تصفية سمير قنطار رسالة لكل من يحاول ممارسة الارهاب ضد اسرائيل

كل اسرائيلي عرف الارهابي القاتل سمير القنطار شخصيا قال إن الحديث يدور عن مجنون حقيقي. سيرة المخرب إبن الطائفة الدرزية تشير الى وجود شخصية انتهازية تبحث عن آفاق للقتل. من اجل الحصول على تذكرة دخول الى نادي أبطال السلطة الفلسطينية قام قنطار بقتل شرطيين واثنين من عائلة هران في 1979 وحطم جمجمة عنات هران إبنة الاربع سنوات بسلاحه. وقبل قتله قام بتخطيط وتنفيذ العمليات ضد اسرائيل، ومؤخرا حظي باللقب الفلسطيني “شهيد” – تماما مثل الذين يحملون السكاكين والذين يدهسون والذين يطلقون النار وباقي المخربين الذين تقتلهم اسرائيل.
عمليات القتل الاولى لقنطار لم تجعله غير قادر على النوم، بل العكس. فقد ازداد سمنة في السجن الاسرائيلي واستكمل دراسته الاكاديمية. وحينما تم اطلاق سراحه في صفقة التبادل مع حزب الله تزوج من فتاة شيعية وترك الزوجة الفلسطينية التي تزوجها في السجن. وفي نفس الوقت ترك الطائفة الدرزية وانضم الى حزب الله وفتح مسيرة ارهابية جديدة أنهاها في قبره كشخص شيعي.
قنطار كان من المرتزقة حيث تحول في حياته ومماته الى شهيد وبطل بالنسبة للفلسطينيين. وعمل في خدمة ايران وحزب الله من اجل الرئيس السوري القاتل بشار الاسد وقُتل في عملية عسكرية في جرمانة في دمشق. وحزب الله يتهم اسرائيل بعملية القتل.
قائمة طويلة وفظيعة
يبدو أنه منذ تجند في جيل 16 سنة في صفوف جبهة التحرير الفلسطينية، تطور بقفزات الى أعلى بسبب انجازاته المحدودة وسلوكه الاشكالي. وفي السياق ارتفع درجة وانضم الى الايرانيين في محاولة لخلق جبهة ارهاب اخرى ضد اسرائيل في هضبة الجولان. منذ اطلاق سراحه وحتى تصفيته تحول قنطار الى رمز. امين عام حزب الله حسن نصر الله أدى التحية لـ “بطل فلسطين اللبناني”، كما قال، وضم جريمة قتله الى قائمة طويلة يتهم فيها حزب الله اسرائيل، ووعد بأن يكون الرد في “المكان والزمان المناسبين”. وبدون قائمة كهذه فان حزب الله سينفذ العمليات كلما استطاع. لكن يبدو أن تورطه في سوريا سيدفعه الى الرد خارج الساحة السورية واللبنانية.
في أعقاب التصفية أصدر الجناح السياسي لجبهة النضال الشعبي بيان عزاء أعلن فيه أن القتل هو جريمة ضد المقاومين. “دم الشهداء لن يذهب سدى، وهذه الجريمة ستزيد من تصميم المقاتلين والعدو سيدفع ثمن جرائمه”. حسب رموز الجبهة فان محاولات العدو اليائسة لالحاق الضرر بالمقاومة واستغلال ظروف الحرب وتأييد الارهاب في سوريا لن تضمن له الاستقرار كما يحاول أن يخدع نفسه. يقول البيان إنه كلما تصاعد العنف الاسرائيلي كلما تصاعد النضال ضد الاحتلال – وبكل ثمن.
موجات من التشكك
بعد موت القنطار قدمت طليقته تعريفا لافتا لافعاله حينما قالت إن المخرب “لم يحارب ضد اسرائيل بل حارب الشعب السوري والفلسطيني”. ليس صدفة أن الحركات الاسلامية الراديكالية السنية تفاخرت بموت اعداء السوريين، لكن سخرية القدر: رموز السلطة بالذات يعتبرون هذا الارهابي الذي عمل الى جانب ايران وحزب الله والاسد هو نموذج يحتذى كمقاتل وشهيد. وليس صدفة أنه في ظل قتل قنطار تقوم السلطة بحملة كاذبة تقول إن اسرائيل تقتل الفلسطينيين الابرياء في الشوارع. السيناريو القديم والمثالي للسجن، معالجة الاسنان، والتقاعد للعائلات والتقدير كأسير محرر – كل ذلك تشوش. ضحايا الارهاب يقتلون الارهابيين في ساحة الارهاب نفسها.
المحرر الرئيس لوكالة الانباء الفلسطينية “معا”، د. ناصر اللحام، يزعم أن تصفية قنطار أثارت في اوساط المثقفين الفلسطينيين الشكوك تجاه روسيا. منذ اسقاط الطائرة الروسية على ايدي الاتراك تعهدت روسيا بأن تكون سماء سوريا مثل سماء موسكو. كيف اذا سمح الروس للاسرائيليين بتنفيذ قتل سياسي في دمشق بدون رد سوري، روسي أو عربي؟.
د. ناصر اللحام يؤمن أن اسرائيل تسمح لنفسها بأن تفعل في العواصم العربية أكثر مما تفعله في مناطق السلطة الفلسطينية، لكن اولئك الذين ينتقدونها هناك لا يسألون كيف تلحق الضرر بالسودان ولبنان وسوريا. إنه يشعر أن اسرائيل انحرفت في سلوكها “الحيواني” وهي تسمح لنفسها بأن تقصف وتقتل كما تشاء. وهذه الجرائم تخلق حسب قوله جيل عربي خلال الـ 30 سنة القادمة أمله الوحيد هو قصف تل ابيب. اقوال مشابهة قالها نشطاء الحزب الشيوعي الاسرائيلي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.
يمكن تفهم هؤلاء المتحدثين – على افتراض أننا نتفق مع نظرية “لو كنت فلسطينيا لكنت ارهابيا”. لكن الحقيقة هي أنه خلافا لما يحدث عندنا، فان أعداءنا ليسوا وكلاء تأثير تم تجنيدهم لالحاق الضرر بسياسة حكومتهم المنتخبة أو من اجل تشويه صورتها في العالم. إنهم لا يحطمون الصمت خدمة لدول وأجندات اجنبية بل مؤيدين متعطشين للارهاب الفلسطيني انطلاقا من الايمان بعدالته. يا للفرق الكبير والمحزن.
الاسرائيليون الذين يناضلون من اجل وجود الدولة في هذه المنطقة الدموية يضطرون الى تبني بعض قيم البقاء التي تسمح للاقليات العيش بشكل معقول في بحر القتل والارهاب المحيط. بهذه الروح فان قتل قنطار هو تحقيق للمثل البدوي الذي يقول “بعد اربعين سنة انتقم البدوي وقال لقد تعجلت”.
انتظر قنطار موته. وقتله في سوريا قد يكون رسالة للسلطة الفلسطينية ومخربي حماس وكل ارهابي آخر – هذا اذا تم القتل على أيدي اسرائيل، كما يُقال وكما يتهمها حزب الله – بالنسبة للقدرة العسكرية الاسرائيلية وقدرتها على الاحتمال والاستخبارات ودقة السلاح. كل ذلك يمنح الذراع الطويلة للجيش الاسرائيلي قوة ردع غير مسبوقة. إن قتل قنطار المتأخر في ذروة العمليات الارهابية ضدنا هو رسالة للقتلة الفلسطينيين (بما في ذلك المحررين في صفقة شليط) وهي أن تصفية الحساب تشمل الانتقام ايضا – هذا أمر مشروع لا سيما اذا عاد المجرم الى افعاله.