض لعام 2016، بما في ذلك مصرف الصين للادخار البريدي.

وتشمل الصفقات الأوروبية في خط أنابيب بنك مترو ويليامز آند جلين. في الولايات المتحدة، من الصعب التنبؤ بتأثير عمليات أسعار الفائدة المحتملة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ولكن شركات البيرتسونز، ونيمان ماركوس وصول سايكل، سلسلة استوديوهات التدوير، هي من بين الصفقات التي تم ترحيلها من عام 2015.

تيفاني نج المحللة في رينيسانس كابيتال، تقول: "في حين كانت سوق الاكتتابات العالمية أكثر تحفظا خلال هذا العام (2015)، إلا أن الإصدارات في آسيا وأوروبا انتعشت بقوة في الربع الرابع بعد ربع ثالث بطيء للغاية، ونحن نتوقع لهذا الزخم أن يستمر ويتواصل في عام 2016.

(المصدر: فاينانشال تايمز 2016-01-04)