اغتيال زهران علوش وتحرير الرمادي
"1"
اغتيال زهران علوش
لا يختلف اثنان أن اغتيال زهران علوش ، زعيم جيش الإسلام ، كان رسالة قوية من روسيا للاعبين العرب وغيرهم في الأزمة السورية ، فحواها : أن كل اتفاق خارج الولاية ، أو على الأقل ، الموافقة الروسية ، لن يمر ، سواء بتشكيل وفد المعارضة للمفاوضات ، أو تصنيف الفصائل خارج إطار الرغبة الروسية .
نقول ذلك رغم إصرار النظام أن طائراته هي التي نفذت الهجوم ، وإصرار مراسلين مستقلين بأن الطائرات التي قصفت الموكب كانت روسية ، والنتيجة واحدة .
وأيا كان الأمر ، فمخطئ من يعتقد بأن أي خطوة تتخذها روسيا ، سواء برفض لائحة الفصائل المصنفة على أنها " إرهابية " أو إصرارها على تسمية أشخاص بعينهم من أمثال هيثم مناع وصالح مسلم وغيرهما ، وإناطة كامل الأمر بـ"دي ميستورا " ، سيكون بالإمكان التراجع عنه والأسباب واضحة : هي أن مواقف موسكو إجمالا بخصوص الأزمة السورية تم حسمه مع واشنطن واتفق عليه في قرار أممي ، مما يعني بأن كل ما يتمخض عن أي أمر خارج هذا القرار ليس سوى حبر على ورق ، بما فيه تشكيل وفد المعارضة للمفاوضات مع النظام .
كل هذا ينبئ بأن هناك قنابل موقوتة في طريق العملية السياسية في سوريا ، أبرزها أن الروس لا يريدون معارضة موحدة أبدا .
ماذا يعني كل هذا ؟ .
يعني أن النظام في جنيف سيجلس مع نفسه ! .
***
"2"
تحرير الرمادي
تتواتر المعلومات الواردة من الرمادي ، بأن سياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها الحكومة العراقية ، واستخدامها القوة المفرطة ، هي المعيار الذي أريد للجيش العراقي أن يقاس به بطشه وجبروته المدجج بكل انواع الأعتدة والدعم اللوجستي والجوي ضد المدنيين المحاصرين في الرمادي : بين براثن داعش من جهة ، وبين حمم الصواريخ والقذائف والقنابل الحكومية ، ناهيك عن الطائرات الأمريكية ، ومن خلف هؤلاء جميعا الميليشيات الشيعية التي تنصب الكمائن خارج المدينة لاصطياد كل من يتمكن من الهرب من جهة أخرى .
فارون من الرمادي أفادوا بأن مئات العائلات محاصرة ، وبعضها تحت الأنقاض ، وأسلوب " السجادة " الذي استخدمه الروس في غروزني بُدئ بتطبيقه منذ إعلان الحكومة عن عملية تحرير الرمادي الراهنة ، حيث فشلت كل المحاولات التي سبقت هذه الأخيرة ، ومني خلالها الجيش وما يطلق عليهم " الصحوات " بهزائم قاسية اعترفت بها قيادات عراقية وأمريكية .
المطلوب الآن تحرير الرمادي بأي ثمن ، هذا هو لسان حال المعارك في المدينة التي يتحصن فيها وفق قادة عسكريين أمريكيين ما يقرب من 250 مقاتلا من تنظيم داعش يخوضون حرب شوارع وأنفاق وألغام ، بينما تقول تقارير : إن القوات العراقية حشدت عبر كل المحاور الآلاف من المقاتلين ، بمن في ذلك ما ينوف عن ألفي مقاتل ممن يعرفون بـ " الصحوات " .
مجريات تنبئ بأن القوات الحكومية ، والقيادة الأمريكية التي تحركها ، مصرون على تحرير الرمادي من التنظيم الإرهابي حتى لو كان الثمن هدم كل بيوت المدينة وصروحها المدنية وغير المدنية ، ولكن الحقيقة المرة : هي أن المدنيين ومئات العائلات الذين اتخذهم داعش رهائن ، لا بواكي لهم لسبب بسيط لم يعد خافيا على أحد ، وهو أنهم " سنة " .
كيف تشن حرب ضروس براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة والطائرات السمتية والثابتة الجناح على مدينة يقطن فيها مئات العائلات ، أي آلاف من النساء والأطفال والشيوخ ؟ .
إنهم يريدون نصرا على مدينة سنية لها رمزيتها الأقل من الفلوجة ، نعم ، ولكنها في النهاية عاصمة الأنبار ، مدينة اختطفها إرهابيو داعش وذهبت بجريرتهم إلى الجحيم ، ولكن ماذا بعد ؟ .
بعد الرمادي وتكريت وبيجي سيتم استهداف الفلوجة ، والقائم ، وغيرهما ، ومن ثم الرقة ودير الزور والموصل وسواها من المدن التي بات بعضها أثرا بعد عين ، وبعضها الآخر ينتظر .
لقد كان بالإمكان الإنتصار على داعش خلال أسابيع ، لو كانت هناك إرادة حقيقية من قبل الدول العظمى ،ولكن الذي جرى ويجري منذ دخول تنظيم البغدادي الموصل يشي بأن الأمر أكبر من داعش ، بل ومن قدرات المنطقة بأسرها :
إنه التقسيم :
خرائط جديدة ودول ودويلات وحكم ذاتي وكانتونات وقواعد ومراكز نفوذ ؟ .
أين يحدث كل هذا ؟
في البلاد السنية فقط !.
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews