Date : 23,11,2024, Time : 08:13:18 PM
4523 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأربعاء 18 ربيع الأول 1437هـ - 30 ديسمبر 2015م 02:06 ص

بين عامي 2015 - 2016

بين عامي 2015 - 2016
عبد المنعم سعيد

التاريخ ليس مثل الجغرافيا حتى ولو كان عاكسًا لتفاعلها مع الزمن، الفارق هو أنه لا توجد خطوط فاصلة مثل تلك الواقعة بين الدول، أو بين البر والبحر، أو السماء والأرض. بشكل ما فإنه لا يوجد معنى للانتقال من عام إلى عام تالٍ، ولا يوجد ما يبرر حتى الاحتفال بهذه المناسبة. ولكن خطوط الزمن مع ذلك واقعة، ويجري الاحتفاء بها في أعياد الميلاد، والمناسبات الوطنية، وفي أحيان يكون مفيدًا في جعل الحقب والفترات المختلفة ممكنة الدراسة والفهم، بل وتوليد اتجاهات تستمر معنا لزمن طال أو قصر، أو نشهد نهايتها.
الأمر كذلك اليوم على ذلك الخط الفاصل بين عام 2015 وآخر 2016، فربما تكون دقات منتصف الليل لا تعني كثيرا، لكنها تفرض التساؤل عما استمر من عام وما بقي منه، والأكثر صعوبة التساؤل عما تكون عليه الحال والمآل في العالم التالي.
في الأزمنة القديمة كانت للأمور من صراعات وتنافسات وحتى تعاون ووحدة لها دائما أول وآخر، ولذلك كان تساؤل الاستراتيجية الأعظم هو عما يسمى «اليوم التالي» الذي لا يكون في العادة يومًا، فربما كان مرحلة، أو لا يوجد على الإطلاق، ما دام أن الدمار وصل إلى حد لا تشرق بعده شمس، ولا يضيء فيه قمر. وحالة الشرق الأوسط، أو الشرق العربي إذا شئنا الدقة، تقف على حافة هذه المرحلة، فربما لا يكون هناك «يوم تالٍ» لصراعات المنطقة التي احتدمت وتعددت وانتشرت. وبدلا من أن يكون هدف المنطقة البحث عن التنمية المستدامة، فإنه يكون النظر في حالة عدم الاستقرار المستدام أو الصراع الدائم. هناك حالات في المنطقة، لا يبدو أنها قابلة للخروج إلى حالة تالية مثل الصومال وأفغانستان، والعراق بحالته الراهنة، وما استقر عليه من أوضاع دستورية بعد الاحتلال الأميركي لا يجعله قادرًا على الخروج من تلك الحلقة المفرغة من عدم الاستقرار والعنف الذي يغذي ذاته، سواء ذهب عام أو جاء آخر، أو حتى إذا انقضى عقد، وما ورد بعده لم يعد يعني كثيرًا.
ومع ذلك فإن التشاؤم ليس من سيم احتفالات رأس السنة، فهناك ما تولد إيجابيا خلال عام 2015، وقد يقدر له أن يجد تدعيما ونجاحا أكبر خلال عام 2016. ربما تكون البداية متحيزة إلى بلدي مصر التي يمكن القول إنها في العام المنصرم، ومع انتخابات مجلس النواب الأخيرة، قد خرجت من عهد الثورات إلى بداية عهد الاستقرار. لا يزال الأمن مهددًا، نعم، ولا يزال الاقتصاد هشا، بالتأكيد، وما زالت حرارة البلد أعلى مما كانت عليه قبل عقد مضى، ولكن الحقيقة أيضًا أن المقارنة بعامي 2013 - 2014 تشير إلى فارق كبير، وإلى تفاؤل بمستقبل أفضل خلال عام 2016. وعندما يستعيد ربع سكان العالم العربي عافيتهم فلا شك أن في ذلك منعطفًا للخروج من أحوال تعيسة تلم بالمنطقة كلها.
ومع ذلك فإن الأحوال التعيسة رغم تفاقمها في الدول العربية الفاشلة، وما أدت إليه من توسع في مقدرات الإرهاب، ودولة «داعش» في الرقة والموصل، وتدفق اللاجئين والنازحين في كل منطقة الهلال الخصيب، فإن عام 2015 لم ينقض دون بعض من التطورات الإيجابية. فلأول مرة بات هناك إطار لتسوية أزمات المنطقة الكبرى في سوريا واليمن وليبيا، وأن هذا الإطار تم إقراره من قبل الأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. كذلك فإن إدراك حقيقة أن العالم يعيش حربًا عالمية ثالثة ضد الإرهاب قد بات حقيقة سياسية وعسكرية أيضًا، ومع كل مثالب التدخل الروسي في سوريا فإنه وفر عالمية الصراع، ومنع «الفيتو» الروسي في مجلس الأمن، وبقدر ما أن التنافس ذائع بين الأطراف المختلفة فإن التعاون شائع. وهنا لا يمكن إغفال أن الدول العربية، وفي المقدمة منها السعودية، أصبحت فاعلة في إدارة الأزمات المستحكمة ليس فقط دبلوماسيًا وسياسيًا، وإنما أيضًا عسكريًا، بل إنها أحيانًا تتحمل العبء الأكبر في هذا الأمر كما هي الحال في اليمن.
هذه التطورات التي جرت كلها في 2015 توجد لها فرصة معقولة للتطور الإيجابي خلال عام 2016، بمعنى أنها يمكن أن تتطور إلى تحقيق نجاحات حتى ولو كانت جزئية، أو تخفيفًا للعبء الإنساني لهذه الصراعات. ومع قدر من المغامرة في التنبؤ، فإن العام المقبل قد يشهد نهاية دولة «داعش»، حتى ولو لم يشهد نهاية الظاهرة «الداعشية» التي من الأرجح أنها سوف تستمر معنا لعديد من أعياد الميلاد في مقبل الأعوام.
خسارة «داعش» وأمثالها من المنظمات الإرهابية لن تكون فيها ضربات قاضية، ولكن القضم في قدراتها، ودعايتها، وزهوها، سوف يكون ممكنا في «دولة الخلافة» المزعومة، وفي سيناء، وكما هو جارٍ الآن في نيجيريا من تراجع لها، وكل ذلك يعني أنها تتقلص وتنحسر في الإطار الاستراتيجي الواسع في أفريقيا والشام. على أي الأحوال فإن بناء ما خلفته «داعش» من ركام قد يستمر حتى عام 2017 أو حتى نهاية العقد الحالي، ولكن تراجع الظاهرة بدأ، ولكل أمر في هذا الظلام نهاية.
العام المقبل إذن هو عام «النضج» سواء للتجربة المصرية، أو حالة الصراع في المنطقة في طريقها إلى التسوية، لكنه من ناحية أخرى سوف يكون عام الاختبار الكبير. فقد كان عام 2015 هو الذي شهد الانخفاض الحاد في أسعار النفط، ويبدو أن عام 2016 قد يكون عام الانهيار في هذه الأسعار. وبعد أن كان الظن لدى كل المتابعين لحالة النفط في العالم، بمن فيهم كاتب السطور، أن المتوسط العام لأسعار النفط سوف يكون في حدود 63 دولارًا للبرميل. الواقع لم يكن كذلك، ومرة أخرى ثبت أن السلعة غير قابلة للتنبؤ الدقيق، نظرا لتعدد المتغيرات، فصارت 36 دولارا للبرميل، وهو ما ينتظر - وفقا للتقديرات الذائعة الآن - التدهور إلى العشرينات من الأسعار.
أيا كان الأمر بين التفاؤل والتشاؤم، وهو ما يمكن تناوله في مقال آخر، فإن حالة الأسعار سوف تكون في اتجاه تراجعي يشكل ضغطا على الدول العربية المنتجة للنفط. ولكن الأمر ليس كله شرًا، فتراجع السعر سوف يقلل من الضغوط على الدول العربية المستوردة للنفط، كما أنه سوف يجعل المعونات العربية - السعودية والإماراتية تحديدا - لمصر أقل تكلفة. والأكثر أهمية من كل ذلك أن درسا إضافيا سوف تتلقنه الدول العربية أنه إذا كانت كل الدول المستهلكة للنفط قد عملت ما في وسعها للاعتماد على النفط العربي، فربما آن الأوان لكي تتخلص الدول العربية المنتجة من هذا الاعتماد وتلك التبعية. على أي الأحوال فإنه عندما تدق ساعات منتصف الليل إيذانا بنهاية عام وبدء آخر، فربما نتذكر ساعتها أن الزمن لا يعمل لصالح إنسان أو دولة أو أمة، لكنه يعمل لمن يعرف كيف يستغله وينتهز ما فيه من فرص. وكل عام وأنتم جميعا بخير وسلام.

(المصدر: الشرق الأوسط 2015-12-30)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد