رفع حظر صادرات الخام الأمريكي
فرض مجلس الشيوخ الأمريكي حظرا على صادرات النفط الخام الأمريكي منذ أكثر من 40 عاما، وذلك في أعقاب حظر العرب صادراتهم النفطية إلى الولايات المتحدة في عام 1973م. تسبب الحظر النفطي في حرمان مصدري ومنتجي النفط الخام الأمريكيين من تحقيق أرباح فروقات الأسعار بين الأسواق المحلية ومعظم أسواق العالم. ولم يكن الحظر شاملا كل دول العالم كما يعتقد، ولكن تم السماح ببعض الاستثناءات كالتصدير لكندا أو صادرات النفط المنتج في ألاسكا. وكانت صادرات الولايات المتحدة منخفضة عندما فرض الحظر ولم يتأثر مستوى الصادرات لفترة طويلة، نظرا للاستثناءات الموجودة في قرار الحظر، وضخامة الاستهلاك المحلي الأمريكي. ولهذا فإن القرار كان بشكل أساس سياسيا لأكثر من 30 عاما، ولم ينتج عنه آثار اقتصادية ملموسة. وعلى الرغم من حظر صادرات النفط الخام الأمريكي إلا أن حجمها أخذ في الارتفاع منذ عام 2005م، بسبب الاستثناءات التي تضمنتها التشريعات الأمريكية. ووصل المتوسط الشهري لصادرات النفط الخام الأمريكية إلى نحو 586 ألف برميل في اليوم في شهر أبريل 2015م، وهو أعلى مستوى حتى الآن. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط الصادرات في عام 2015م نحو نصف مليون برميل يوميا. وقد أدى حظر صادرات النفط الأمريكية في السنوات القليلة الماضية إلى خفض محدود في المعروض عالميا من النفط الخام وعزل بشكل جزئي أسواق النفط الخام الأمريكي عن الأسواق العالمية، ما تسبب مع مرور الوقت في بطء تفاعل أسعار النفط الخام الأمريكي مع الأسعار العالمية وزاد من الفروقات السعرية بين النفوط الأمريكية وباقي نفوط العالم.
طالب عديد من منتجي ومصدري النفط الخام الأمريكي برفع الحظر عن الصادرات النفطية، ولكن مجلس الشيوخ الأمريكي تجنب رفع الحظر بسبب تراجع إنتاج النفط الأمريكي لفترة طويلة من الزمن. عادت معدلات إنتاج النفط الأمريكي إلى الارتفاع بعد ثورة النفط الصخري وبدأ منتجو النفط الخام يلحون على ضرورة رفع حظر التصدير. لم يجرؤ المشرعون الأمريكيون على رفع الحظر عن صادرات النفط الأمريكية بسبب ارتفاع أسعار النفط وإمكانية تضرر المستهلكين من رفع حظر الصادرات. أدى تراجع أسعار النفط العالمي الكبير، والتخمة في إمدادات النفط الخام، ومعاناة المنتجين الأمريكيين من تراجع أسعار النفوط الأمريكية مقارنة بالأسعار العالمية إلى رفع الحظر أخيرا عن صادرات النفط الخام الأمريكي. نتيجة لذلك سيقود السماح بتصدير النفط الخام الأمريكي-من الناحية النظرية- إلى فتح المجال لاستغلال الفرص المتاحة في الأسواق العالمية ما سيرفع أسعار النفط الخام الأمريكي داخل الولايات المتحدة وقد يتسبب في خفض ضئيل لأسعار النفوط العالمية وخصوصا الخفيف منها.
عموما ليس من المتوقع أن يقود رفع الحظر إلى تأثيرات قوية على أسواق النفط الأمريكية والعالمية في الأمد القصير، ولكن ستكون له آثار ملموسة على الأمد الطويل. وكانت أسعار النفوط الأمريكية الخفيفة تعاني فروقات أسعار سلبية مقارنة بأسعار برنت. وتشير آخر التطورات في أسواق النفط إلى تقلص فروقات أسعار النفط بين خامي غرب تكساس وخام برنت وتحقيقها بعض المكاسب بعد قرار رفع الحظر، ما سيصب في مصلحة صناعة النفط الأمريكية. من ناحيةٍ أخرى استفادة قطاع تكرير النفط الأمريكي من حظر صادرات النفط الخام الأمريكي، بسبب زيادة الفروقات بين أسعار الخامات الأمريكية والخامات العالمية ما رفع مستويات إنتاج القطاع وأرباحه في الأعوام القليلة الماضية. وازدادت أنشطة تصدير المنتجات النفطية الأمريكية خلال السنوات الست الماضية بأكثر من ثلاثة ملايين برميل في اليوم، ما ولد كثيرا من الأرباح والوظائف في قطاع التكرير الأمريكي. ومن المتوقع أن تتراجع مستويات الأرباح في قطاع تكرير النفط بعد رفع الحظر عن التصدير وتراجع فروقات أسعار الخامات الأمريكية مع أسعار برنت، وقد تغلق بعض مصافي النفط الأمريكية.
سيوسع رفع الحظر عن تصدير النفط الخام من فرص منتجيه ومصدريه الأمريكيين على الأمد الطويل، ما سيكون له بعض الآثار الإيجابية على أنشطة إنتاج النفط الخام طويلة الأجل. وفي المقابل فإن بعض منتجي النفط الخام الأمريكي البعيدين عن السواحل الرئيسة لن يستفيدوا كثيرا من رفع الحظر، بسبب تكاليف الشحن المرتفعة بالقطارات، ولهذا سيضطرون إما للاستمرار في تقديم حسومات سعرية للمصافي شرقي الولايات المتحدة أو خسارة بعض حصصهم السوقية لواردات الخام الخفيف من الدول الأخرى. ولا يتوقع معظم المختصين أن يؤدي رفع الحظر عن صادرات النفط الأمريكية إلى رفع قوي في مستواها، حيث تشير معظم التوقعات إلى أن صادرات النفط الأمريكية قد ترتفع بأقل من 200 ألف برميل في السنوات القليلة المقبلة. من جهةٍ أخرى فإن تحسن أسعار النفط الخام العالمية سيقود بلا شك إلى تشجيع المنتجين الأمريكيين على زيادة إنتاجهم، ولو عاودت الأسعار الارتفاع إلى مستويات عالية فإن حجم صادرات النفط الخام الأمريكية سيرتفع بأكثر من ذلك بكثير.
(المصدر: الاقتصادية 2015-12-27)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews