إيران وحرائق المنطقة في العام 2016
يشير المشهد السياسي الراهن أن عام 2016 سيكون عاما صعبا إذا ما قدر للأزمات التي تعيشها المنطقة الإستمرار ، وهو ما تؤكده المعطيات ، وعلى رأسها أزمات سوريا واليمن والعراق والاطماع الإيرانية التي تتكشف يوما بعد يوم في البحرين وغيرها ، وكنا نعتقد أن آخرها هي تصريحات نائب قائد الحرس الثوري الإيراني الذي قال الجمعة : إن نفوذ إيران لا تحدده الجغرافيا ، معددا أنصار إيران في المنطقة وهم العراق والحوثيون وحزب الله ونظام الأسد ، غير أننا طالعنا تدخلات أخرى أعلى مستوى ، وهي استدعاء السفير السعودي في طهران لوزارة الخارجية الإيرانية السبت ، احتجاجا على إعدام رجل الدين الشيعي " السعودي " نمر باقر النمر ، وحسنا فعلت الخارجية السعودية عندما ردت باستدعاء سفير إيران وإبلاغه رفض المملكة للإنتقادات الإيرانية وتحذيره من تداعياتها، ولأن الصفويين يلبسون نفس جبة وعمامة إسماعيل الصفوي فإنهم هاجموا فجر الأحد السفارة السعودية في طهران ، في عمل لا تفعله إلا عصابة على هيئة دولة .
وأحب أن أنوه ، بهذه المناسبة ، أنني - على الصعيد الشخصي - ضد تنفيذ حكم الإعدام بأي إنسان في شتى بقاع المعمورة ، إلا إن كان مفسدا في الأرض بما يعنيه الفساد والإفساد ، وهو موقف مبدئي حيال الموت والحياة ، وإن كنت - في نفس الوقت - أتفهم سياسة كل بلد وحاجاته الأساسية للردع وصيانة الأمن والحرمات بالطريقة التي يراها .
استدعاء السفير السعودي للإحتجاج صباح السبت ، ومهاجمة السفارة السعودية في طهران فجر الأحد ، عمل وخطوة مفلسة ومريضة ، تحاكي مواقف إيران السابقة من تحذير سبق وأطلقته ضد إعدام الرجل ،في تدخل سافر بالشأن السعودي الداخلي ، وحق أي بلد في الدفاع عن أمنها واستقرارها ضمن مبادئها وتشريعها ، خاصة وأن هذه الأحكام صدرت بعد سنوات من المحاكمات ومن مختلف الدرجات .
إن من مهازل القدر أن الذي احتج على إعدام النمر هو نفسه من يقوم بإعدام العشرات يوميا من أهل السنة ومن غيرهم داخل حدود الأقاليم السنية في إيران وخارجها ، وإذا كانت السعودية تكتمت على طريقة تنفيذ الأحكام فإن إيران تبث الإعدامات التي تقوم بها عبر قنواتها الرسمية وعلى الهواء ، ولم يسبق لأحد من العرب ولا غيرهم ان استدعى سفير طهران في عاصمته ليؤنبه على إعدام هؤلاء ومنهم نساء حوامل كثير منهن سقط حملهن وهن على أعواد المشانق .
وعودا على ما استهللنا به هذه العجالة ، فإن جرائم القتل التي ترتكبها طهران على أيدي ميليشياتها الإجرامية تجري على مدار الساعة في كل من اليمن وسوريا والعراق ، ولم يقف الأمر عند ذلك بل يتعداه إلى حملات تطهير مذهبي وعرقي في المناطق التي قال نائب الحرس الثوري إنها مناطق نفوذ مرشده الأعلى .
ولو فصلنا قليلا أسباب تشاؤمنا بالعام 2016 ، فإن سبب هذا التشاؤم يعود إلى أن كل أزمات المنطقة تسببت بها السياسة الأيرانية التي وصل بها الأمر أن تتدخل في قضاء الدول ، بعد أن انغمست في مؤامرات مسلحة ضد شعوب سنية تبحث عن الإستقرار والعدالة ، ولطالما اتبعت النهج السلمي ، وما سوريا واليمن والعراق عنا ببعيدة ، فالأولى نادت على مدار ستة شهور " الشعب السوري واحد " والثانية تغنت بالسلمية شهورا طويلة رغم إراقة صالح لدماء شبابها وشاباتها ، أما العراق فعام ونصف العام والجماهير تحتشد في ساحات الإحتجاج السلمي قبل أن يعتبرها المالكي مجرد " فقاعة " ويفضها بالدبابات والرصاص في الحويجة وغيرها ، ومن البداهة أن نعلم أن إيران موجودة في كل ذلك : مرة بالحوثيين ، وتارة في حزب الله والنظام ، وأخرى بميليشيات بدر وعصائب أهل الحق وحزب الله العراقي وعليه قس من ميليشيات إيرانية بزي عراقي تعدت الثلاثين ميليشيا تأتمر جميعها بأوامر الحرس الثوري ونواهيه .
عام 2016 لن يكون سعيدا على العالم السني في المنطقة والعالم ، وأصابع ألإيرانيين وصلت إلى نيجيريا ، ومن أجل كل ذلك فإني متشائم جدا طالما ان نظام الملالي في طهران يتبع نفس النهج ، وها هو بعد أن فشل وهزم في كل معاركه أذعن للروس مقابل الإستمرار في نهجه الدموي التدميري .
قلنا : إن هذا العام لن يكون سعيدا على العالم السني ، ونقول أيضا : ولا البلدان الشيعية كذلك ، وما نراه من أهوال في مختلف المناطق يؤكد بأن إيران هي من تتحمل مسؤولية إراقة أي قطرة دم سنية كانت أم شيعية في آن ، وأعني هنا الأحرار من الشيعة العرب .
إن أي متابع وأي عاقل يدرك بأن إيران هي سبب البلاء في المنطقة ، وسبب الويلات والقتل والتشريد والتهجير والتدمير ، وإن على ساسة هذا البلد الذي ابتلينا بجيرته أن ينفضوا عنهم الوهم ويدركوا بأنهم مجرد حفنة من المهووسين ترفضهم شعوب إيران ذاتها التي ابتليت هي الأخرى بنظام يمنعها من أن تلتقط أنفاسها بفعل القبضة الحديدية والحكم البوليسي الأعمى .
إن على الدول العربية والإسلامية أن تتنبه إلى حقيقة لو أغفلتها فستضيع ويصبح نفوذ الفرس وملالي طهران حقيقة واقعة ليس بالإمكان تحديها أو مواجهتها : وهي أن التصدي للمد الصفوي بات لزاما على الجميع من أجل هذا الجميع ، وبدون إدراك هذه الحقيقة فإن عام 2016 واعوام 17 و18 و19 إلى آخر السلسلة ستكون مؤلمة أكثر ، وقاسية أكثر ، ومفجعة وطاحنة أكثر .
وفي المقابل ، فقد فات معممو قم وطهران أن " السُّنة " في هذه المنطقة والعالم ليسوا طائفة ، وليسوا "مكونا " كما يحاول إعلام الملالي ترسيخه في أدبيات إعلامهم ونشرات أخبارهم الذاتية والحليفة ، بل هم الأصل والمنبع ، والأغلبية الساحقة الماحقة ، وإن على الأقلية أن تكون عاقلة ليتسنى لها العيش الكريم في عالم إسلامي كان كريما جدا معها وتركها قرونا طويلة تعيش بين ظهرانيه بدون اجتثاث وبدون إقصاء ديني ومذهبي كما يفعل الصفويون الآن ، أولئك الذين يحرصون على أن لا يكون في طهران مسجد سني واحد .
هل يدرك الإيرانيون ذلك ؟؟ .
مستحيل ، طالما أن نظام ولاية الفقيه لا زال في القرن الحادي والعشرين يمنع ملايين الإيرانيين من استخدام الواتس اب .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews